Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

حينما يبحث باحث منصف في تاريخ ما يسمى زوراً وبهتاناً (استعمار)، فلن يرى إلا ظلماً وعدواناً، ومصادرة لحقوق الشعوب، وشيئاً من تطوير لبعض المواقع والمدن لا يكاد يذكر أمام تلك الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الدول (الاستخرابية) الغربية منها والشرقية في عالمنا الإسلامي.

الاستخراب، وهذا هو الاسم الأنسب لما يسمى (الاستعمار) لم يكن إلا قرصنة دولية، وحرباً شرسة قذرة قامت بها جماعات من لصوص الدول الغربية في العالم الإسلامي، فأكلوا وسرقوا واغتصبوا، وأفسدوا الأخلاق والأفكار، وأفقروا الشعوب، وأدموا بمجازرهم القلوب، ووضعوا خططاً ظالمة غاشمة للإذلال والإهانة وامتصاص الخيرات، أوكلوا تنفيذها بعد رحيلهم إلى شرذمة من أبناء الدول التي (استخربوها) فأذاقوا شعوبهم الويلات، وكانوا كأساتذتهم قراصنة لا يعرفون رحمة، ولا يرعون في مسلم إلاً ولا ذمة.

تاريخ بشع لهذه القرصنة الدولية الكبيرة، وما تزال أمتنا المسلمة تعاني من آثارها إلى اليوم.

وإذا ذكرت دول (الاستخراب) الغاشمة، فإن دولة (فرنسا) تأتي في مقدمتها عنصرية، واعتداءً على الحقوق، وانتهاكاً للأعراض، وإهانة للشعوب التي دخلت بلادها.

لقد فعلت فرنسا بالدول التي احتلتها في عالمنا الإسلامي الأفاعيل، وقتلت مئات الآلاف من المسلمين في البلاد العربية وغيرها، ومسخت ثقافة الشعوب التي احتلتها، وصادرت حقوق الناس حتى في الحديث بلغتهم، والتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، وثقافتهم، وأصبح الاحتلال الفرنسي مثالاً صارخاً على الدموية والعنف في القرن الماضي، وصارت قصة (المليون شهيد) في الجزائر مادة مثيرة لكثير من المقالات والكتب والمسرحيات، والأفلام الوثائقية، لأن (فرنسا) دولة (الحرية) المزعومة الكاذبة، تعاملت مع الشعب الجزائري الثائر ضد عنفها وجبروتها وبوحشية قل أن يجد لها الباحث المتابع نظيراً، فما كادت تنطلق الرصاصة الأولى للثورة الجزائرية في نوفمبر عام 1954م بعد مائة وثلاثين سنة من الاستخراب الفرنسي للبلاد، حتى كشفت فرنسا عن وجه الإجرام القبيح، فتعاملت بوحشية لا يمكن أن يتعامل بها من كان بشراً سوياً.

لقد سبق هذه الثورة المنطلقة في هذا الوقت عدد من المحاولات قام بها أهل الجزائر للتخلص من الكابوس الفرنسي البغيض ولكن القمع الدموي، ومعسكرات الاعتقال الجماعي في أنحاء الجزائر كانت تواجهها بعنف وقسوة أملاً في إخمادها وإخضاع الشعب الجزائري التواق إلى الحرية والاستقرار في بلاده.

لقد استطاع الشعب الجزائري - بفضل الله - أن يهزم المحتل الفرنسي، ولكن التضحية كانت كبيرة، والمعاناة العسكرية والاقتصادية والأمنية كانت ضخمة مؤرقة مقلقة، حتى إن المؤرخين الغربيين أطلقوا على ما فعلت فرنسا في الجزائر (الرزايا الفرنسية)، ونقلوا اعترافات بعض القواد الفرنسيين، وبعض الجنود باعتماد العنف والإبادة منهجاً فرنسياً في حربه مع الشعب الجزائري، يقول العقيد (مونتانياك): (لقد تلقى ضباط الجيش الفرنسي الأوامر بألا يتركوا أحداً حياً بين العرب، حتى أصبح العسكريون يخافون أن يحضروا عربياً حياً، لأن الأمر يقتضي الإجهاز عليه، إننا نقوم بحرب إبادة جماعية بالتدمير والجوع، حتى إن (الجنرال لاموريسيير) محا خمسة وعشرين قرية في خرجة عسكرية واحدة، لقد كانت الإنسانية منعدمة تماماً في صفوف الجيش الفرنسي).

إن تاريخ فرنسا - وهي أنموذج واحد للاستخراب الغربي لعالمنا الإسلامي - لتاريخ دموي يستحق العقاب، والمحاكمة.

هنا نقول لفرنسا التي أطلقت صوتها التحريضي الأجش على تركيا في مسألة قتل الأرمن إبان الحروب بين الدول العثمانية وأعدائها في القرن الماضي: الآن يصحو الضمير يا فرنسا؟ الآن يخر ببالك حقّ الضعيف والمظلوم - كما تزعمين -؟

لعلَّ الله قد أراد بهذا إطلاع الأجيال المسلمة الجديدة على جرائمك الدامية في بلادهم حتى يعرفوا حقيقة فرنسا رائدة (الحرية) الكاذبة في عالم (يموج) بالأباطيل.

إشارة:

وعند الله تجتمع الخصوم.

 

دفق قلم
الآن يا فرنسا؟
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة