ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 15/02/2012/2012 Issue 14384

 14384 الاربعاء 23 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

النفاق العالي مرض نفسي خطير، وحالة شاذة ليس بها ذوق ولا براءة، وممارسة ممقوتة، ومجموعة مساوئ وأمراض تثقل كاهل الحقيقة والواقع، والنفاق ليس به تميز، بل تظليل وتملق وتزلف ونفخ وتمويه وثناء ممجوج، وصاحبه يبدع في المراوغة والقرار ويحاول أن يبرز الصورة الحية والناصعة التي تظهره كشخصية راقية ومهمة، إنه يجيد سيمفونية العزف وحياكة العبارات والكلمات بأجمل وصف وإحساس مرهف ويبحر بتصور الأحداث عبر صور متنقلة فنجده يتداخل بين ثنايا الكلام الذي يختفي خلفه بعبارات المكائد والحيل والطرق المتلونة للوصول إلى مبتغاة ومراده وهدفه، يحاول جاهدا صنع ربيع متخيل في داخله، ومزاج تأملي وإن كان معتما، وسياقات سردية يقودها إلى أقصى حدود الإشكالية الوهمية النفاقية، وخطاب سيميائي وإن كان يأس، إنه يدمج بين خزين الذاكرة ومعطيات المصلحة والمنفعة وفق مفارقة عجيبة يمليها تصارع الأضداد في داخله، إنه يسرف بالحلم، واحتدام في الوعي، والبحث عن إيماءات الواقع، وضبط الرؤى التي تتراكم عند منطقة مخيلته، إنه يوظف كل السياقات الدلالية ليحيل الحالات إلى اللامألوف، وهي لعبة غير واضحة في تشابكاتها، إن مقاصده هو تسخير اللاحقائق حتى تقف عند الحدود التي تساعده على تحركه وتعينه على الكثافة في التحصيل والكسب والتقييم والوجاهة، إن مستويات النفاق العالي تعتمد على التحليل ونص المحاولة وقوة الحركة وذائقة الخطاب، بعدها تولد قواعد لعبة النفاق المفتوح والنهج التعبيري وصور المفردة ورسم الصورة، إن النفاق العالي أصبح حرفة ومهنة وغاب عن صاحبه الحياء والترفع وأخذ يمارسه وفق أقنعة بعضها أملس وبعضها الآخر قاسي ومتين، لقد ترسخ النفاق العالي عند البعض وتطور لدرجة أنه شكل فواصل جامدة لها تناقضات رهيبة من أثر اختلاجاتها في ذاته، حيث يدور تأثيرها النفسي في فلك وعيه واللاوعيه حتى لا ينفك عن طرحها في فضائه مما يؤدي إلى انشغاله في تزيين الأشياء التي يعرج فيها إلى مداد المراد، فنجده في موقع الفاهم والملم والحافظ والمالك لكل دلالات الرفعة والسمو والمعنون لإيصال المفاهيم والمحيط ببلاغات القصد والمتنبي لموسمية العشب وهطول المطر والعارف والنبيل والمزكي والمصنف، إن النفاق العالي عملية تركيبية يقوم بها بعض الأفراد بلا منطق ولا مسوغ ولا هدف نبيل، لكنها تمويه تجعل للأشياء شقوق وسرقة للخطوات الجميلة، الأمر الذي يزيل رائعة امتلاك الأحاسيس والمشاعر التيمكن لها أن تفتح الطريق نحو القلب واللب، إن صاحب النفاق العالي يذهب بعيدا في قلب المألوف والمفهوم في محاولة لئيمة في استخدام لغة الانفلات بصور ملونة جلها باهت ورديء من أجل مصلحة عابرة، وتحصيل شيء، ومزيد كسب، وضمان للمصلحة فقط لا غير.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

النفاق العالي
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة