ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 04/01/2012/2012 Issue 14342

 14342 الاربعاء 10 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يمارس بعضُ الناس أعمالاً لا نستعجُل فنقولُ: إنها خاطئةُ أو غيرُ حكيمةِ, وذلك عندما يخفون مركزهم المالي عن أقرب شخص لديهم كالزوجة والأبناء فينتجُ عن ذلك بعضُ الضرر, وبعضُ السلبيات التي تسبب لأبنائهم بعد وفاتهم

أعنى وفاة الآباء - بعضَ الارتباك, والقلق في كيفية توزيع التركة, وإعطاء كل ذي حق حقه وإبراء ذمة والدهم.

ونفصلُ الموضوع أو نضربُ الأمثلة فنقول: إن بعض الآباء يُحيطونَ ممتلكاتهم بالسرية التامة, فلا يعرف أبناؤُهم, وأقرب الناس إليهم شيئاً عن أحوالهم المادية, فقد يمتلكون أنواعاً مختلفة من العقارات, أو الأسهم أو غيرها,, ولكنَ أولادهم لا يعرفون شيئاً عن ذلك, ولا يستطيعون الاهتداء إلى المستندات والوثائق التي تثبت ملكيتهم لهذه العقارات أو الأسهم, وقد يتنازلون بمحض اختيارهم لأحد أبنائهم عن قطعة أرض, أو متاع من أمتعة الدنيا, أو يسجلون لحسابهِ مبلغاً من المال في أحد البنوك, دون أن يعرف بقية أفراد العائلة بذلك, وقد يتنازلُ الأبُ لابنه الأكبر, أو لأحد أبنائه عن قطعة أرض تنازلاً صورياً في حقيقة الأمر, من أجل الحصول على قرض من البنك لبنائها, ويتفقان على أن هذه المبايعة صوريةُ, وأنه ليس للابن إلا ما يستلمُ من البنك باسمه, وعليه أن يسدَد الأقساط في مواعيدها, أما الباقي, وهو الأرضُ, وما بُني عليها, وما قد يكون قد زودت به من أثاثٍ وسواه, وما تدره من ريع فهو ملكُ للأب, وحقُ من حقوقه, لكن الابًن قد يغلبهُ الشيطانُ ويعمي الطمعُ بصيرته فيصر- بعد وفاة والده - على أن الأرضَ أرضه, وأن ما أقيم عليها من بنيان, وما ضُم إليها من أثاث وسَواه ملكُ له, والنظامُ لا شك سوف يقف في جانبه, وقد يشتركُ الابنُ مع والده في تجارته, ويصبحُ - وخاصةَ عندما يتقدم السنُ بوالدهِ- الآمَر الناهَي, ولهذا يقنع والدهَ, ويحصلُ منه على توكيل رسمي, أو شرعي يُخوِّل له التصرف في جميع ممتلكات الوالد, فيبيُع، ويشتري, ويضع في حسابهِ بعض المال فإذا توفى الوالدُ ادعى هذا الابنُ أن المالَ مالُه, وأن الجهد جهده, وأنه ليس لأحد من الورثة نصيُب في هذا المال عدا النزر اليسير الذي تجود به يده, وقد يتعرض الأبُ لهزة مالية يضطرُ معها إلى بيع بيت من بيوته أو بيته الوحيد الذي يسكنه فإذا توفى جاء من يقول للورثة: إن البيت الذي تسكنونه مرهون لأحد التجار أو لفلان, وأن عليهم أن يغادروه في الحال قضاءً لحق والدهم، وقد يضطر الأب لاقتراض مبلغ من المال لمعالجة مشكِلة تواجهه, فإذا توفي واجتمع الورثةُ لاقتسام التركة جاء الدائنُ يطالبُ بحقه إبراءً لذمة الوالد, لأن القاعدة الشرعية تقول: لا تركة إلا بعد سداد الديون..

إلى غير ذلك من الصور التي يصعب حصُرها وتتفق في أنها تُسبب صداَع الأسرة وتورثُ الشحناءَ والأحن, وتكون سبباً في قطيعة الرحم التي أمر الله بوصلها وتهددَّ قاطعها بالويل والثبور, ويكون الفقيرُ الذي لا يكاد يملك شيئا, وهو فقير أحسنَ حالاً وأهدأ بالاً من أصحاب الآلاف أو الملايين الذين تكون أموالهمُ وعقاراُتهم حصد نزاع لا ينقطع بين أفراد العائلة الواحدة.

لهذا تحرص بعضُ الأسر بعد وفاة عميدها أو والدها على نشر إعلان عن إبراء ذمته تطلبُ فيه من أصحاب الحقوق موافاتها بأي مستندات رسمية تثبت حقاً من الحقوق لهم على والدهم حتى يتم الوفاءُ بذلك قبل توزيع التركة, وتناشد في نفس الوقت الآخرين بسرعة تسليمهم ما لوالدهم المتوفَّى من حقوق عليه, إبراء لذمتهم حتى لا يفاجئَهم الأجلُ المحتُوم أيضاً قبل أن يؤدوا ما في ذمتهم للغير من حقوق, وحتى يتسنى للورثة اقتسامُ كاملة التركة التي خلفها المتوفَّى لهم, لكن ذلك لا يجدي دائماً ولا يؤدي ثمراته المرجوة منه, لأن هذا الإعلانَ قد لا يطلع عليه كلُ صاحب حق, كما أن بعض الناس ممن لا يقدرُ عاقبة ما يعمل - قد يصُر مع ذلك على أنه غيرُ مدين للمتوفى بأي مبلغ من المال, لأن الوثائق التي تثبتُ ذلك قد طويت مع المرحوم أو أنها غيرُ موجودة أصلاً أو لأي سبب من الأسباب, وإزاء ذلك كله تظل تركةُ المتوفى شغل الورثة الشاغل سنين طويلة والله الموفق, وهو الهادي إلى سواء السبيل.

 

إبراء الذمة
د. محمد بن صالح الجاسر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة