ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 25/02/2012/2012 Issue 14394

 14394 السبت 03 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا يمكن لأي إنسان عاقل، فضلاً عن أن يكون مسلماً حقيقياً أن يقبل أو يبرر الفيتو المزدوج (الروسي الصيني) بشأن الملف السوري، لكونه لم يصدر في ظل ظروف طبيعية أو اختلافات سياسية، إنما صدر في وقتٍ يمارس فيه نظام بشار الأسد البعثي -منذ عام- القتل الممنهج وأعمال

البطش والعنف والاعتقال في حق الشعب السوري الأعزل أمام أنظار العالم بالصوت والصورة، ما جعل ثقة الشعوب تهتز في هيئة الأمم المتحدة كما أشار إلى ذلك خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، بل إن المندوب السوري في هذه الهيئة العالمية يبرر بـ(طريقة غبية) الفيتو الروسي، مؤكداً فعلاً اهتزاز هذه الثقة عندما يقول: إن أمريكا استخدمت الفيتو ضد قرارات تخص القضية الفلسطينية، وكأنه (اعتراف ضمني) بأن الفيتو الروسي غير إنساني وغير أخلاقي، وهذا صحيح بكل المقاييس، سواءً اعترف هذا المندوب أو أنكر نظامه الدموي.

ولكن بغض النظر عن (الفيتو الصيني).. ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت روسيا لاتخاذ هذا الموقف المخزي؟، خلافاً لمواقفها مع دول عربية أخرى تخلت عنها كانت شبه حليفة لها كالعراق وليبيا بتقديري أن الأسباب أو الدوافع لا تخرج عن المصالح العليا لروسيا بما يماثل مواقف الدول الكبرى في مجلس الأمن، التي طالما استخدمت الفيتو ضد أية قرارات دولية تمس مصالحها القومية في العالم. غير أن الروس لم يكشفوا الدوافع الحقيقية لموقفهم، وذلك لإيجاد خط رجعة عن هذا الموقف المخزي أمام العالم بدلالة دعوة روسيا مجلس التعاون الخليجي إلى مفاوضات حول سوريا، بمعنى أن روسيا تبحث عن مكاسب توازي مصالحها مع سوريا، فما هي المصالح الروسية في سوريا؟

يمكن معرفة طبيعة المصالح الروسية من خلال استعراض موجز للعلاقات السورية الروسية، لكونها علاقات متجذرة في تاريخ العرب الحديث، فروسيا - أيام الاتحاد السوفيتي - من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سوريا عام 1944م، فتشكلت علاقات دبلوماسية بين البلدين بشكل سريع خاصة ًبعد نجاح حزب البعث العربي الاشتراكي في الوصول للسلطة في سوريا، وبلغت هذه العلاقات أوجها في تأسيس مركز دعم عسكري للأسطول السوفيتي بطرطوس عام 1963م، ثم قويت العلاقات السورية السوفيتية (الروسية) بعد تمكن حافظ الأسد من حكم سوريا عام 1970م، ما انعكس ذلك إيجاباً على تكريس العلاقات بمصالح اقتصادية وعسكرية كبرى، حيث أسهم الخبراء السوفيت (الروس) في بناء قطاعات تنموية سورية مهمة أبرزها الطاقة والجيش والتعدين والزراعة، كما تدفق السلاح الروسي على سوريا معززاً بالخبرة العسكرية والفنية في إطار تقوية العلاقات ونكاية بالغرب الرأسمالي.إلى جانب هذه العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين سوريا وروسيا، كان للروس علاقات أيضاً مع العراق ومصر واليمن الجنوبي، إلا أن طرد الخبراء السوفيت من مصر عام 1972م، ثم نجاح حرب الوحدة بين اليمنين الشمالي والجنوبي عام 1990م، ثم سقوط نظام صدام حسين عام 2003م بسبب العدوان الأميركي على العراق، كل ذلك أدى إلى سحب بساط النفوذ الروسي من المنطقة العربية بشكل كبير، من هنا نفهم موقف الروس بشأن سوريا لكونها تشكل بالنسبة لهم رقعة النفوذ الأخيرة في المنطقة العربية الدافئة، خاصةًً أن سوريا تُعتبر نافذتهم على البحر الأبيض المتوسط، لذلك فـ(الفيتو الروسي) كان أشبه بالرسالة المشفرة للعرب والغرب معاً بأن التخلي عن سوريا يعني التخلي عن العلاقات والمصالح والنفوذ، وبهذا لابد أن تكون فاتورة تغيير الموقف باهظة.

kanaan999@hotmail.com
تويتر @moh_alkanaan
 

النفوذ الروسي قبل الإنسان السوري!
محمد بن عيسى الكنعان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة