ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 02/02/2012/2012 Issue 14371

 14371 الخميس 10 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

المسؤول عن النشر في الوسيلة الإعلامية أياً كان نوعها دائماً ما يُحَكِّمُ خبرته فيما يمكن نشره، وما لا يجيز نشره، لأن المسألة محض تقديرية. غير أنه يحاول ما أمكن أن يتجاوز المنع بالتعديل والشطب والإضافة لإجازة المادة الصحفية؛ وفي خضم هذه الرقابة والتعديلات والشطب والإضافة تحدث بعض القصص المضحكة التي تعطي تصوراً لما يدور خلف كواليس الصحافة والإعلام؛ أو بلغة طاش (شي ما شفتوه). منها أن أحد رؤساء التحرير لدينا كان يقرأ مقالاً لإجازته يحث ويشجع على طلب العلم؛ واستدلَّ الكاتب في مقاله بحديث (اطلبوا العلم ولو في الصين)؛ وهو حديث ضعيف بالمناسبة؛ وخشي رئيس التحرير أن يُفهم من مضمون الحديث أنه يُشجع على السفر إلى الصين (الشيوعية)، وبعد تفكير عميق هداه تفكيره إلى إضافة جملة ليقطع بها الشك باليقين مفادها: (ولا شك أن المقصود بالصين هنا هي «الصين الوطنية» طبعاً)!

ويروي الكاتب خالد القشطيني كثيراً من مثل هذه المواقف الساخرة في كتابه خفيف الظل (السخرية السياسية العربية) وهو من أفضل ما قرأت عن الأدب الساخر عند العرب؛ منها: (عندما مَثّلتُ مجلة «شؤون عربية» التي تصدرها جامعة الدول العربية كانت التعليمات التي وجهت إليَّ أن المحررين يجب أن يتمتعوا بحرية مطلقة في قول ما يشاؤون عن العالم العربي، إلا ما فيه نقد أو طعن في إحدى الدول العربية الاثنتين والعشرين!).. ومما جاء فيه أيضاً: (كانت عقيلة أنور السادات يوماً في أحد المخازن الكبرى، فأفلت أحد المساعدين أمامها ريحه. فاغتاظت السيدة الأولى وصاحت به: «قليل الأدب»! فأجابها الشاب معتذراً معاتباً: «سيدتي، رفقاً بنا.. لقد سدَّ زوجك أفواهنا، فهل تودين أنتِ أن تسدي أدبارنا؟!»..). ويروي قصة أخرى في السياق نفسه يقول: (روى الدكتور قتيبة آل شيخ نوري، بعد رجوعهم من مؤتمر طبي عقد في لندن أنه سُئل في المؤتمر إذا كان أطباء العراق قد أضافوا شيئاً جديداً إلى تراث أجدادهم العظيم في علم الطب، فأجاب: طبعاً، لقد اخترعوا مؤخراً جهازاً يستطيع أن يمر من أسفل البدن عبر الأمعاء والمعدة، صعوداً إلى الحنجرة، مروراً بالحلقوم، إلى اللوزتين ليستأصلهما بالكهرباء. فقال له أحد المستمعين:

- ولكن لماذا هذه الدورة الطويلة! بإمكانه أن يصل إلى اللوزتين بلحظة عن طريق الفم؟

- صحيح.. ولكن من يستطيع أن يفتح فمه في العراق؟)

والضحك شكل من أشكال التعبير يأخذ أحياناً منحى النقد أو التعبير الرافض؛ يقول عاطف سلامة في مقال له في موقع «الحوار المتمدن» على الإنترنت: (المدرسة الفرويدية فسرت النكتة على أنها نوع من أنواع التعبير عن اللا شعور والأفكار غير المعلنة، وأن قوة النكتة تكمن في هدفها، وعادة تكون الأفكار غير المعلنة مؤلمة ومستفزة تؤدي إلى صراع نفسي كبير لدى الفرد، وتعبر النكتة عن نقد لواقع يصعب نقده بشكل مباشر وصريح، لذلك يلجأ الناس عادة إلى النقد عن طريق النكات).

ولم يعرف العرب ولا ثقافتهم حرية الرأي بمعناها المعاصر حتى احتكوا بالثقافات الأخرى؛ وهذا ما تحاول أن تعبِّرَ عنه النكتة التي تقول: سُئلَ أمريكي وأفريقي وعربي ما هو رأيكم في انقطاع الكهرباء؟.. فسَأَل الأمريكي: ما معنى انقطاع؟. وسَألَ الإفريقي: ما معنى كهرباء؟. وسَأل العربي: ما معنى رأي؟. وهو ما تؤكده الحكمة العربية العريقة التي تقول: (إذا كان الحديث من فضة فإن السكوت من ذهب)؛ ومن سكتَ سلم.

إلى اللقاء.

 

شيء من
حرية الرأي وبعض المواقف الساخرة!
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة