Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ورود الأمل

 

في الغد الحي‏..‏ صباح الحياة‏!

رجوع

 

أنا سيدة في الخامسة والثلاثين من عمري أعيش مع زوجي أجمل وأهنأ عيش ولي من الأولاد 4 وأعمل مساعدة في إحدى المدارس وحياتنا عابقة بالحب والمودة ونحن نسكن بالقرب من أهله وكان كثير الالتصاق من والدته وقدّر الله عليها مرض لم تلبث بعده إلا وتوفيت رحمها الله فحزن عليها حزناً عظيماً وذرف عليها من الدمع ما شاء أن يذرف ورحلت البسمة عن محياه وعن حياتنا، وحال زوجي لا يعلمه إلا الله بعد فراق والدته فأصبح بعيداً عني تماماً وعن أولاده وشديد العصبية وقليل الاحتمال: فهل من توجيه وفقك الله؟

ولك سائلتي الفاضلة الرد:

المؤمن في هذه الحياة مهما نزلت في داره المحن وزارته الدواهي وأطلت برأسها المخيف عليه الأحزان، وهو إن بدا متقسم القلب، ومتوزع الروح، وإن هام في أودية الأحزان، وارتحل في شعاب الهموم فلا يستولي عليه القلق ولا يستبد به الجزع ولا تحرقه أنفاس الأزمات الحارة؛ لأنه يعلم أنها مقادير مكتوبة وآجال مفروضة ومواعيد لا تتقدم ولا تتأخر، وليبشر بخير كل من يبتلى ثم يحتسب أجره عند الكريم بجوائز عظيمة ومنح سنية، وأقول لك أيتها الفاضلة: إن الأيام كفيلة بمداواة الجروح وجبر الخواطر وتهدئة النفوس، ومن يتأمل في حال الدنيا وأخلاقها يجد من نواميسها أن كل ما فيها يأتي صغيراً ثم يكبر عدا المصائب فهي تأتي كبيرة ثم تأخذ في الاضمحلال والتلاشي حتى تعود طيفا من ذكرى، فلا تقعد عن العمل ولا تحول بيننا وبين الركض في مضمار الحياة أو الاستمتاع بمباهجها، ومن الطبيعي في هذه الظروف أن يتحول مزاج الإنسان، فالمصائب تورث لأصحابها فتوراً في الجسد والهمة وتضعف حساسيته تجاه ما كانت روحه تأنس وتبتهج له قبل أن تداهمه عاصفة الهموم‏،‏ والمصائب كذلك تخلف الحدة وضعف الصبر، لذا من الطبيعي أن يكون الإنسان حاد المزاج سريع الانفعال لكون الحزن استنفذ الكثير من طاقته،‏ وليس من الصحة النفسية أن يختزل الإنسان ويبتسر هذه الدورة الطبيعية أو أن يتجاهلها يتعجل انقضاء مراحلها قبل الأوان‏، ‏وإنما عليه أن يرعى حزنه في تجلد وصبر حتى يستوفي دورته محتسبا أسباب أحزانه عند ربه وداعيا إياه أن يخفف عنه ما يضيق به صدره‏ وأن يقصد كل ما يمكن أن يسليه ويسري من ملاقاة للأصدقاء أو سفر أو ممارسة الرياضة، فقري عيناً أيتها الفاضلة فلن يخذل الله من يبر بوالديه، وقريبا سيعود لك هذا الزوج الوفي وستعود رياحه الطيبة للهبوب وسيعاود نبعه العذب للفيضان، وأذكر بأن الأزمات فرصة للأزواج لإثبات حقيقة الحب حينما يتقاسمون الهموم ويتراحمون فيما بينهم وربما فرقت وشتت إذا ما أحس المكلوم بقلة صبر الشريك وضيق صدره أو مصادرة مشاعره وعدم احترام أحاسيسه، كل ما عليك الآن هو استيعاب حقيقة المرحلة بالصبر وهو عدة المسلم وسلاح المؤمن والمحزون يحتاج إلى التعاطف والتسامح معه والصبر عليه أكثر مما يحتاج إليه، وهو خالي البال ففقد الأم ليس بالأمر الهين فالرجل يظل طفلاً حتى تموت أمه فإذا ماتت شاخ فجأة.

يقولون: لو سليت قلبك لارعوى

فقلت: وهل للعاشقين قلوب!

ثبتكم الله وسددكم وجبر مصيبتكم

شعاع:

تتجلى عظمة الشخصية في اللحظات الصعبة، ولكنها تتشكل في اللحظات العادية.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة