ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 11/01/2012/2012 Issue 14349

 14349 الاربعاء 17 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

- شَرفتُ الليلةَ البارحة بالمشاركة في احتفال أنيق نظمته كوكبةٌ مباركة من خريجي أمريكا خلال سنوات من ستينات وسبعينات القرن الميلادي الماضي، وذلك احتفاءً بالمربَّي الفاضل الأستاذ عبد العزيز بن محمد المنقور، الملحق الثقافي الأسبق في أمريكا.

* * *

- وعبد العزيز المنقور، هو صاحبُ الأيادي البيضاء على الكثيرين من خريجي وخريجات الجامعات الأمريكية خلال الفترة المشار إليها، واسمه يتحدَّى النسيان لأنه منقوشُ بالشكر والعرفان في ذاكرة كلَِّ من عرفه أو تعامل معه من المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية.

* * *

- كان أبو محمد أخاً وصديقاً وأباً وعوناً أميناً بعد الله لكل من أولئك الطلاب، في سرَّائه وضرَّائه، ولم يكن بينه وبين أيٍّ منهم حجاب، كان يتلقَّى الاتصال المباشرَ من أحدهم لغاية ما، فيحسم القضيةَ التي تم بسببها الاتصال من الطالب، سواءً كانت مسألةً أكاديمية أو ضائقةً شخصية أو مالية يشكُو منها. أمّا إن كان الأمر يتعلق بمسألة تمسُّ حياتَه أمنياً أو صحياً، سارع المربَّي عبد العزيز المنقور بالشخُوص إلى مقرّ الطالب حيثما كان، ليقفَ إلى جانبه، ويبذلَ الممكن تغلّباً على معاناته.

* * *

- عرفتُ المربي المتميزَ عبد العزيز المنقور عبر نحو ست سنوات ونصف السنة أمضيتُها في الدراسة الجامعية وما بعدها، فلم يَخبْ لي فيه ظنُّ، وكان كما أسلفت الأخَ الودودَ والصديقَ الوفيّ الذي يُعدُّ كلَّ موقفٍ يتعرضُ له طالبٌ قضيةً شخصيةً له، ثم يَسعى إلى تذليلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

* * *

- وأتذكَّر في هذا السياق ثلاثةَ مواقف لا تُنسَى كان فيها استأذُنا المنقور نِعْمَ المربي القويّ الأمين، أسردُها باختصارٍ شديد عبر السطور التالية:

1) حاصَرتْني حصوةُ الكِلى في أواخر عام 1967م، فوقف معي موقف النبلاء، وهيّأَ لي سبيلَ العلاج في أحد المستشفيات الخاصة بمدينة لوس انجلوس، وظلَّ يتابعُ حالتي حتى كتَبَ الله لي الشفاء.

* * *

2) سانَدني أمامَ مشكلة أرّقتْني قبيل انتهائي من الدراسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، وكنتُ قد عقدتُ العزمَ على السفر إلى المملكة والعمل في معهد الإدارة العامة، باتفاق مسبق مع مديره آنئذٍ، معالي الأستاذ فهد بن سعود الدغيثر، بهدفِ تأسيسِ خلفيةٍ إدارية وعلمية تعينني على دراستي للماجستير وربَّما ما بعدها، لكنّني في الوقت نفسه، كنتُ أخْشَى أن يتعثَّرَ تحقيقُ هذا الحلم وتُجْهضَ رغْبتي في العودة إلى أمريكا لسببٍ من الأسباب، فأشار عليَّ سعادتُه أن أُحرزَ قبُولاً مبدئياً من الجامعة للدراسة العليا، وتعهّدَ في الوقت ذاته أن يُعزّزَ رغبتي تلك بخطابِ (تزكيةٍ) موجَّه إلى معالي وزير المعارف آنئذٍ، معالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ -رحمه الله.

* * *

- عُدتُ إلى المملكة صيف ذلك العام، وبدأتُ مشْوارَ الانضمَامِ إلى معهد الإدارة العامة، لكن حدَثَ ما لمْ أتوقّعْه، وحِيَل بيني وبين ما أردتُه، لصَاِلح جهةٍ حكوميةٍ أخرى كانت ترغبُ أنْ أعملَ بها، وشعرتُ يومئذٍ أنّ قبولَ ذلك العرض (الوزاري) سيُجْهضُ حلمي في العودة إلى أمريكا، فاعتذرت عن قبوله بإصْرار، ولما أُسْقِطَ في يدي، وبَارتْ حِيلتي، لجَأْتُ إلى معالي وزير المعارف أحمل وثيقةَ القبول من الجامعة، وخطاب التَّزكيةِ (المنقورية)، ولم يتَردَّدْ معالي الوزير آل الشيخ -رحمه الله- في الاستجابةِ لطلبي، فمنَحنَي الموافقةَ على إعادةِ ابتعاثي إلى ذاتِ الجامعةِ لدراسةِ الماجستير، وكان من أمري بعد ذلك ما كان!

* * *

- أمَّا الموقفُ الثالث الذي جمَعني بالمربَّي الفاضل عبد العزيز المنقور فقد كان طَريفاً بقَدر ما كان إنسانياً وحضارياً، فقد قرَّرتْ إدارة الجامعة أن يُمثَّل الطلاب الأجانب بها بطالبٍ غير أمريكي، ثم نظّمت انتخاباتٍ طلابيةً لاختيار أعضاءِ ما كان يعرف بـ(حكومة الطلاب) ضمن إدارة الجامعة، وشجّعني زملاءُ كثيرون، سعوديون وعرب وأجانب، على قبول الترشيح لذلك المنصب نائباً عن الطلاب الأجانب، ونَافَسني في ذلك السَّباق طالبٌ تركي، وحلَّ يومُ التصويت وزَارني قبل ذلك اليوم مَنْ (وسوس) لي بأن خطوةً كهذه (ليسَتْ من مصلحتي) في شيء، لكن قَناعِتي كانت قد رسَتْ على المضيّ فيما بَدأتُه، متوكَّلاً على الله.

* * *

- وفي ذلك اليوم، حلَّ المربَّي المنقور ضيفاً على أبنائه الطلاب في الجامعة، قادماً من نيويورك في زيارة تفقدية، والتقينا به في (كفتريا) الجامعة، فسَارعتُ إلى إحاطتِه بما أقْدمتُ عليه، وأنه شأنٌ طلاّبي بحت، لا علاقة له بالسياسة خارج أسوار الجامعة، فابتسم مهنّئاً، وقال مخاطباً جَمْعاً من الطلاب السعوديين كانوا خَفّوا إلى المكان للسلام عليه: (يا أخوان اليوم تعقد انتخابات «حكومة الطلاب» في جامعتكم، وأحثكم على تشجيع مرشحكم الطالب عبدالرحمن السدحان)، ثم قال مدَاعِباً: (مَنْ لم يصّوتْ له اليوم، فلا يَتوقَّع أن يرَى شيك المكافأة الشهر القادم!) وضَحِكَ وضَحِكَ الجميع، وازدادت نفسي ثقةً، وكُتِبَ لي الفوزُ على منافسي التركي بفَارقٍ غير يسير.

* * *

وبعد..،

- فإن الدعوةَ الكريمةَ لتكريم مربينا الفاضل الأستاذ عبد العزيز بن محمد المنقور، تمثل رمزاً يسيراً من الوفاء والعرفان للرجل الذي علمَّنا الشهامة وثقافة العرفان في كل تعاملاته!

 

وقفة وفاء وعرفان للمربي عبدالعزيز المنقور
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة