Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

رجل الأمن في زمن الفتن
أ.د. يوسف بن أحمد الرميح (*)

رجوع

 

من المؤكد أن القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وليا للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء.. له العديد من الدلالات المهمة، لعل أهمها على الإطلاق بيان أهمية الأمن المجتمعي، فلا ينكر عاقل جهود صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في إدارة العملية الأمنية.

الأمن هو المحك الأول والأهم في ميزان الدول والمجتمعات، والأمن هو البعد الإستراتيجي لأي دولة، ولا تقوم المجتمعات ولا تنمو دون نعمة الأمن والدول مهما بلغت من نعمة التقنية والثروة إذا لم يصاحب ذلك أمن في الوطن فلا قيمة لذلك المجتمع ولا تلك التقنية.

ولأهمية الأمن في المجتمعات عموماً وضرورته القصوى فلقد قرنه رب العالمين وخالق الإنسان بالتوحيد عندما قال تعالى عن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}.كثير من الدول حول العالم التي تمتلك الثروات الهائلة والتقنية المتطورة، ولكن بسبب ضياع نعمة الأمن أصبحت في فوضى عارمة لا مكان فيها للإنسان المسالم ولا بقاء فيها للحياة. وبالنظر إلى حال عدد من الدول والمجتمعات التي يحيط بعضها بنا، مثلاً كالعراق وافغانستان الصومال ووسط آسيا ووسط القارة السمراء وغيرها كثير شرقا وغربا ممن فقد نعمة الأمن والاستقرار نجد أنه قد انقلبت الحياة إلى معاناة والتنمية إلى دمار وفوضى.

لقد مارس الأمير نايف بن عبدالعزيز الأمن منذ نعومة أظفاره، فلقد عمل طوال حياته العملية في وزارة الداخلية وكيلاً لأمير الرياض منذ 17-6-1371هـ إبان عهد المؤسس- طيب الله ثراه- ثم عُين أمير للرياض في 3-1-1372هـ ثم انتقل إلى وزارة الداخلية (الوزارة الأم لإمارات المناطق) ليكون نائباً للوزير في 16-9-1394هـ ثم صدر أمر سام بتعيين سموه وزير دولة للشؤون الداخلية في 17-3-1395هـ وفي 8-10-1395هـ عين سموه وزيراً للداخلية وما يزال.

لا شك في أن خبرة أربعين عاماً في العمل الأمني بين إمارة الرياض ووزارة الداخلية لكفيلة بصقل شخصية الأمير نايف الأمنية حتى أصبح الأمن هاجسه الأول، وهذا الأمن الذي يمثله نايف بن عبدالعزيز يعيشه كل مواطن ومقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة.

للاسف لا يعرف البعض ولا يقدر آخرون ويحاول الحاقدون إغفال الصورة المشرقة التي يعيشها وطننا من أمن وأمان وهدوء وسكينة واستقرار، وهذا بلا شك مربط الفرس للتنمية المستدامة والواجب توافرها للرقي بالوطن.

مجتمعنا السعودي يتصدر طليعة الدول التي تقل وتندر بها الجريمة فيها على اختلاف أنواعها وأشكالها، وهذا لم يأت من فراغ وإنما بتوفيق الله تعالى ثم بالجهود الكبيرة من رجال الأمن ورأس الهرم على السلك الأمني الذي يتمتع بحس التخطيط الدقيق والعقل المفكر.

لا نبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا قلنا إن المملكة تقع على (صفيح حار) لطبيعة الأحداث والنزاعات المسلحة التي تحدث في البلدان العربية المحيطة بالمملكة، وأن العامل الأمني السعودي ساهم في عملية السكون والاستقرار للمجتمع السعودي، فالمجتمع السعودي ليس بعيداً جغرافياً عن تلك المجتمعات العربية، إلا أن تطبيق الشرع الحنيف ثم بوجود الأمير نايف كرجل الأمن الأول منذ سنوات أسهم في تحقيق الهدوء والانسيابية للمجتمع.

الأمير نايف بن عبدالعزيز قلم الإرهاب واقتلعه من جذوره وحيدة حتى أصبحت قيادات الفكر الضال لا يجدون ملجأ لهم في المملكة وذلك لتمتع الأمير نايف بفكر استباقي للأحداث ساهم في القضاء على فلول الإرهاب، حيث إن المجتمع السعودي أصبح يسمع في وسائل الإعلام بين حين وآخر عن ضبط السلطات الأمنية خلية إرهابية نائمة وخلايا أخرى تخطط لعمليات تخريبية في عمليات استباقية، وأن هذا الأمر أصبح محل فخر واعتزاز للمملكة لكون دول العالم لا تعلم بوجود إرهاب على أراضيها إلا بعد أن ينفذ عمليات تفجيرية بها.

لا شك في أهمية عدد من القطاعات الحيوية في أي مجتمع كان، كقطاع التربية والتعليم أو الصحة أو الاتصالات أو الطرق أو الاقتصاد وغيرها، ولكن ما كان لأي من هذه القطاعات أن تعمل ولا أن تنتج إلا بوجود العنصر الأمني المنظم لحياة الإنسان وعلاقاته بالآخرين. فلن ينهار مجتمع من المجتمعات لفقد التعليم أو لفقد الطرق أو الصحة أو غيرها، لأنه سيعوضه بطريقة أو بأخرى، ولكن الفقيدة والمصيبة العظمى هي فقد عنصر الأمن والاستقرار؛ حيث إن هذا العنصر هو المحك لباقي العناصر؛ فبدون الأمن لن يكون هناك تعليم ولا صحة ولا طرق ولا اقتصاد؛ وهذا مشاهد وواضح في عدد من المجتمعات التي فقدت الأمن والاستقرار.

وهذا يدلنا على وبوضوح على أهمية واستراتيجية الأمن، وهو يتمثل في مجتمعنا السعودي بنايف بن عبدالعزيز؛ فهو مهندس ومصمم الأمن في مجتمعنا، وهو العين الساهرة فعلاً على تطبيق هذا المبدأ الحيوي والخطير الذي لا تنمو الحياة البشرية بفقده.

ولعل في تعيين سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء أيضاً تكريساً لنظرة الأمن وفكرة الأمن؛ حيث إننا يجب أن نعترف وبمرارة وحزن بأننا نعيش في وقت عصيب صعب وزمن فتن فرضه علينا عدد من أبنائنا ممن باعوا دينهم ووطنهم ومبادلهم ومجتمعهم بثمن بخس، وأصبحوا للأسف آلات رخيصة في يد العدو، يلعبون لعبة خطرة ويطبقون خطة شيطانية فاسدة وخبيثة همها أمننا واستقرارنا ومجتمعنا واقتصادنا وتنميتنا.

للأسف لقد أصبح عدد من أبنائنا لعبة في يد الأجنبي الغادر والحاقد الذي لا يريد خيراً بهذه الأرض ولا حباً لهذا المجتمع ولا تنمية لهذا الوطن، وإنما أعماهم الحقد والحسد والكره للأمن ورغد العيش والهدوء الذي نعيشه هذه البلاد. للأسف الشديد لقد تحولت الجريمة سريعاً في بلادنا من جرائم فردية خاصة مثل الشرب للمسكر واستخدام المخدرات وبعض الجرائم خاصة الأخلاقية والسرقات.. ومع أن هذه جرائم كبيرة بلا نقاش، ولكن تحولنا سريعاً للأسف لجرائم منظمة هدفها تدمير هذه البلاد وإخراجها من طريق التنمية والأمن والاستقرار ورغد العيش لتكون في مهب الريح ومكاناً ومرتعاً للفوضى والفساد والدمار ولقد تحولنا سريعاً من جرائم فردية لجرائم منظمة وخلايا مدربة لديها توزيع أدوار وفكر تدميري وقوى عاملة وتخطيط وتمويل وتنفيذ، لقد استُغل أولادنا للأسف من قِبل خلايا ومنظمات إجرامية خطيرة ليكونوا معاول هدم ودمار لوطنهم وأمتهم ومجتمعهم.

من هذه المنطلقات كلها فما أحوجنا اليوم لفكر وخبرة وعلم وإدارة نايف بن عبدالعزيز الأمنية لتستمر مسيرة سفينة النجاة وأمن الوطن وليعم الهدوء والاستقرار والتنمية ربوع بلادنا حرسها الله، نحن اليوم في هذا البحر الهائج من الجرائم المنظمة عالمياً نحتاج فعلاً لقبطان قادر على القيادة في وسط هذه الأمواج، ونحتاج لعلم وخبرة نايف بن عبدالعزيز، ولا شك أن ما مرت به المملكة وتمر به من أفراخ الإرهاب والفكر الضال إنما هو مخطط كبير يهدف لتدمير عدد من الدول والمجتمعات، لعل في مقدمتها وطننا هذا، ولكن ولله الحمد فلقد قطعت أجهزتنا الأمنية بقيادة القائد الفذ والمحنك نايف بن عبدالعزيز دابر هذه الفئة الضالة ودمرتها وأفسدت مخططاتها الخبيثة والشيطانية، ولكن لا يُستغرب أن تأتي أمواج خبيثة أخرى متطوعة لتدمير هذه البلاد، وهنا نحتاج - بعد توفيق الله سبحانه وتعالى - لخبرة ودراية وعلم وإدارة نايف بن عبدالعزيز للقيادة الأمنية للوصول إلى بر الأمة بعيداً عن المهاترات والدمار والفساد، وللأمير نايف بن عبدالعزيز عدد من مواقف والتي توضح بجلاء عمق العقلية الأمنية والفكر الإستراتيجي الأمني الذي يتمتع به الأمير نايف ومنها أنه صاحب المبادرة الكبرى لشهداء الواجب التي ضمت عدداً كبيراً من أسر شهداء الواجب وأسر المصابين من رجال الأمن حيث كرموا على مختلف الأصعدة، وأنه هو من وقف خلف برنامج المناصحة مما ساهم في أن يطلب تطبيق البرنامج في عدد من الدول المقدمة بعد نجاح التجربة السعودية، فلقد وضع الأمير نايف خططاً دقيقة لكيفية التعامل مع الإرهابيين عكس بعض الدول التي تبيد أحياء بكاملها بسبب تحصن عدد من الإرهابيين بها، بينما في المملكة يتم التعامل بشكل صحيح ومتوازن مع تلك الفئات والدليل على ذلك محاكمة الإرهابيين هذه الأيام فلو كانت المملكة لا تطبق الأنظمة والحقوق المرعية للإنسان لكانت المملكة قد أخفت الإرهابيين عن الوجود نهائياً وبهدوء ولكن المملكة تحترم الإنسان وقدمت أبناءها الذين غسلت عقولهم لمحاكمات عادلة، ويستطيع كل واحد منهم توكيل محام للترافع عنه وبشكل علني، فلا وجود للسرية بهذا الأمر كل تلك المنجزات كان للأمير نايف دور كبير في الوقوف خلفها فهو من ساهم في التعامل الحسن مع الإرهابيين المساجين واحتوائهم.

لقد طالعت السرور والبهجة والغبطة على وجوه من أعرفهم فرحاً وابتهاجاً بهذا القرار وذلك لأن أكبر تحد يواجهنا هذه الأيام هو الإرهاب والفكر الضال، ويجب وجوباً تركيز الفكر والحماية للقضاء على هذا الدمار لنعود ولنعيش ولنستمتع بوطننا بعيدا عن هذه الثعابين السامة الخبيثة.

وكلمة شكر وتقدير وعرفان للوالد القائد، قائد المسيرة لوطننا وولي أمرنا (حفظه الله ورعاه) خادم الحرمين الشريفين لهذا القرار في هذا الوقت لهذه الشخصية، ولقد عودنا والد الجميع خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله ورعاه) على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.

ودعاء الله الواحد الأحد أن يغفر ويرحم سلطان الخير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة لقاء ما قدم لهذه البلاد المباركة ومواطنيها من خدمات وتفاني وإغاثة للمنكوبين في أرجاء المعمورة.

أسأل الله تعالى أن يحمي وطن الخير والمحبة والعطاء والإنسانية (المملكة العربية السعودية)، ويحمي القيادة الراشدة ومواطني ومقيمي هذه البلاد المباركة (بلاد الحرمين وبلاد الإسلام والعزة) من كل شر ومكروه. والحمد لله أولاً وآخراً.

(*) بروفيسور في مكافحة الجريمة والإرهاب - جامعة القصيم - مستشار أمني

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة