ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 09/02/2012/2012 Issue 14378

 14378 الخميس 17 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

في كل بلاد الدنيا هناك سقف للحريات كل من تخطاه يقع تحت طائلة القانون. فالسلم الاجتماعي لا يتحقق إلا إذا أخذت هذه المجتمعات بترسيخ التعايش بين مواطنيها من خلال احترام مقدساتهم، وعدم المساس بها، أو النيل منها بما قد يثير الحساسيات، ويؤدي إلى انفراط عقد الأمن الاجتماعي. ومن يظن أن الحرية تعني الفوضى، أو تعني أن تمارس حريتك دون أن تكترث بردود أفعال الآخرين، غير عابئ بما يُثيرهم، أو يستفز مشاعرهم، فيجب أن توقفك السلطة، ويتدخل القضاء ويردع مثل هذه الممارسات غير المسؤولة. هذا المنطق الذي أتحدث عنه هو السائد في كل أصقاع الأرض، ولا يكاد أحدٌ لا يتفق معه، وإن اختلفت التفاصيل والجزئيات من مكان إلى آخر، باختلاف ما يثير الإنسان أو يستفز مشاعره حسب مشارب الثقافات وتنوّعها؛ فاستتباب الأمن والاستقرار هو الغاية النهائية للقوانين والعدالة، وبالتالي فإن كل من يُعكره أو يسعى إلى هزه، ناهيك عن نسفه، هو في النتيجة النهائية مخالف للقانون، وداعية فتنة، يجب أن يُعاقب.

حمزة كاشغري كاتب صحفي سعودي في مقتبل العمر؛ كتب في حسابه في تويتر تغريدات فيها من الوقاحة، وقلة الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ما تطلّب تدخل السلطة وإحالته إلى القضاء، حماية لمقام النبوة من هذا التطاول الذي لا يمكن تفسيره إلا بالبحث المريض عن الشهرة من خلال مس المقدس، واستفزاز مشاعر المسلمين.. السكوت عن مثل هذه الممارسات غير المسؤولة، والتعامل معها من منطلق أن من حق الإنسان أن يعبِّر عن قناعاته جهراً حتى وإن مسَّ المقدس وانتقص من مقام النبي، فيه من التجاوز ما يجعل كل من يردد مثل هذه التبريرات مشتركاً مع هذا الأرعن في جرمه، فمثل هذه الطريقة الرخيصة والدنيئة والمبتذلة لا يُقدِمُ عليها إلا الكسول الخامل الذكر الذي عجز عن أن يكون شيئاً مذكورا فأراد أن يعرفه الناس من خلال هتك المحرمات، فالحرية التي لا تحدها حدود، ولا تقيّدها قيود، ولا تراعي القيم، ولا تزن الأمور حقّ وزنها، ولا تحترم مشاعر الآخرين، هي حرية منفلتة ومتوحشة لا علاقة لها بالإنسان والإنسانية؛ فضلاً عن أن هذه الممارسات هي- أيضاً - إرهاب من نوع آخر، تشترك مع الإرهاب المعروف في أنه ينسف أمن واستقرار المجتمع، تحت عبارات ومفاهيم مُخاتلة تستمد من الحرية المنفلتة ذخيرتها وعتادها وسلاحها؛ فهذه وتلك في النتيجة سواء؛ بل إن الكلمة غير المسؤولة والمستفزة قد تكون سلاحاً أمضى وأشد فتكاً في المجتمعات من الرصاص والأحزمة الناسفة.

نعم الحرية مطلب من مطالب التحضّر، لكن حريتك تنتهي وتقف وتتراجع عندما تصل إلى انتهاك قيم الآخرين ومشاعرهم؛ فليس من قيم الحرية المسؤولة إطلاقاً أن تمارس انتقاص المقدسات، واستفزاز الآخر؛ (فالحرية الفردية) التي لا تعير قيم المجتمع شأناً ولا وزناً تماماً كمن يتعرَّى ويمشي في الشوارع كما ولدته أمه بحجة أنه (حر) يفعل ما يريد. لك قناعاتك، ولن يفتش عليك أحد؛ ولكن أن تجاهر بها، ولا تبالي بمشاعر الآخرين، ولا بحرمة مقدساتهم، فأنت تمارسُ إيذاءً معنوياً لا يمكن السكوت عنه.

لذلك كله فإن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - بالقبض على المذكور وإحالته إلى القضاء كان قراراً صائباً بكل المعايير، فمثل هذا الاستهتار بمقدسات الدين واستفزاز الآخرين يجب أن يُردع صاحبه، وفي الوقت ذاته ليعرف الجميع أن الكتابة في شبكات التواصل الاجتماعي هي تحت نظر الدولة ومُتابعتها؛ وكل من تجاوز فيها الخطوط الحمراء، وسعى إلى إثارة المجتمع، فسوف تصله يد السلطة.

إلى اللقاء .

 

شيء من
كاشغري وهتك المقدسات
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة