Friday 30/12/2011/2011 Issue 14337

 14337 الجمعة 05 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لم يكن عام 2011 عاماً معتاداً تتخلله بعض الأحداث، وإنما كان عاماً استثنائياً لا يمكن مقارنته بأعوام كثيرة أخرى، فقد ماجت خلاله حوادث أدت إلى تغييرات كبيرة ولا سيما في عالمنا العربي، حيث انطلقت صيحة بوعزيزي وإحراقه لنفسه لتحدث أثراً ما زال ماثلاً للعيان، راجين من العلي القدير أن تكون العواقب حميدة على تلك البلاد التي سرى في عروقها دخان جسد بوعزيزي. لقد كان لتونس السبق في السير نحو تغيير قيادتها من خلال ثورة جماهير عادية، وليس عبر انقلاب عسكري، أو تخلخل داخل الحزب أو جموح أحزاب أخرى نحو السلطة بعد إزاحة سلطة قائمة، وهكذا كانت الحال في مصر، وفي ليبيا بطريقة مختلفة، وهي الآن تتبلور في اليمن وسوريا. ومن الأجدى عدم الإطالة في الحديث عن هذا الموضوع، فقد كانت جلّ صفحات الجرائد العربية تبرز وتحلل هذه الأحداث كما هي القنوات العربية وغير العربية، ولا غرابة في ذلك، فقد كانت الأحداث جساماً في ذاتها وطريقة حدوثها ومعاول تنفيذها، والقائمين عليها، والمنتفعين منها. والعالم ينتظر عام 2012 ليرى ما ستؤول إليه تلك الوقائع، وما تتمخض عنه تلك الطرائق، ولله في خلقه شؤون، ولعل الله أن يجعل العاقبة خيراً لأمتنا العربية وأن يصير أمرها إلى فلاح ونجاح.

وأمر آخر مرادف لتلك الأحداث يتبلور في مسيرات تنادي بإعادة الانتخابات في روسيا مما يعني أن بعضاً من الشعب الروسي لا يرى فيما تم هنالك من انتخابات يمثل الواقع، والله أعلم. ومهما يكن فإن مجرد المحاكاة لما حدث في عالمنا العربي يعد حدثاً مهماً في حد ذاته، ولذا فإننا قد حصلنا على براءة اختراع في هذا العام بعد أن تعذر علينا المساهمة باختراعات مادية تستفيد منها البشرية. أما إذا كان مآل ما اخترعناه سوف يؤدي إلى الاستقرار، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وبسيادة العدالة والكرامة البشرية، فلا شك أنه سيكون اختراعاً نبيلاً سننال عليه جائزة نوبل للسلام العالمي.

ومحاكاة أخرى لما حدث في عالمنا كان مقره وول ستريت، سوق المال الشهير بالولايات المتحدة الأمريكية، وانتشاره في أرجائها بعد أن كان محصوراً في مقره بنيويورك. وما هو لافت للنظر في الأمر، أن عدداً غير قليل من الناس أخذ يشكك في قدرة النظرية الاقتصادية وبأدواتها الحالية على ضمان النظام المالي العالمي والدفع بالنمو الاقتصادي قدماً مع عدم خلق فجوة كبيرة في المجتمعات يصعب رتقها بوسائل السوق المعتادة، مما يعني أن العالم في حاجة إلى علماء أفذاذ يمكنهم طرح نظريات جديدة تتلاءم مع وسائل الإنتاج والاستهلاك الحديثة، ومتطلبات المجتمعات العصرية. وإذا لم يتحقق ذلك فمن المحتمل أن المطالب سوف تزيد، والضغوط لا بد لها أن تتضخم.

حدث مهم آخر وقع في هذا العام، وهو عجز بعض دول مجموعة اليورو عن تسديد ديونها، وإشرافها على الإفلاس لولا دعم إخوانهم الأقوياء لهم، وهو دعم مؤقت لا يطفئ اللهب ولكنه يحد من أثره إلى حين، وقد كشف هذا الحدث عن قناع اليورو الذي طالما تغنت به أوروبا ودول أخرى بل وسعت إلى المماثلة والمحاكاة، وقد تتريث بعد أن ظهر لنا أن منطقة اليورو قد ظلت في الفترة الأخيرة من عمرها القصير تحت لظى نار هادئة، ثم ما لبثت أن أنتجت شعلة كادت أن تسري في الهشيم لولا برودة ماء أصحاب الإطفاء. وهذا الحدث غيّر كثيراً من المفاهيم الاستثمارية، فقد لجأ بعض الناس إلى الاحتفاظ بالنقد أو التوجه إلى سلع استهلاكية، أو شراء الذهب وغيره من المعادن الثمينة، كما أن منطقة اليورو لم تعد المكان المناسب للاستثمار كما كانت في عابر الأزمان، ولهذا فقد يحتار المستثمر في أسلوب ومكان استثماره والأخطر من ذلك أن حل مشكلة الديون في منطقة اليورو قد يحتاج إلى سنوات عديدة، وتضحيات اجتماعية كبيرة. ولهذا فإن إنفاق اليونانيين في عيد الميلاد انخفض بنحو 22% ونحو 7% في إسبانيا و2.5% في إيطاليا، في وقت تعود العالم على زيادة مطردة في الإنفاق في تلك المناسبات.

أمر مهم جداً يستحق التنويه به، هو أن ما جرى في عالمنا والعالم أجمع من أحداث، كانت معظم دول الخليج بمنأى عنه -ولله الحمد والمنّة- فالاستقرار كان وما زال وسيظل -بإذن الله- سائداً فيها، كما أن ما يعانيه العالم من أزمات مالية، وتراكم للديون، ومشكلات اقتصادية بعيدة كل البعد عن منطقتنا، ولعل ما أسفرت عنه الميزانية من أرقام شاهد على ما تعيشه المملكة شأنها شأن دول خليجية أخرى من نمو وازدهار، ومسيرة تنموية رائعة. فهناك تقلص للديون وفوائض مالية، وزيادة في الإنفاق على الموارد البشرية والاقتصادية.

إن ميزانية بهذا الحجم الكبير والتي تقارب 700 مليار ريال تعني الكثير لأبناء الشعب السعودي، كما أنها دلالة واضحة على قدرة الاقتصاد على استيعاب مزيد من الإنفاق في ميادين مختلفة، سوف تكون ثمرتها -بإذن الله- مزيداً من البنية التحتية، والتوسع في مجالات الإنتاج والاستثمار الذي سيعود بالنفع على الجميع.

 

نوازع
عام استثنائي
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة