Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

السلطةُ والمثقَّفون.. عمّ يتفَاوضُون
ياسر حجازي

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في أيّ لقاءِ شراكةٍ بين طرفين يستقوي أحدهم على الآخر فارضاً رؤاه وشروطه، ولا مُبالياً بخطاب الطرف الآخر، فإنّ تحقيق الشراكة الحقيقيّة بينهما مشكوك فيه؛ كما أنّ مخرجاته -إن وجدتْ- ربّما لم تكن تتطلّب اجتماعاً إلاّ رغبة من (الأقوى) أن يظهر راعياً لقيمة المشاركة؛ فكيف إن كان أحد الطرفين (سلطة) والمقابل هم (مثقّفون). وبديهيّاً لكلّ (سلطة) أهدافها من وراء أيّ لقاء، وهي تسعى لضبط مخرجاته خدمةً لأجندتها، أو تقويضاً في حدود توقّعاتها؛ بينما الطرف المقابل في (ملتقى المثقّفين) أفراد شتّى، لا يجمعهم رأسٌ، لا تُلهمهم أهدافُ، شيعٌ مُتناحرةٌ من أدباء، مثقّفين، تشكيليّن، أكاديميّن، فلله كيف يلتقي الجمعان!!!

رُبّما نُدرك -تخميناً- ما تُريده السلطة من الملتقى، أمّا ما يُريده المثقّفون (الفرادى)، فيصعب التخمين به لغياب الأجندة والتفاوض عن ذهنيتهم (الفردانيّة)!! يحضرون دون غايات متّفق عليها، وغيابُ الغايات التفاوضيّة عن حاضري الملتقى يجرّده من قيمته، ويجعل المثقّفين/الحضور مجرّد شهود لعرس بين السلطة والثقافة. خيبة ذاك لا تعدو المحاضرات إلاّ استعراضا خطابيّا لقدرة المثقّفين على لوك الكلام وتدويره بما ينفع السلطة.

أمّا إن كُشِفَتت الغايات -وهي ليست متشابهة بأيّ حال-، فإنّها أساسٌ يُمهّد للتفاوض على أجندتين مشروعتين أو أكثر؛ إذّاك يكون الملتقى (طاولة حوار تفاوضيٍّ) بين متقابلين نِدَّيْن، (هذا يملك قوّة التنفيذ، وذاك يملك قوّة الرؤى)، طاولة تثبت للسلطة أنّ المثقّف إن لم يكن ذيلاً فإنّه ليس عصاة باستقلاله، بل عونٌ وعينٌ.

إنّ حضور عدد كبير من المثقّفين لهذا الملتقى هو انفتاح على السلطة يشرح صدرها ويُيسّر أمرها، لكنّ خلوّهم من الأجندات يفقد قيمته الثقافيّة، ويبقى حضورهم قيّماً في كفّة السلطة كشهود على انفتاحها على ممارسة المشاركة (الإيهاميّة)؛ والعكس (ظاهريّاً): أنّ السلطة تعترف بأهليّة المثقّفين للمشاركة في صناعة القرار الثقافي؛ ولأنّ الظاهر هو المعوّل عليه، لذلك يمكن اعتباره نقطة انطلاقٍ، إذا ما استُثْمِرَت عوامل عدّة: مصداقيّة المشاركة من قبل السلطة، معرفة غايات الطرفين بشفافيّة، التمثيل الثقافيّ لتيّارات متعدّدة، التفاوض على مبدأ الندّيّة والجدِّيّة.

ملتقى المثقّفين، ترعاه (سلطة) هي طرفٌ واحدٌ له أجندته وغايته، -ولا عيب في ذلك- وتدرك ماذا تريد من ورائه! أمّا المثقّفون (فرادى)، شيعٌ –يا عيب ذلك- لا يدركون ماذا يريدون!! فلا هم يمثّلون تيارات، ولا أندية أدبيّة، ولا صالونات ثقافيّة، فأين التكافؤ بين طرفين: أحدهما يرى والآخر يَعْمَى؟

هكذا يصعب الرهان، أنّ الملتقى قد يحدث أيّ اختراق بمخرجاته عن لقاءاتٍ سابقة تجميليّة بين السلطة والمثقّفين، بيدَ أنّ اليأسَ مرفوضٌ في الوقت الذي تزداد فيها التحدّيات الإقليميّة التي فرضتْ أسئلتها على مثقّفي المنطقة كلّها، لاكتشاف كنهَ خطاب المثقّف الجديد، الذي يحقّق التوازن بين الحريّات وسنديانة الأمن الاستقرار.

أزعم أنّ زيادة هامش الحرية وإلغاء الرقابة أو ردع الاستسهال في تطبيقاتها، هو (مطلبٌ رئيسٌ) يتّفق عليه المثقّفون –وهم شيعٌ- إذ بدونه ينقلبُ المثقّف إلى سلطة، وبدونه تتعثّر مطالب أخرى مهما تنوّعت. هكذا هدفٌ كفيلٌ بصناعة ربيع ثقافيّ يدعم أيّ مشروعٍ يعقبه؛ فالتفاوض لإنجازه غايةٌ هي أمّ الغايات؛ ولكن ذهب المثقّفون وما في جُعبتهم خطّة، ولا أجندة، ولا أيّ اتفاقٍ، فعلى ماذا يتفاوضون!!

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة