ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 02/02/2012/2012 Issue 14371

 14371 الخميس 10 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أشعر وأنا أرقب من بعيد مباريات دوري زين، وأسمع شيئاً مما يدور من حوارات وتحليلات وتصريحات وأحاديث ثنائية وجماعية وتبادل للتهم وتناوب في الأدوار وهتافات وصراخ وضجيج وتفاعل جماهيري قبل المباراة وبعدها، وأسئلة مراسلين هنا وهناك، ونقد محللين من مختلف الجنسيات، وذلك من خلال برامج رياضية خاصة ذات أسماء مختلفة ومضامين متقاربة محلية وخليجية يتابعها المشاهد عبر القنوات الإعلامية المرئية منها والمسموعة، المتخصصة والإخبارية والعامة، الحكومية منها والخاصة، ويقرأ عنها في صفحات الصحف القديمة منها والجديدة، ويتفاعل في الكتابة حولها من خلال مواقع الإنترنت والمنتديات والمجالس وفي المدرجات و... أشعر بصدق وأنا أتأمل هذا المشهد المكتظ الذي لا يوجد لا في السياسة ولا الاقتصاد ولا الاجتماع ولا حتى الدين أننا أصبحنا أمام ظاهرة صوتية متشعبة وربما مؤذية نقلت الدوري السعودي من دائرة الفعل التي هي الأساس إلى القول الذي لا يعدو أن يكون نتاج، الأصل فيه محدودية المساحة الزمانية والحيز المكاني، ولا أبالغ إذا قلت إن الحال وصل بصغارنا إلى أن صار كل منهم مدرب بالكلام، ولديه التصور المتيقن أنه يملك القدرة على التحليل بل وحتى التعليق، وفي المقابل قلت القدرات المهارية لدى صغار السن الذين يعشقون الكرة ويتابعون الأحداث بشغف وانسجام .

نعم هناك فرق كبير بين التفاعل الشعبي مع أحداثنا الرياضية خاصة كرة القدم بين الأمس واليوم، فأنا شخصياً، أذكر أننا ونحن صغاراً، كان لدينا في الحي الذي نسكن فيه ملعباً ترابياً نستمتع في اللعب على أرضه خاصة بعد انتهاء المباريات المنقولة تلفزيونياً وعلى وجه الخصوص حين تكون هذه المباراة بين الأندية الكبار التي نشجعها كديربي الرياض أو جدة أو الشرقية سابقاً أو حائل أو..، ونحاول أن نحاكي الحركات التي أبدع فيها اللاعبون داخل المستطيل الأخضر طوال تسعين دقيقة، وكم هي فرحتنا حين نجيد فن المحاكاة حسب ما تصوره لنا أفهامنا ومداركنا البسيطة والصغيرة ..واليوم كما قلت قبل قليل وفي ظل غياب ما يسمى «الحواري» افتقد الصغار متعة اللعب وتقمص كل منهم دور المدرب أو المحلل أو الناقد أو قل ما شئت... مما جعل الكرة السعودية تتحول من فعل إلى قول، حتى في مدارسنا صارت مادة التربية البدنية بلا روح إبداعية تلفت الانتباه، وليس فيها لذة المنافسة ورغبة الإمتاع.

إن هذا السلوك الذي جعل الدوري السعودي ظاهرة صوتية أكثر منها ممارسة حقيقية جر البعض من المتواجدين في الساحة سواء إداريين أو لاعبين أو إعلاميين أو مشجعين إلى قول ما لا يليق بهم نتيجة الحماس الغير مبرر وجراء الانتماء المتشنج، وكما قيل «من كثر كلامه كثر سقطه»، كما أنه صرف البعض من الباحثين عن متعة الإبداع الكروي إلى البحث عن ضالتهم بعيداً عن الضجيج الإعلامي السعودي في الدوري الإنجليزي أو الأسباني أو حتى الخليجي، ولذا فهذه دعوة إلى ترشيد القول والتخفيف من هذا السيل الكلامي الذي يذهب باللب ويفقد التوجه الفعلي للمهم من هذا النشاط الجسدي الذي ينصح به الأطباء الجنس البشري ككل النساء والرجال، منذ الصغر وحتى الشيخوخة، وعندي قناعة مسبقة أن هذه الدعوة إلى الترشيد القولي قد لا تجد الإستجابة ولو بنسبة بسيطة لأن هناك فئة مستفيدة من هذا التصعيد الكلامي الذي لا يتواكب والمستوى الفني للدوري السعودي كما كان في السابق!!.

إن المطلوب مجتمعياً وعلى وجه الخصوص إعلامياً وتربوياً هو الاهتمام والتثقيف بأهمية ممارسة الرياضة، وتنمية مهارات طلاب المدارس، والتوظيف الأمثل للحدائق داخل الأحياء السكنية لتكون ملاعب رياضية لا الاكتفاء بالجلوس على مقاعد المتفرجين والمشاركة في الضجيج الإعلامي الذي يؤدي إلى التشنج والتقاطع!!، وهنا أشيد بجهود أمانة حائل الساعية هذه الأيام إلى زرع عدد من الملاعب المجهزة على مساحات شاسعة من حدائقنا العامة التي كانت حتى أيام قلائل مجرد أراض بور لا تتحق الفائدة منها بالشكل الصحيح بل على العكس كانت عبئاً ومكاناً لتجميع المخلفات!!.

إن السمنة والكسل والأمراض المتعددة التي تهدد حياة صغارنا قبل الكبار تتطلب الاهتمام بالنشاط الرياضي خاصة ما يتلاءم والهواية الشخصية للفرد السعودي.. واستغلال مراكز الأحياء التي بدأت تنتشر في مناطق المملكة المختلفة في إدارة وتفعيل ممتلكات الحي لخدمة جميع طبقاته وكل أطيافه أمر هام، فالعقل السليم في الجسم السليم، والرياضة أيها الرياضيون خاصة كرة القدم هي في الأصل ممارسة لا قول، وتفاعل لا انفعال، ومشاركة لا مشاهدة.. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
كرة القدم السعودية ظاهرة صوتية!!
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة