ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 25/02/2012/2012 Issue 14394

 14394 السبت 03 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

إذا أردت أن تعرف مستوى اهتمام أمة بمستقبلها فانظر إلى مستوى اهتمامها بماضيها وتاريخها... الشواهد تصدق هذه المقولة أينما اتجهنا وتجارب الشعوب تعضدها.. بل إن الاهتمام بالتاريخ ودوره في صناعة المستقبل دفع شعوبا وأمما إلى الاعتداء على تاريخ وحضارات أمم أخرى وإبادتها لترسيخ موطئ شرعية في وجود المستقبل، حتى أن كثيرا من الباحثين في تاريخ الصراعات والحروب يؤكدون أن كثيرا منها تعود أسبابها إلى الأمس الذي قد يكون بعيدا جدا!

يحدثني من أثق في عقله ونقله عن جدال حدث في إحدى الدول الأوروبية بين عربي ويهودي حول مرجعية طبقي الحمص والفلافل وتاريخ نشأتهما.. يقول الراوي: سرعان ما استسلم العربي مستهترا أمام الحاضرين بأن مآلهما البطن أيا ما كان صاحبهما الأول!

أسوق هذه المقدمة لأخاطب في هذا المقال سمو الأمير سلطان بن سلمان ربان سفينة السياحة والآثار في بلادنا والذي يحمل لواء الدفاع عن أثارنا وحماية إرثنا منها لتطوير قطاع سياحي متكامل يعيد إلى هذه الأرض نصابها ونصيبها من التاريخ، ولن يعجز الأمير عن ذلك ليقيني أولا بصدق هدفه وثانيا بكفاءة عمله، ولذا سأبث له حزني وألمي عما كنت عليه شاهدا، وكما تقول العرب لاخير فينا إن لم نقلها ولاخير فيهم إن لم يسمعوها!

قبل فترة قررنا زملائي - من خريجي برنامج جامعة أكسفورد - وأنا استكشاف بلادنا من خلال زيارات دورية إلى جميع مناطق المملكة مستفيدين من الدعم اللوجستي والترتيب الذي يقدمه كل زميل في منطقته، بدأناها بمنطقة حائل ثم الأحساء وسنستكمل الزيارات إلى مناطق أخرى في المملكة، ولا أكتمك سراً يا سمو الأمير أنه ساءني جدا الحال الذي تشهده أثار بلادنا، ففي حائل استقبلنا القصر التاريخي لكريم العرب حاتم الطائي بعلب المشروبات الغازية الفارغة والأكياس البلاستيكية المهملة بل وحفاظات الأطفال - أجلكم الله -! وكنت أشاهد عددا من السيارات الخليجية الفارهة التي دفعتها سيرة هذا الرجل إلى زيارة قصره وأتألم حسرة على حال القصر الذي لا توجد فيه حتى أدنى حماية فلو جاء شقي بمعول لهدمه دون أن يجد أحدا يمنعه!

في الأحساء يا سمو الأمير وهي المنطقة الباذخة بالتاريخ لم يكن الوضع بأحسن حالا، ففي قصر إبراهيم التاريخي رأيت بأم عيني تمديدات مكيفات الاسبلت الحديثة داخل بعض غرف الضباط التاريخية في الحصن!، بل إن لوحة رسمها أحد الضباط التاريخين الذين اقتحموا الحصن كادت تطمس بأيدي عمالة آسيوية تعمل في تجبيس قبة « الحمام « لولا فطنة أحد موظفي الهيئة حسبما أخبرني أحد الأحسائيين المرافقين للوفد.

في بيت الملا يا سمو الأمير وهو الذي شهد الخطوات المباركة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه بل وشهد مبيته ليلة فتح الأحساء ، شاهدت في بعض الغرف طاولات وكراسي حديثة وأجهزة سمعية ومتعلقات شخصية توحي وكان بعض الموظفين المشرفين في البيت يسكنونه ويمارسون حياتهم الطبيعية في صرح تراثي عريق!

في المدرسة الأولى بالأحساء أيضا يا سمو الأمير وهي المدرسة التاريخية التي تلقى الاهتمام الشخصي من قبل عدد من الوجهاء الذين تخرجوا منها وما يزالون يزورونها في كل عام.. صدمني حجم الاعتداء على تراثها بدءً بغرفة المدرسين التاريخية التي تحولت إلى صالون فخم مزركش بالسجاد الفاخر والكراسي الفارهة التي تضاهي أحدث صالة استقبال حديثة، كما استفزتني قطع الأثاث الحديث التي توزعت في غرف الاستقبال والاجتماع لتغتال تاريخ هذه المدرسة العريقة!

أخيرا يا سمو الأمير...أعلم يقينا حجم الجهد الشخصي لكم فضلا عن المؤسسي الذي تبذله الهيئة وهي التي آلت إليها العناية بالآثار مؤخرا، وأدرك حجم الطموح والرؤى الخلاقة التي تعملون على إنجازها ليكون القطاع السياحي في المملكة متكاملا وخالقا للوظائف...لكن يا سمو الأمير ثمة شيء حين يبلى ويموت بسبب التفريط لا يمكن تعويضه إلا وهي آثارنا التي تمثل بترول الحضارة والتاريخ..

دمتم بود وإلى لقاء

Eco-manager@al-jazirah.com.sa
 

عاجل للإفادة
أوجعتني «الآثار»... يا أمير «السياحة»!
فهد بن عبد الله العجلان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة