ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 04/01/2012/2012 Issue 14342

 14342 الاربعاء 10 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أصبح التسابق نحو استثمار رأس المال البشري والفكري وإعدادهما بالشكل السليم والمطابق لمتطلبات سوق العمل لتقديم منتجات جديدة وخدمات متميزة تحقق قدرات تنافسية أعلى ووصولاً أسرع إلى المستهلكين في شتى بقاع العالم السمة الأساسية لاقتصاديات العصر الذي نعيشه ونتيجة لذلك سمي هذا العصر بعصر (اقتصاد المعرفة) Economy Knowledge.

وانطلاقاً من مبدأ ضرورة تهيئة بيئة إبداعية معرفية جاذبة لصناعة الأبحاث وتطوير صناعات قائمة على المعرفة بدأت مبادرات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- لتشجيع البحث العلمي والتطوير التقني للإسهام في المعرفة الإنسانية لما لها من انعكاسات في مختلف الميادين العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية جاءت موافقة مقام مجلس الوزراء السعودي على تبني التوجهات الجديدة لمنظومة التعليم العالي في المملكة التي تسعى إلى الربط بين حاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحتياجات سوق العمل من خلال التسهيل على خريجي المعاهد والجامعات الحصول على المعرفة وابتكارها واستخدامها وتوظيفها وإنتاجها لتؤدي دوراً أساسياً في بناء وتنمية الاقتصاد المعرفي وبناء مجتمع يقوم على المعرفة وذلك من خلال إنشاء الواحات والحاضنات العلمية باعتبار أنها تعد بيئة مخصصة وحاضنة للبحث العلمي، وانسجاماً مع ما تضمنته خطة التنمية الثامنة للمملكة التي نصت على (إنشاء الحدائق العلمية في الجامعات ومراكز الأبحاث، وتوجيه المزيد من الاهتمام لتشجيع التمويل المشترك وبرامج الأبحاث المشتركة بين الصناعة ومؤسسات القطاع العام، وقيام حاضنات الأعمال بهدف تحويل نتائج الأبحاث إلى تطبيقات تجارية وصناعية).

وتأتي الموافقة السامية منذ فترة على تأسيس شركة وادي الرياض لتشجيع مؤسسات التعليم العالي وتعزيز دورها لتكون أكثر استجابة لحاجات اقتصاد المعرفة العالمي التنافسي ولإعطاء جامعة الملك سعود التي كانت سباقة ورائدة في هذا التنافس العالمي الضوء الأخضر لتطوير عمليات البحث العلمي والتطبيقي في الجامعة وتهيئة بيئة جاذبة لصناعة الأبحاث وتطوير صناعات قائمة على المعرفة وتقديم خدمات بحثية للمجتمع في مجالات الطاقة وتقنية المعلومات والاتصالات، وتدريب وتطوير مهارات الطلاب وإيجاد بيئة جاذبة للعلماء والباحثين العاملين في المشاريع والمراكز والمعاهد البحثية للجامعة، ومن ثم تسويق منتجات مشاريعها البحثية إلى واقع استثماري يحقق عوائد اقتصادية للجامعة يمكنها من تطوير مجال الأبحاث والريادة والتنافس عالمياً.

وادي الرياض للتقنية أنشأته وتشرف عليه جامعة الملك سعود يعد نموذجاً ناجحاً لواحة علمية من (الجيل الرابع) والتي تعتمد على التبادل المعرفي للموازنة بين تحقيق النجاحات السريعة والنجاحات المستدامة والسريعة وحسب ما ذكره الموقع الرسمي للجامعة فإن خلق مجتمع معرفي يتم من خلال إنشاء حاضنات للتقنية وتسويق براءات الاختراع بأسلوب مهني وتجاري، كما يتم الحصول على دعم مالي ثابت ومستدام من خلال التواصل مع المعاهد البحثية المحلية والعالمية واستقطاب الشركات العملاقة في الوادي، وللوصول إلى واحة علمية ناجحة يرتكز الوادي على إقامة البنية الأساسية الضرورية اللازمة لنجاح أية واحة علمية من خلال تأمين موارد بشرية ذات مهارات وكفاءات عالية في مجال البحث والتطوير وتهيئة بيئة داعمة للبحث والتطوير في الوادي والعمل على خلق اقتصاد ذي أساس مستدام، ومن خلال دراسات جدوى قامت بها بيوت خبرة عالمية متخصصة في مجال الواحات العلمية، استندت إلى حاجات السوق المحلي والعالمي ومتوافقة مع التوجه العام للخطط الإستراتيجية للمملكة توصلت إلى تحديد ثلاثة مجالات بحثية وتقنية للوادي هي التقنيات الكيماوية والمواد، والتقنيات الحيوية والزراعية والبيئية إضافة إلى تقنيات المعلومات والاتصالات.

كما احتضنت العاصمة الرياض مؤخراً مشروع واحة الأمير سلمان للعلوم، يهدف إلى تنمية وتحفيز روح الابتكار والإبداع لدى الناشئة وهو مشروع مشترك بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومؤسسة الرياض الخيرية للعلوم.

كذلك تأسست (شركة وادي جدة)، التي تعتبر اللبنة الأساسية لانطلاق جامعة الملك عبد العزيز إلى شراكات محلية وعالمية رائدة لدعم التوجه نحو الاقتصاد المعرفي ونشر الثقافة في المجتمع السعودي، وإلى الاستثمار في صناعة المعرفة ونقل التقنية وتطويرها، وستسهم الشركة حسب ما أعلنته الجامعة في تحقيق توجه المملكة نحو التحول إلى مجتمع معرفي يعطي مزيداً من الاهتمام بالعلم والأبحاث ويعظم الدور الذي يمكن أن تلعبه من أجل الاستفادة منها في التطبيقات الصناعية والتجارية، كما تهدف إلى المساهمة الفعالة في تطوير اقتصاد المعرفة، عبر تعزيز الشراكة بين المؤسسات التعليمية ومجتمع الأعمال، من خلال الاستثمار في المشاريع المشتركة التي تصقل الخبرات والتطبيق العملي لطلبة الجامعة وأساتذتها.

إن الاستقراءات والدراسات والتجارب العالمية تؤكد أن تأسيس مثل هذه الواحات العلمية هي الأداة المثالية لتحول الدول نحو اقتصاد المعرفة خاصة تلك التي تحتوي على تكتلات صناعية ذات تقنية عالية لما لهذه الواحات من دور رئيسي في النهوض بالبحث العلمي ودعم الباحثين وبالتالي فإني ما زلت أنادي بصوت عال وجهور متى نستشعر المسؤولية المناط بنا ونحسن استثمار هذا التوجه الذي تبنته وزارة التعليم العالي وباركته الدولة وأقامته جامعة الملك سعود ونرى واحات علمية في كل جامعة وفي كل مدينة من أجل الريادة والتنافس عالمياً من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للأجيال القادمة.

إن عدم التعايش مع مثل هذه المتغيرات العالمية وضعف أو غياب الإستراتيجيات التنموية الواضحة المعالم لتبني الأنماط التي طرأت على متغيرات سوق العمل الديناميكية تعد مكمن خطر كبير في التنمية والتطوير الاقتصادي والاجتماعي، لذلك نجد من الضرورة بمكان أن تتفاعل الحكومات والهيئات والمؤسسات التعليمية الوطنية بمواكبة مثل هذه المتغيرات العالمية وتساهم بفعالية أكبر من خلال الاستثمار في مجال الاقتصاد المعرفي المتطور الذي يعد الثروة الحقيقية الفاعلة في بناء الأمم وبالتالي ردم الفجوة الناجمة عن التخلف في التعامل مع التطورات المعرفية والتقنية التي يعيشها العالم المعاصر مما يجعل مخرجاتنا الوطنية عاجزة عن التوافق مع حاجات الإنتاج وسوق العمل ولا تتلاءم مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ستواجهنا خلال الفترة القادمة وحتى نلتقي.

ملخص القول: لدى كل شخص القابلية لأن يصبح مبدعاً إذا ما توافرت له البيئة المناسبة.

profalamadani@gmail.com
 

الإبداع المعرفي.. الواحات العلمية نموذجاً
د. أسامة غازي زين المدني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة