ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 14/01/2012/2012 Issue 14352

 14352 السبت 20 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عندما نَشرتُ في جريدة الجزيرة بتاريخ 2 صفر 1433هـ الموافق 27 ديسمبر 2011م مقالي الذي عنوانه (فصل الخطاب في مزاعم كاتب مجلة ساينس الكذاب)، والذي بيَّنت فيه فساد مزاعم كاتب مجلة ساينس الأمريكية وتجنِّيه على جامعات المملكة وبخاصة جامعة الملك سعود، واتهامها باستخدام المال (الكاش) للارتقاء بترتيبها في سلالم التصنيفات العالمية للجامعات، تلقيت اتصالات ورسائل هاتفية كثيرة أغلبها المطلق مؤيد ومبارك، والقليل القليل منها المعاتب.

وفي حواراتي مع المعاتبين ومن خلال متابعاتي لما كتب حول المقال وما أثاره من ردود وتعليقات لم أجد أحداً على الإطلاق اعترض على صحة ما ضمَّنته مقالي من حقائق وأدلة تدمغ افتراءات كاتب مجلة ساينس، ولا من فنَّد ما بنيت عليه اتهامي للكاتب بالكذب والتدليس وما بررت به وصفي له بالأفاك وبالدجال، فقد كانت التعليقات إما حول أمور تقع خارج نطاق ما تضمنه مقالي أو حول عدم مناسبة استخدامي لكلمات الكذاب والأفاك والمدلس وما إليها في وصف كاتب المقال. وقد استوقفني ما كتبه الأخ العزيز الدكتور محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ ونشرته جريدة الحياة في عددها الصادر بتاريخ 3 يناير 2012م بعنوان «المساس بأخلاقيات البحث والنشر العلمي... موطن الخلل»، وذلك لأمرين، الأول لأنه أشار إلى مقالي عن كاتب مجلة ساينس، والثاني لما تضمنه مقاله من اتهام خطير لجامعة الملك سعود حين قال ما نصه: «ولكن من وجهة نظري الأكاديمية، وبحُكم طبيعة وظيفتي السابقة بجامعة الملك سعود، هناك مواطن خلل واضحة في برامج البحث العلمي لا يمكن أن تسلكه أي جامعة محلية أو عالمية تحرص على سمعتها ورُقيِّها، هذا الخلل يتعلق بمبدأ أساسي تحافظ عليه الجامعات المحترمة وتصونه، ألا وهو «أخلاقيات» البحث والنشر العلمي». وعلى الرغم من أن أحد المعلقين على مقال الدكتور محمد في موقع جريدة الحياة الإلكتروني قد كفاني بعض مؤونة التعليق على مقاله حين علق بقوله: «مقال إنشائي لم يقدم فيه الكاتب أي معلومة ذات قيمة على الإطلاق. ولم أتمكن من معرفة ما الذي أراد الكاتب أن يعبر عنه بالتحديد. إن كان يقصد إن جامعة الملك سعود غير مهتمة بأخلاقيات البحث العلمي، فهو لم يقدم أي دليل على ذلك، مثلما إنه لم يقدم أي دليل على عدم صحة وموضوعية من انتقدوا مقال مجلة ساينس......... إن كل كلام مرسل في أمر خطير يتعلق بالأخلاق والأمانة العلمية أمر غير مقبول ولا يليق أن يصدر من أي أحد دع عنك ممن هو أستاذ جامعي ومن كان عميداً للدراسات العليا في جامعة بحجم جامعة الملك سعود». على الرغم من ذلك إلا أنني أجد من واجبي أن أبين بعض أوجه الخلل الكبيرة والكثيرة في مقال أخي الدكتور محمد وأملي أن يتسع صدره لما سأورده، فالحق أحق أن يتبع:

أولاً: يقول أخي الكتور محمد في مستهل مقاله ما نصه: «فقد انبرى عدد من الكُتَّاب للرد على مقال مجلة ساينس بطريقة يتفق عليها أكاديميون كُثر بأنها غير علمية وغير موضوعية، وخرج هؤلاء الكُتَّاب باستنتاجات غريبة بل ومُحرجة جداً لنا كوطن ومواطنين...... ومنهم من وجد أنَّ كاتب مقال مجلة ساينس هو كذَّاب ومفترٍ وأفَّاك ومحرِّف ومُدلِّس ودَجَّال وأعمى بصيرة وبصر، بل وفاشل في دراسته العليا!». وأقول للقراء: أنا من يشير إليه أخي محمد في هذا الكلام، فأنا من وجد أن كاتب المقال كذاب ومفترٍ وكل ما ذكره الدكتور محمد، بل وأزيد عليه اليوم فأقول إنه كذاب أشر. وقبل أن أبيّن لماذا قلت وأقول إنه كذلك فإنني أود أن أذكر أخي الدكتور محمد بأنه كان من الواجب عليه أن يبيّن لنا أين وجه الغرابة في استنتاجي الذي توصلت إليه عن ذلك الأفاك؟ وأين وكيف ابتعدت عن العلمية والموضوعية في ردي عليه؟ ومن أي وجه كانت استنتاجاتي غريبة ومحرجة له وللمواطنين؟ فهذا من أقل ما يوجبه الالتزام بأخلاقيات المنهج العلمي، وهو من صميم أخلاقيات الكتابة الصحفية.

ثانياً: إن تسمية الأشياء بأسمائها ليست خروجاً عن العلمية والموضوعية ولا هي أمر غريب بل هي واجب من واجبات المنهج العلمي، وإن الحقيقة لا تحرج إلا أعداءها والمحاربين لها، ولو أن أخي الدكتور محمد أثبت لي وللقراء بأن كاتب مقال مجلة ساينس لم يكذب فيما أورده في مقاله ولم يدلس ولم يكن أفّاكاً لوجدت له العذر كل العذر فيما قاله وكتبه، بل ولشكرته واعتذرت لكاتب المقال وللقراء عن تسرعي باتهام كاتب المقال دون حق. ولكن ما لا عذر للأخ محمد فيه على الإطلاق هو إطلاق الاتهامات بلا دليل، وتجاهل الأدلة والبراهين الدامغة التي تثبت كذب كاتب مجلة ساينس وتفضح تدليسه وتبيّن بجلاء لا غموض فيه تجرده من الالتزام بالمنهج العلمي ومن أبسط واجبات الكتابة الإعلامية. ولكي لا يكون الكلام عاماً ومرسلاً كمقال الدكتور محمد فإنني أذكّره والقراء الكرام بادعاءات كاتب مجلة ساينس الرئيسة وهي: «(1) إن جامعات المملكة تشتري بالمال (الكاش) المكانة العالية في التصنيفات العالمية للجامعات. (2) إن عقود جامعة الملك سعود مع من تتعاون معهم في برنامج الأساتذة الزائرين تنص على أن الأستاذ الزائر يجب أن ينشر خمس مقالات في السنة في مجلات علمية موجودة ضمن تصنيف (ISI) كما يعرض العقد دفع مبلغ مالي مقابل كل مقال علمي ينشره الأستاذ الزائر، على أن يكون مكتوباً بالاشتراك مع أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك سعود. (3) إن الدكتور عبدالقادر الحيدر أستاذ الصيدلة بجامعة الملك سعود أبلغ كاتب المقال أن البحوث التي أوصلت جامعة الملك سعود لما وصلت إليه من مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية قليل منها تم في الجامعة (أي إن غالبية البحوث تمت خارج الجامعة). (4) إن مجلة ساينس حاولت إجراء مقابلة مع مسؤولين من جامعة الملك عبدالعزيز، لكنهم لم يردوا على ذلك. (5) إن جامعة الملك سعود في الرياض تقدمت مئات الأماكن في التصنيف الدولي خلال السنوات الأربع الماضية من خلال مبادرات تهدف بشكل خاص إلى ربط اسم جامعة الملك سعود مع منشورات بحثية بغض النظر عما إذا كان العمل تضمن أي تعاون ذي معنى مع باحثي جامعة الملك سعود.» هذه هي مزاعم الكاتب الأفاك في مقاله في مجلة ساينس، وهي ما يجب أن يتم التركيز عليها وأن تتم محاسبته على أساس مدى صدقها من عدمه. وإن أي محاولة للالتفاف على هذا الأمر ما هي إلا تهرب من مواجهة الحقيقة وتملص من ضوابط الحوار العلمي.

وليسمح لي أخي الدكتور محمد آل الشيخ وكل من انساقوا وراء مزاعم كاتب المقال أن أسألهم: هل حاول أي منكم التحقق من مزاعم كاتب مقال مجلة ساينس قبل أن يتخذ موقفه؟ ألم يطلع أي منكم على ما تضمنه مقال الدكتور محمد الفقيه في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 25 ديسمبر 2012م، ومقالي في جريدة الجزيرة بتاريخ 27 ديسمبر اللذين فندا بالحقائق والأرقام والأدلة الدامغة كذب وافتراء الكاتب الأفاك؟ إن كنتم لم تطلعوا على المقالين أو إن كنتم نسيتم فإنني أذكركم بالحقائق والأرقام وليس بالكلام المرسل الذي لا قيمة له ولا وزن عند كل أحد دع عنك عند أهل العلم. (1) ليس في أي عقد من العقود التي وقعتها جامعة الملك سعود مع الأساتذة العالميين أي اشتراط من الاشتراطات التي افتراها كاتب مقال مجلة ساينس الأفاك وزعم زوراً وبهتاناً إنها موجودة في العقود التي توقعها جامعة الملك سعود مع الأساتذة الزائرين، وهذا أمر تأكدت منه بنفسي ولدي نسخة من صيغة العقد لمن أراد الاطلاع عليها. (2) أنكر الدكتور عبدالقادر الحيدر بشكل قاطع كل ما افتراه كاتب المقال ونسبه إليه حسب ما نشرته صحيفة سبق على لسان الدكتور عبدالقادر بتاريخ 10-11-2011م، وحتى لو افترضنا أن الدكتور عبدالقادر قال ما زعم كاتب المقال إنه قاله (وهو كما نعلم الآن لم يقله)، فقد كان الواجب المهني والعلمي والأخلاقي يفرض على كاتب المقال أن يتحقق من حقيقة ذلك القول قبل أن يتبنّاه ويبني عليه تشويهاته سواء أكان ذلك بالاتصال بجامعة الملك سعود أم بالاتصال بعينات من الباحثين أنفسهم. (3) لقد نفى وكيل جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عدنان بن حمزة محمد زاهد في البيان الذي أصدره نيابة عن جامعة الملك عبدالعزيز تلقي الجامعة أي اتصال أو طلب إجراء مقابلة من مجلة ساينس على الإطلاق، كما زعم كاتب مقال مجلة ساينس، والبيان منشور في موقع جامعة الملك عبدالعزيز الإلكتروني لمن أراد الاطلاع عليه، ولم يقدم لنا كاتب المقال أي دليل على زعمه بأنه اتصل بالجامعة. (4) إن جامعة الملك سعود لم «تتقدم مئات الأماكن في التصنيف الدولي خلال السنوات الأربع الماضية من خلال مبادرات تهدف بشكل خاص إلى ربط اسم جامعة الملك سعود مع منشورات بحثية بغض النظر عما إذا كان العمل تضمن أي تعاون ذي معنى مع باحثي جامعة الملك سعود» (كما زعم كاتب مجلة ساينس الأفاك)، وإنما تقدمت لأسباب أكاديمية حقيقية أصيلة بيّنتُها بتفصيل في مقالي امنشور في صحيفة الجزيرة.

وللتذكير فإنني أشير بشكل عاجل إلى بعض ما ذكرته مما يفند افتراءات الكاتب الأفاك في هذه المسألة، فقد احتلت الجامعة المرتبة 101 عالمياً في مجال الآداب والعلوم الإنسانية في تصنيف QS وهي لم توقع أي عقد مع أي أستاذ عالمي على الإطلاق في كليات الآداب والعلوم الإنسانية وتخصصات العلوم الاجتماعية، وقد احتلت الجامعة المرتبة 184 عالمياً في التصنيف الأسباني (ويبوماتركس) وهو تصنيف لا يعتمد بشكل مؤثرعلى حجم النشر العلمي حيث إن نسبة النشر من مجمل التقويم في هذا التصنيف لا تتجاوز (20%)، وقد صنفت الجامعة قي عام 2009م ضمن أفضل 500 جامعة في العالم في تصنيف جامعة شانغهاي وبالتحديد في المرتبة (402) قبل البدء في تنفيذ برامج زمالة عالم وحين كان مجمل بحوثها في ISI لا يتجاوز 543 بحثاً، إضافة إلى ذلك فإن مجموع ما نشر من بحوث برنامج زمالة عالم في جامعة الملك سعود خلال السنوات الثلاث الماضية لم يتجاوز 169 بحثاً، في حين أن مجموع ما نشر من بحوث الجامعة تجاوز 3543 بحثاً، وبناء على ذلك فإن نسبة بحوث زمالة عالم أقل من نصف في المئة من مجموع البحوث، فأي تأثير يمكن أن ينسب إلى ما نسبته أقل من نصف في المئة؟، كما إن 37% من الأساتذة الزائرين في جامعة الملك سعود لم ينشر أي بحث على الإطلاق لصالح الجامعة، وإن جميع العلماء الذين استعانت بهم الجامعة سواء من الحاصلين على جائزة نوبل أو جائزة فيلدز لا تستفيد منهم الجامعة في التصنيف، لأن الجائزتين لا تحسبان في التصنيف إلا إذا كان الحاصل عليهما إما متخرجاً في الجامعة نفسها أو يعمل فيها بشكل كامل، وأخيراً تضاعف تسجيل براءات الاختراع باسم جامعة الملك سعود ثماني مرّات في مكاتب براءات الاختراع الأمريكي والأوروبي والياباني ومدينة الملك عبدالعزيز ليصل في عامي 2010م و2011 م إلى 261 براءة اختراع، أكثر من خمسين في المئة منها مسجل في مكتب براءات الاختراع الأمريكي، وهناك أكثر من 600 نموذج إفصاح عن اختراع لمنسوبي الجامعة في المكاتب الإقليمية والعالمية المختلفة، وكل هذه الاختراعات لا علاقة على الإطلاق ولا بأي شكل من الأشكال بالأساتذة المشاركين ببرنامج زمالة عالم. وأضيف اليوم إلى كل ذلك ما صرح به العالمان بول ميشيل أستاذ علم الأحياء والكيمياء الحيوية الصيدلانية ورئيس قسم الصيدلانيات بكلية الطب في جامعة هونج كونج، والعالم جاك ديمونت الأستاذ في كلية الطب في جامعة بروكسيل اللذان أجت معهما صحيفة مجلة الجامعة حواراً بتاريخ 7 ديسمبر 2011 ذكر فيه الأول (البروفيسور بول ميتشل) عن مقال مجلة ساينس ما نصه: «أود أن أبين أنني فهمت من المقال (أي مقال مجلة ساينس) أن تلك العقود قصد منها دفع مبالغ لأناس مثل شخصي حتى يرتبط اسمى بالمركز، وأفيد بأنني لن أسمح بحدوث ذلك إن لم أكن مقتنعاً بأنه يمكنني مساعدة زملائي هنا لعمل شيء مفيد، أكرر لن أقبل بذلك إذا كان الأمر يتعلق فقط بالمال.»، كما ذكر ما نصه: «ما يهمني توضيحه هو أن ما جاء في المقال (أي مقال مجلة ساينس) لا يخرج عن كونه أمراً تبناه أناس يملؤهم الحقد». كما ذكر العالم الآخر الدكتور جاك ديمونت الأستاذ في كلية الطب في جامعة بروكسل في بلجيكا ما نصه: «لم أشارك بأي ورقة علمية للجامعة (أي جامعة الملك سعود)، فقط أقوم بمساعدة الباحثين الذين يكتبون الأوراق العلمية أنفسهم، كما أقوم بالاطلاع على الأوراق وأقترح المجلات المناسبة للنشر، إطلاقاً لم أكتب أي ورقة من الأوراق». فهل يليق في ضوء كل هذه الحقائق أن تستمر المكابرة والإصرار على الدفاع عما ادعاه الكاتب الأفاك؟، وهل نلام إذا وصفناه بما وصفناه به من كذب وتدليس وإفك؟

ثالثاً: لست أدري كيف لم يدرك أخي الدكتور محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ -وفقه الله- الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها كاتب مقال مجلة ساينس فيما يتعلق بالمنهج العلمي والمهنية الإعلامية. فهل من المنهج العلمي والمهنية الإعلامية أن تستقى المعلومات من غير مصادرها الأولية إذا كان الوصول إلى المصادر الأولية ممكناً؟ وهل من المنهج العلمي والمهنية الإعلامية أن تعرض وجهة نظر واحدة دون إتاحة الفرصة لوجهة النظر الأخرى؟ وهل من المنهج العلمي والمهنية الإعلامية أن يساق وينشر الاتهام دون أن تتاح للمتهم فرصة الدفاع عن نفسه؟ وهل من المنهج العلمي والمهنية الإعلامية الافتراء على الناس والكذب عليهم؟ وهل من المنهج العلمي والمهنية الإعلامية التدليس والإلتفاف على الحقائق؟ إنني أربأ بأخي محمد وأمثاله من إخواني أساتذة الجامعات ممن نحو نحوه عن ألا يدركوا هذه الانحرافات الظاهرة، بل وأن لا يتبيّن لهم غياب الموضوعية وتقصد الإساءة في مقال مجلة ساينس، وما أصدق أخي الدكتور محمد الفقيه عندما قال في مقاله «إن مجلة ساينس اتبعت مقاييس مختلفة وتناقضت في الاستنتاج في هذا المقال مقارنة بمقالات سابقة في المجلة نفسها عن جامعات المملكة بطريقة لا يمكن أن تكون عفوية في مجلة بهذا المستوى العلمي».

رابعاً: أورد أخي الدكتور محمد آل الشيخ في مقاله ما نصه: «ولكن من وجهة نظري الأكاديمية، وبحُكم طبيعة وظيفتي السابقة بجامعة الملك سعود، هناك مواطن خلل واضحة في برامج البحث العلمي لا يمكن أن تسلكه أي جامعة محلية أو عالمية تحرص على سمعتها ورُقيِّها، هذا الخلل يتعلق بمبدأ أساسي تحافظ عليه الجامعات المحترمة وتصونه، ألا وهو «أخلاقيات» البحث والنشر العلمي». وهذا كلام خطير وخطير جداً، ولدي شعور بأنه زلة قلم وأن أخي الدكتور محمد لم يدرك أبعاده الشرعية والقانونية أولاً، ولا الأكاديمية والعلمية ثانياً، وإلا لما أطلقه بالطريقة التي أطلقه بها. إنه اتهام خطير ومباشر لذمم باحثين ومسؤولين من زملائه في الجامعة لم يقدم الدكتور محمد في مقاله أي دليل عليه على الإطلاق، بل إنه اتهام للجامعة كلها بأنها لا تحافظ على أخلاقيات البحث والنشر العلميين ولا تصونها. وإذا لم يكن لدى الدكتور محمد آل الشيخ دليل قوي وقوي جداً على هذا الاتهام الخطير، فإنني أطالبه بالاعتذار عنه في أقرب وقت ممكن لأن المسؤولية الأخلاقية والقانونية المترتبة عليه كبيرة وكبيرة جداً.

رابعاً: يقول الدكتور محمد في مقاله المشار إليه ما نصه: «وعلى رغم أنَّ المقال صَدَرَ عن مجلة ساينس الأميركية الشهيرة، وهي مجلة علمية مرموقة لا يمكن لأحد لأن يُشكِّك في صدقيتها العلمية بهذا الأسلوب الصحافي المتواضع المبني على حُجج وأعذار وكلمات عفا عليها الزمن، خصوصاً أنَّ جميع الجامعات العالمية المحترمة تهتم بهذه المجلة اهتماماً كبيراً، بل تزخر مكتباتها الجامعية بجميع أعدادها منذ صدورها، وبالتالي تُجمِع الجامعات العالمية على مكانة وعلو قدر مجلة ساينس». وأقول لأخي محمد -وفقه الله: إن مجلة ساينس وبحوثها العلمية شيء ومقالة الأفاك المنشورة في القسم غير العلمي من المجلة شيء آخر، وأقول له: إن مجلة ساينس لم تنل مكانتها العلمية بمقالات هابطة مثل مقالة هذا الكاتب الأفاك، وإنما ببحوث علمية سهر عليها علماء أفذاذ من أمثال الدكتور عبدالله الزير أستاذ فيزياء الليزر بجامعة الملك سعود الذي نشرت له مجلة ساينس عدداً من البحوث خلال السنتين الماضيتين، وإذا كان أخي محمد لا يفرّق بين ما تنشره المجلة من بحوث علمية رصينة في قسمها العلمي وبين مقالة الأفاك المدلس المنشورة في القسم غير العلمي فأرجو أن يسأل أهل الذكر. وفي جانب آخر فإنه وإن كانت مجلة ساينس مجلة علمية مرموقة وتهتم بها الجامعات العالمية وتجمع على مكانتها وعلو قدرها، فإن ذلك لا يعصمها من الوقوع في الخطأ حتى في قسمها العلمي دع عنك قسمها غير العلمي، بل هي في معيار الحق والباطل والصواب والخطأ مثل غيرها من المجلات تخطئ وتصيب وينتقد خطؤها ويقوّم زللها، بل إن النّكير عليها يجب أن يكون أشدّ لكونها مجلّة يؤخذ ما تنشره بجدية أكثر من غيرها. وبعد هذا كله وقبله لست أدري والله أي مقالة ينطبق عليها وصف «الأسلوب الصحافي المتواضع»، أهي مقالة أخي العالم الدكتور محمد الفقيه ومقالتي المدعومتان بالأدلة والبراهين والموثقتان بالاستشهادات والاقتباسات والإحالات أم مقالة الدكتور محمد آل الشيخ الخالية تماماً من أي برهان أو دليل أو حتى قرينة والتي لم تتضمن سوى كلام عاطفي إنشائي مرسل؟

أخيراً فيما يتعلق باستخدامي لكلمات مثل الكذاب والأفاك والمدلس وما في حكمها في وصف كاتب مجلة ساينس، فإنني أود أن أذكر جميع من عاتبوني على ذلك بأن الله عزّ وجل يقول في سورة النساء: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) سورة النساء، فكيف بالجهر بالحق وبالصدق؟، ويقول في سورة الشعراء: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (221 - 222) سورة الشعراء، ويقول في سورة الجاثية: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7 -8) سورة الجاثية، ويقول في سورة القمر: سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) سورة القمر. وحسبي إذنٌ وسماحٌ من الله عزّ وجلّ في قول ما قلت، وحسبي أنني استخدمت كلمات وردت في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأملي الكبير ألا تكون هي ما قصده الدكتور محمد بقوله: «كلمات عفى عليها الزّمن»، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

(بل هو كذاب أشر - أيها العزيز)
د.أحمد بن عثمان التويجري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة