Saturday 31/12/2011/2011 Issue 14338

 14338 السبت 06 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

من أعظم النعم التي يهبها اللهُ لعبيده نعمةُ الصفاء النفسي إذْ لا تعدلها نعمةُ على الإطلاق إلا نعمة الصحة والعافية, ولكننا إذا أردنا الحق قلنا! إن الصحة والعافية التي ينعم بها الإنسان إنما هي نتيجةُ للصفاء النفسي الذي يتمتع به...

...أو بعبارة أخرى نستطيع أن نقول: إن اعتلالَ الجسم وسُقْمَ البدن يعود في الدرجة الأولى - كما يقول علماءُ النفس وعلماء الطب أيضاً - إلى اختلال في النفس ومرض في الروح. وإذن فإن من يهبه اللهُ نعمة الصفاء النفسي ينعمُ بصحة وافرة ونشاط جم, وحتى إذا أصيب ببعض الأمراض التي لا يسلم منها إنسان فإن بمقدوره -بمشيئة الله وإرادته- أن يتخلص منها أو على الأقل يخفف من وقعها أو ألمها. ولعل هذا هو الذي يجعلنا نعودُ ونقولُ: إن الصفاء النفسي هو من أعظم النعم التي يهبها الله لعبيده ما دام يجلب لنا السعادة والاستقرار ويحمي أجسامنا من العِلل والأمراض.

ويجدر بنا الآن, أن نحاول تحديد مفهوم (الصفاء النفسي) الذي يتصفُ بكل هذه الصفات الجليلة ويعودُ علينا بكل هذا المزايا الكبيرة. يقصدُ العلماءُ بالصفاء النفسي أن يكون الإنسان في انسجام دائم مع نفسه ومع الآخرين, والتعبير في لفظه تعبير مجازي، فالسماء الصافية هي السماء التي لا يحجب أديمَها غيمٌ, والماء الصافي هو الماءُ العذبُ الرقراق الذي لا تشوبه شائبة ولا يخالطه كدرُ, وهذه الحالة -أعني حالة انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين ومع الأحداث- هبةٌ أو طبعٌ أو منحة يمنحها الله لبعض عبيده، كما قلنا في مَطلْع هذا المقال, ولكنها مع ذلك يمكن أن تتولد في نفسه رويدًا رويدًا بالممارسة والمران والتجربة، فباستطاعة الإنسان مهما كان مستوى تفكره أن ينعَم بهذه الميزة ويظفر بهذه النعمة، نعمة الصفاء النفسي، عن طريق ضبط عواطفه وكظم غيظه عند دواعي الغضب, والتزام الهدوء وعدم الاستجابة للانفعالات النفسية المدمرة والتحلي بروح الصبر والاتزان والتفاؤل وتوقع الخبر, والنظر إلى الحياة والأخبار نظرًا بهيجاً مشرقاً, والرضا بما قسم الله، وعدم التطلع إلى ما عند الآخرين أو حسدهم على ما منحهم اللهُ به من نعمة وخصهم به من فضِل, والتكيف مع الأحداث والوقائع مع محاولة تعديل ما يمكن تعديلهُ ولكن دون أن يصاحب ذلك همٌ أو قلقٌ أو توتر، والزهدُ في الشهرة وحب الظهور, فكثيرُ من الناس يسعى للشهرة ويحبُّ الظهور، وهو يتطلعُ دائماً وأبدًا إلى ثناء الناس ومدحهم واعترافهم بقدره وإشادتهم بفضله. وإذا لم يتم ذلك -وهذا أمر طبيعي سواء أكان الشخص يستحقُ هذا الثناء أم لا يستحقهُ- تعكر مزاجه وساءت حالته وركبه الهمُ, ولازمه الأسى وجثم عليه الحزن لمجرد أن الناس أو فردًا منهم لم يشد بعمله أو يشكرْه أو يُثني عليه أو أنه نقده أو عابه أو تداركَ بعضَ أخطائه، فهو يطلبُ من الآخرين ما لم يطلبْه من نفسه ويسعى للشهرة بأي ثمن، ويصاب بالقلق والحسرة إذا لم تثمْر جهودهُ أو لم يظهْر أثر صنيعه أو تجاهله الآخرون أو لم يشيدوا بعمله أو نقدوه وأبانوا بعض أخطائه. وأهمُ من ذلك كله, أو حجر الزاوية في الصفاء النفسي التزام الشعائر الإسلامية والمحافظة على الوظائف الدينية, مع الإيمان الصادق العميق، فالمُتدين عصيٌّ على القلق، بعيدٌ عن الهَمّ, وهو دائماً منشرحُ الصدر صافي النفس، رخيُّ البال، واسع الأفق، هادئ متزن, لا تعصف به الأهواءُ ولا تزعزعه الأحداثُ. ومن هنافإننا ندعو أولئك الذين ينشدون الصفاء النفسي إلى أن يلجؤوا إلى الله - سبحانه وتعالى - ففي جنابه سوف يجدون سكينة النفس وطمأنينة الروح وهدوء البال.

وليس معنى ذلك أن نطلب منهم أن يتخففوا من مطالب الحياة أو يتقاعسوا عن أداء الواجب أو يحرموا أنفسهم من المتع الحلال, بل على العكس من ذلك نطلبُ منهم أن يعرفوا طريقهم إلى الله ويلتمسوا منه الهداية والتوفيق ويستمدوا منه الهدوء والحكمة والسكينة, وكل هذا سوف يعينهم على مطالب الحياة، ويشدُّ أزرهم في مجابهة الأحداث والفوز في الدنيا والآخرة. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

...أو بعبارة أخرى نستطيع أن نقول: إن اعتلالَ الجسم وسُقْمَ البدن يعود في الدرجة الأولى - كما يقول علماءُ النفس وعلماء الطب أيضاً - إلى اختلال في النفس ومرض في الروح. وإذن فإن من يهبه اللهُ نعمة الصفاء النفسي ينعمُ بصحة وافرة ونشاط جم, وحتى إذا أصيب ببعض الأمراض التي لا يسلم منها إنسان فإن بمقدوره -بمشيئة الله وإرادته- أن يتخلص منها أو على الأقل يخفف من وقعها أو ألمها. ولعل هذا هو الذي يجعلنا نعودُ ونقولُ: إن الصفاء النفسي هو من أعظم النعم التي يهبها الله لعبيده ما دام يجلب لنا السعادة والاستقرار ويحمي أجسامنا من العِلل والأمراض.

ويجدر بنا الآن, أن نحاول تحديد مفهوم (الصفاء النفسي) الذي يتصفُ بكل هذه الصفات الجليلة ويعودُ علينا بكل هذا المزايا الكبيرة. يقصدُ العلماءُ بالصفاء النفسي أن يكون الإنسان في انسجام دائم مع نفسه ومع الآخرين, والتعبير في لفظه تعبير مجازي، فالسماء الصافية هي السماء التي لا يحجب أديمَها غيمٌ, والماء الصافي هو الماءُ العذبُ الرقراق الذي لا تشوبه شائبة ولا يخالطه كدرُ, وهذه الحالة -أعني حالة انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين ومع الأحداث- هبةٌ أو طبعٌ أو منحة يمنحها الله لبعض عبيده، كما قلنا في مَطلْع هذا المقال, ولكنها مع ذلك يمكن أن تتولد في نفسه رويدًا رويدًا بالممارسة والمران والتجربة، فباستطاعة الإنسان مهما كان مستوى تفكره أن ينعَم بهذه الميزة ويظفر بهذه النعمة، نعمة الصفاء النفسي، عن طريق ضبط عواطفه وكظم غيظه عند دواعي الغضب, والتزام الهدوء وعدم الاستجابة للانفعالات النفسية المدمرة والتحلي بروح الصبر والاتزان والتفاؤل وتوقع الخبر, والنظر إلى الحياة والأخبار نظرًا بهيجاً مشرقاً, والرضا بما قسم الله، وعدم التطلع إلى ما عند الآخرين أو حسدهم على ما منحهم اللهُ به من نعمة وخصهم به من فضِل, والتكيف مع الأحداث والوقائع مع محاولة تعديل ما يمكن تعديلهُ ولكن دون أن يصاحب ذلك همٌ أو قلقٌ أو توتر، والزهدُ في الشهرة وحب الظهور, فكثيرُ من الناس يسعى للشهرة ويحبُّ الظهور، وهو يتطلعُ دائماً وأبدًا إلى ثناء الناس ومدحهم واعترافهم بقدره وإشادتهم بفضله. وإذا لم يتم ذلك -وهذا أمر طبيعي سواء أكان الشخص يستحقُ هذا الثناء أم لا يستحقهُ- تعكر مزاجه وساءت حالته وركبه الهمُ, ولازمه الأسى وجثم عليه الحزن لمجرد أن الناس أو فردًا منهم لم يشد بعمله أو يشكرْه أو يُثني عليه أو أنه نقده أو عابه أو تداركَ بعضَ أخطائه، فهو يطلبُ من الآخرين ما لم يطلبْه من نفسه ويسعى للشهرة بأي ثمن، ويصاب بالقلق والحسرة إذا لم تثمْر جهودهُ أو لم يظهْر أثر صنيعه أو تجاهله الآخرون أو لم يشيدوا بعمله أو نقدوه وأبانوا بعض أخطائه. وأهمُ من ذلك كله, أو حجر الزاوية في الصفاء النفسي التزام الشعائر الإسلامية والمحافظة على الوظائف الدينية, مع الإيمان الصادق العميق، فالمُتدين عصيٌّ على القلق، بعيدٌ عن الهَمّ, وهو دائماً منشرحُ الصدر صافي النفس، رخيُّ البال، واسع الأفق، هادئ متزن, لا تعصف به الأهواءُ ولا تزعزعه الأحداثُ. ومن هنافإننا ندعو أولئك الذين ينشدون الصفاء النفسي إلى أن يلجؤوا إلى الله - سبحانه وتعالى - ففي جنابه سوف يجدون سكينة النفس وطمأنينة الروح وهدوء البال.

وليس معنى ذلك أن نطلب منهم أن يتخففوا من مطالب الحياة أو يتقاعسوا عن أداء الواجب أو يحرموا أنفسهم من المتع الحلال, بل على العكس من ذلك نطلبُ منهم أن يعرفوا طريقهم إلى الله ويلتمسوا منه الهداية والتوفيق ويستمدوا منه الهدوء والحكمة والسكينة, وكل هذا سوف يعينهم على مطالب الحياة، ويشدُّ أزرهم في مجابهة الأحداث والفوز في الدنيا والآخرة. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

 

الصفاء النفسي
محمد بن صالح الجاسر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة