Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عبوس وضمور بعضلات الوجه, وشعور بالكسل والملل الممزوج بالإحباط, تلك هي الملامح والمشاعر التي أضحت تنتاب كثيراً من النساء السعوديات حال تسلمهم بطاقة دعوة لحفل زواج أو رسالة جوال تدعوهم لمناسبة أخرى.

التكلف المبالغ فيه والأموال التي يجب أن تضخ في هذا اليوم, والمشاريع التي يجب أن تلغى أو تؤجل لتزامنها مع الحدث خلقت حالة عامة من النفور من المناسبات الاجتماعية التي أصبحت عبئاً لابد منه.

ذلك أن تلك المبالغ الطائلة التي ستسلم لمصففة الشعر والمكياج بالإضافة للمبلغ الذي دفع للفستان والمجوهرات التي سترفق معه إلى جانب الحقيبة المناسبة والحذاء الأنسب, قد شكل مصدر ثقل نفسي ومادي لا تتحمله أكتاف النساء أو أزواجهن مع ضغوط الحياة المتزايدة؛ خصوصا حين تتجاوز عدد مناسبات الزواج أصابع اليدين خلال مواسم حفلات الزواج.

الأمر لا يتعلق بالأعراس فقط، إنما أصبح هناك بذخ اجتماعي متزايد وتنافس حاد على نثر الأموال على كافة الحفلات ابتداء من الخطوبة وصولاً إلى الزواج وانتهاء بالولادة وحفلات ميلاد الأطفال. الكل يسعى لكسر رقم قياسي جديد بتبذير الأموال وصرفها حين يتم البحث عن الأغلى والأثمن والأندر.

ولعل الرجال لا يعلمون لحد الآن عن ماذا أتحدث، ويعتقدون أني أبالغ كثيرا بوصفي لتلك المناسبات.. ولكني أحرص اليوم على مشاركتكم بعض التفاصيل لحفلات الأعراس في السعودية.

منذ دخولك لإحدى القاعات التي تقام بها مراسم الزواج ستلاحظ ضخامة الديكورات التي قد استغرق بناؤها ونقلها أياما خصيصاً لهذا الحفل، ونفذت بعدما خطرت على بال بنات أفكار المصمم اللبناني أو غيره, بعد الدخول سيتم تقديم واجب الضيافة بجبال من الشوكولاته وأطنان من المعجنات وسيول من العصائر والمشروبات الساخنة, وستستمتع أذنيك بطرب صاخب وذي شعبية في الخليج بمطربة تعرف «بالطقاقة» تضرب على الدفوف وتمتعك بأغاني صاخبة تأخذ مقابلها عشرات آلاف الريالات في حرب شرسة بينها وبين منافساتها على الساحة, ممن يجدون لهم جمهورا مستعدا أن يدفع كل يوم أكثر مقابل أن يتم حجزها، وحين نصل إلى قاعة العشاء بانتظارك أطناناً من الرز واللحم وغيرها من المأكولات التي تكفي لإطعام قطيع لا ينتهي من الأغنام الجائعة, ولو حفظ لأطعم قرية على مدى شهر كامل، وكل ذلك ليعكس حفاوة دعاة الحفل لك, هؤلاء الذين يبتسمون في الظاهر ويلعنون هذه المناسبات الاجتماعية ألف مرة في داخلهم.

جميل أن تقابل المدعو بكل هذا الترحاب وتشعره أن كل تلك الأموال بذلت لأجل سواد عيونه، ومثل ما يقال» لجل عين تكرم مدينة» ولكني أحزن حين أعلم أن أغلب الحاضرين لم تعد تسعدهم تلك المناسبات، كما كانت تفعل سابقاً، بل إنها أصبحت همَّا وعبئاً نفسيا، بل ووعد نقطعه للآخرين أننا سنبادلهم بذات الترف حين ندعوهم إلى مناسباتنا.

في الماضي حين كان يقابل الداعون أحبابهم بابتسامة نابعة من القلب والروح، و»بدلة» قهوة وصحن تمر وولائم من الحب والعفوية والبساطة التي جعلت الناس يتلهفون لتلك المناسبات، ويتوقون لملاقاة أحبابهم في جو صادق بعيد عن التكلف.

التغني بالماضي وانتقاد الحاضر بحلوه ومره ليس من هواياتي.. ولكن واقعنا اليوم مؤلم حين صرنا نحاول إرضاء المجتمع قبل أنفسنا, ودفع مبالغ فلكية لدخول في نادي المظاهر المادية رغما عنا, ويا ليتنا بعد كل هذا الصرف نشعر بالرضا والسعادة ونرضي المدعوين، بل العكس هو ما يحدث غالباً.

لست ضد الفرح وإكرام الضيوف وتقدير حضورهم وتلبيتهم الدعوة والبذل بسخاء لإسعادهم وإكرامهم لكنني مع التوازن في العطاء, مع والكرم دون تبذير وإسراف ولا مسؤولية تفقد المناسبات فرحتها وقيمتها الأصلية.

إن الله أوجد المال بسخاء في حياة الأثرياء في المملكة اختباراً لهم قبل أي شيء: هل ستنسيهم هذه الثروة وصايا الله وأوامره حين قال جل جلاله: (لا تجعل يدك مغلولة إلا عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراًً) أو حين قال سبحانه: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} آيات يجب أن نتذكرها دوما لنحيا بتوازن وتقدير أكبر للنعم العظيمة التي تكبر كل يوم حولنا.

نبض الضمير:

(المبذر أسوأ من البخيل, لأنه ينفق ماله ومال غيره)

Twitter:@lubnaalkhamis
 

ربيع الكلمة
أفراحنا لم تعد تفرحنا!
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة