ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 15/02/2012/2012 Issue 14384

 14384 الاربعاء 23 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في هذه (اللحظة) التي تمسك بالجريدة أو بجهاز الايباد وتقرأ هذا المقال.. هناك طفل يمسك حجره ليقذف به جندي إسرائيلي وطبيب يمسك يمبضع ليشق صدر مريض, وعلى سواحل شرق آسيا صياد يرمي بكلتا يديه شباكه في البحر, وآخر يضغط على زر المصعد لينقله إلى مكتبه ويمارس بكل حماس مهام عمله الجديد, وآخر يخرج من المصعد مكتئبًا خائب الأمل.

وفي هذه (اللحظة) في أعماق أدغال أفريقيا هناك قبيلة ترصد تحركات قطيع من الضباع لتدرس سلوكها لتأمن غدرها..!

وفي إحدى شقق نيويورك تنزوي عارضة أزياء في زاوية تجهش بالبكاء على زيادة كيلو جرام زاد معه خطر تهديد مستقبلها المهني..!

وعلى قارعة طريق من الطرق الإسبانية هناك شاب مضرج بالدماء بعد أن شق ثور هائج خاصرته!.

وفي فلسطين طفل ذو السبعة سنين ينتظر في طابور طويل دوره لملء جالون ماء ليسقي به أسرته..

وهنا وهناك الكثير من الفقد .. ففي مقبرة من مقابر أنقرة تبكي شابة بعينين خضراوين والدها, وفي مطار «هيثرو» يبكي والدان ابنهما الموشك على رحلة سفر ليعود لهم بشهادة يفخران بها, وفي محكمة المنامة تصدر ورقة طلاق زوجين بعدما تعسر عليهم أن يسكنا مع بعضهما بمودة!.

وفي هامبورج يكرم طالب سعودي بتصفيق حار وجائزة على ابتكار جديد يخدم الإنسانية..

وعلى شواطئ المالديف ينعم أشخاص بحمام شمس دافئ وممتع.

وفي إحدى مقاهي بيروت يطلب جوزيف قهوة سوداء يرى فيها حياته الكئيبة ورأس معسل يحرقه وينفث مع دخانه همومه ويبعثر تفكيره..!

في هذه اللحظة توجد سبعة مليارات صورة وإحداها لك أنت..!

فربما مرت بك أوقات عديدة كنت تظن أن الصورة الوحيدة هي صورتك وأنت تبكي أو ترأس منصباً أو تنبت لك أجنحة تطير بها فرحاً..

ففي اغلب لحظات حياتك ظننت أن الأرض تدور حواليك وليس حول الشمس, فمشاكلك هي الأهم وهمومك هي الأشد.. ضخمت ذاتك حتى تفتقت أزرارها.. فطغيت وقسوت واعتزلت الحياة والناس واكتئبت.

فحينما تجعل من ذاتك هي محور حياتك واهتمامك فإنك حينها تحكم عليها بالإعدام وتضييق مداها وافقها حتى تختنق, ولكن حينما تدرك أن كل نفس على وجه الأرض تعتمد على غيرها حينها تساعد على تناغم البوتقة البشرية.. قال تعالى: {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِسَاء}.

حين تكون أنت محور حياتك سيتمكن منك الغرور وستظن أن مشاكلك المادية هي المشكلة الاقتصادية رقم واحد عالمياً, وأن طفولتك ازداد بؤسها بؤساً لأن «منظمة اليونيسيف» لم تعن بك وبحقوقك.. وبطالتك عن العمل رفعت نسبة البطالة عالمياً..!

فالمغرور مثله كمثل ديك يظن أن الشمس لا تشرق إلا لتسمع صياحه فالطبيب لا يصبح طبيباً ليداوي نفسه والأستاذ ليعلم نفسه والمهندس ليجيد معمار منزله..!

فالمتمحور حول نفسه حين تقسو عليه الحياة والظروف أو تضحك له الدنيا يطغى ويتجبر وبذلك يظلم ويذل ويحقد.. لا يقف شيء أمام جشعه وخيانته وحسده.

قد تقول عزيزي القارئ كما يقول المثل الشعبي: (ما يونس الشوكة إلا رجل واطيها), صحيح والدليل على صحته أن ألمك سيكون أضعافاً مضاعفه نتيجة تركيزك على ذاتك!!.

يقول فولتير: (يكون الإنسان شقياً إذا أدرك شقاءه ولكن يكون عظيماً إذا أدرك شقاء الآخرين)

فأنت لست سوى حفنة من الطين ما دامت الكرة الأرضية نقطة زرقاء في رحاب الكون الفسيح..

فلو سأمت الحياة ومتاعبها وضجرت وقررت الانتحار برمي نفسك في مياه المحيط فإن ذلك في الصورة الكبيرة لا يتعدى سوى انتحار نملة في «بيالة الشاهي» التي سوف ترتشفها حينما تنتهي من المقالة لتقلب الصفحة.

Lec.22@windowslive.com
 

انتحار نملة..!
إيمان عبدالعزيز الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة