Saturday 31/12/2011/2011 Issue 14338

 14338 السبت 06 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ابتداء لكي تكون موضوعيا لابد من أن تستحضر كل ما يتعلق بالقضية التي تريد أن تحكم عليها أو تدافع عنها، ولكي يكون حديثك بمعيارية يحترمها الآخرون أيضا لابد أن يتصف بالواقعية والمصداقية، ولذلك حينما نراقب المشهد الحركي وهو يسعى إلى التهييج والاعتصامات والمظاهرات ..

للضغط على مجرى العدالة والقضاء تعرف أنهم محترفون في العبث بعواطف العامة والدهماء ومن سيطرت عليه شبه رانت على قلبه ممن تم استقطابهم على طريقة كتاب تنظيم القاعدة إدارة التوحش، حتى صوروا الجلاد القاتل ومحترف الخيانة ضحية القمع والظلم والاستبداد، فأصروا على الدفاع عمن أخطأوا في حق وطنهم وشعبهم بفئاته، ومارسوا الضغط الممنهج على القضاء والقضاة بأي صورة وتحت أي مبدأ وفي كنف أقسى العبارات ليعيقوه عن إصدار أحكامه المستقلة على المتهمين والموقوفين الذين اعترفوا بجرائمهم وهؤلاء المهيجون هم الذين يرددون دائما باستقلالية القضاء وضرورة بعده عما يؤثر على سير العدالة ولكن حينما صارت القضية ذات أبعاد حركية تدخلوا تدخلا سافرا في أروقة القضاء الذي أعلن شفافيته وحرر كل الأدوات التي تساعد على الحق بتوفير محاكمات مشهودة ومنقولة في وسائل الإعلام تحت نظر المحامين والمدافعين الذين كفلهم للمتهم القانون، وقد حرصت المحاكم الشرعية على الستر وعدم التشهير بالأسماء فأعطتهم رموزا حتى إذا ماخرجوا لمجتمعهم يخرجون بلا تبعات اجتماعية تلتصق بهم وبأسرهم إلى الأبد..

إن هذه الدولة المباركة الرحيمة هيأت لجان المناصحة وسمحت للعلماء وطلبة العلم باللقاء والحديث والمناقشة لهؤلاء في صورة لم تتوافر لمن هم في مثل اتهاماتهم في أكثر دول العالم ديمقراطية ووفرت لهم سكنا مريحا ولم تمارس عليهم التعذيب وتحملت كل أعباء لقاءاتهم بأهاليهم ودفعت مبالغ ضخمة من أجل ترفيههم وعيشهم الكريم في مكان التوقيف بشهادة ذويهم، وأخرجت من وراء القضبان كل من تراجع وندم وتاب وتحفظت على من لم يتجاوبوا ولم يتقبلوا النصيحة ليفصل القضاء بين الجميع دون تدخل من الدولة التي تراقب المحرضين والمهيجين والمتعاطفين من موقعي البيانات والمقالات في خطابهم الانتقائي.. والسؤال عن هذه الضجة الكبرى: لماذا يخشى الموقعون والمحرضون القضاء على الموقوفين ماداموا بريئين؟ مالقصة إذن ؟

نعم لايمكن لمواطن صالح أن يتجاهل رجال أمن استشهدوا دفاعا عنا بسبب فتوى ولد تلك الأم المعتصمة التي فكرت بولدها القاتل وتناست دموع أختها الأم الأخرى التي تبكي على ولدها المقتول ظلما وعدوانا، ولايرضى إنسان كامل الأهلية أن تتطاول على براءة الأطفال يد الإرهاب وأنياب ولد حاسر الرأس ، ولو كان العقل حاضرا لعرف الجميع أنهم في خطر وأن أبناءهم أعضاء موقوفين على ذمة قضايا أمنية خطيرة يجب أن يتعامل معهم القضاء كما يتعامل مع غيرهم ليكف شرهم عن الناس الذين لن ينسوا صراخ وجدان وهي مضرجة بدمائها ودموع ذلك الطفل الذي يسأل لماذا قتلوا أخي في صورة تبين الكارثة الإنسانية التي يعيشها من يغرسون أنيابهم ومخالبهم في جسد الطفولة والبراءة من أجل مشروعات سياسية وطموحات شخصية، ومن هذه صفاته ليس مؤهلا للحديث عن خيرية وأفضلية لأي مجتمع بشري.

صور مؤلمة في مجتمع لايستحق كل هذا العنف، وصور متناقضة تماما مع المبادئ الوطنية التي تحتم على المواطن الصالح أن ينظر إلى مصلحة البشرية بتطبيق الحدود على العضو المريض لأنها حياة للبقية بشهادة القرآن الكريم (ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب..)، ولايمكن أن تضبط المجتمعات إلا بردع المجرمين والأخذ على أيدي السفهاء والمغرضين وأصحاب المشروعات الشريرة، وعلى العقلاء في أي مجتمع ألا تغرهم عبارات العواطف والكلمات المعسولة في بيانات لايعلم إلا الله وحده نوايا موقعيها للدفاع عن فئات استباحت دماء المسلمين وأعراضهم وسعت بكل أسلوب فج للفتّ في عضد الأمة وضربها في صميمها، رأيناهم يخرجون على القنوات ويشتمون هذا الوطن على رؤوس الأشهاد وكأنهم ألد الخصام والوطن ليس وطنهم، ورأينا فتاواهم يتناقلها الشباب الأحداث ليتحولوا بسببها إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجه أهليهم وجيرانهم وإخوانهم، ورأينا أشرطتهم تؤلب الناس على المجتمع بفئاته وطوائفه من كل حدب وصوب، ورأينا تنظيماتهم السرية وأسلحتهم وبقايا منشوراتهم وماتحمل من مشروع تخريبي لتفتيت وحدة الوطن واستغلال بعض الأخطاء التي لم يسلم منها أرقى المجتمعات واعتى الحكومات ليقوضوا هذا الكيان، وسمعناهم يرددون مصطلحات الإصلاح التي أصبحت فضفاضة على حجم الوطن ويمجدون الربيع ويتمنونه في أحاديثهم، والذي لم يدركوه أنهم إن استطاعوا أن يجروا عشرات أمهات الموقوفين إلى ساحة الضغط العاطفي أمام وزارة الداخلية فإن ملايين الأمهات في بيوتهن ممن اغتالت يد الإرهابيين فلذات أكبادهن صابرات محتسبات منعهن الحياء وهن صاحبات حق مشروع من الخروج في اعتصامات مضادة ومطالبة بتطبيق حد الحرابة على هؤلاء القتلة..

كارثة أن يكون مثقف وقاض وأستاذ جامعي وطالب علم مدافعا عن قاتل ومؤيدا مجرما في منهجه الشرير وداعيا للاعتصام من أجل جلاد في حين نسي الضحايا والأبرياء وأكثر ماآلمني أن يكون الداعي للاعتصام والمظاهرات والموقوف والمتهم والمصاص للدماء طبيبا حاسر الرأس يدعو لمجرم ويخطط لقلب نظام الحكم من استراحة مشبوهة ليغرق المسلمين في حمامات دم متجاهلا شرف مهنة الطب و كل النصوص الشرعية التي تدعو للرحمة والوحدة والمحافظة على حياة الإنسان والنوع البشري ولذلك يحترم الجميع الأطباء لمسوغات لاتتوافر في مهنة غير مهنتهم حتى أطلق عليهم في بعض مراحل التاريخ الإنساني الحكماء، وربما هي المهنة الوحيدة التي التزم أفرادها بأداء القسم قبل أن يكشفوا على إنسان، ولاأدل على ذلك من قسم أبو قراط 460- 357 ق.م والذي يقسم به عادة كل من يزاولون مهنة الطب في احتفال رسمي يقام عقب نجاحهم في امتحاناتهم التأهيلية وقبولهم رسميا في مهنتهم الجديدة، ومنه: يا إلهي القدير هبني العون في هذه الأعمال الجليلة لتفيد الجنس البشري لأنه بدون مساعدتك فلن يكلل النجاح أبسط الأشياء . رب ألهمني لمهنتي ولمخلوقاتك، ولا تدع التعطش للربح والطموح للشهرة، والإعجاب أن تتدخل في مهنتي، حيث إنها أعداء للحقيقة ولحب الجنس البشري، ويمكنها أن تقصيني بعيدا عن المهمة الكبرى المتمثلة في صنع الخير لمخلوقاتك.. يا إلهي لقد اخترتني برحمتك للعناية بأمر حياة وموت مخلوقاتك، وإني الآن أكرس نفسي لمهنتي، فأعني على أداء هذه المهمة الجليلة لكي أنفع الجنس البشري، فبدون عونك لن أنجح حتى في أبسط الأشياء».

وقد اعتمد المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي الذي عقد في الكويت في ربيع الأول 1401هـ- يناير 1981م في إطار الدستور الإسلامي للمهنة الطبية قسما شاملاً تم إقراره من مجلس وزراء الصحة العرب ويتم تعميمه في أغلب الدول العربية. قسم الطبيب : أقسم بالله العظيم

أن أراقب الله في مهنتي.. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها.. في كل الظروف والأحوال باذلا وساعيا في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق. وأن أحفظ للناس كرامتهم. وأستر عورتهم. وأكتم سرهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، والصالح والخاطىء، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم. أسخره لنفع الإنسان.. لا لأذاه. وأن أوقر من علمني . وأعلم من يصغرني. وأكون أخا لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقية مما يوشي لها تجاه الله ورسوله والمؤمنين. والله على ما أقول شهيد. أين ذلك الجراح من الأبرياء الذين قتلوا بلاذنب من الأطفال والنساء ورجال الأمن الشرفاء، وأين ذلك الطبيب من هذا القسم.. وإنه قسم لوتعلمون عظيم والله من وراء القصد.

abnthani@hotmail.com
 

إنهم أعداء الحقيقة وحب الجنس البشري
يا موقعي البيان ومهيجي الاعتصامات وحاسري الرؤوس
د. عبدالله بن ثاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة