ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 04/03/2012/2012 Issue 14402

 14402 الأحد 11 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أحداث جسـام، وهزات عظام، توالت تترى، ومازالـــت إرهاصاتهــا تمـر عجلى، عصفـــت بالعديد من بلدان العالم العربـــي، خلخلـــت بعض الأركان، بدلــــت وجوه، وغيرت ملامح ما كان أحد يظن أبدا أن تتبدل أو تتغير، حدثت هذه الزلازل لاعتبارات داخلية وخارجية، فداخليا الكل يشهد أنها بلدان أحكمت القبضة، وسيطرت بدرجة عالية جدا بأساليب مختلفة من التحكم والضبط، وخارجيا الكل يعرف أنها بلدان تتمتع بعلاقات متينة راسخة بكل دول الغرب والشرق، فكم تصافحت الأيدي معهم وتشابكت، وقدمت لهم الهدايا والتحايا، سنوات طوال والحال على هذا المنوال من المجاملات المصطنعة، والزيارات المتكررة، لكنها كلها راحت أدراج الرياح، سرعان ما تكشفت الحقائق عن سراب لا حقيقة له، وتبين أن هذه الراوبط والعلاقات أوهى من بيت العنكبوت. وما إن زلزلت الأرض زلزالها من تحت الأقدام، حتى وهنت القبضة، وتفككت أجهزت التحكم والضبط، ولم يعد رفع العصا الغليظة يخيف، ولا إطلاق أعيرة الدخان يرعب، عندئذ والحال هذه تسارع أصحاب الأمس المزيفون ينفضون الأيدي، ويطلقون عبارات البراءة والإنكار، بل إن البعض صرح بوجوب الخلاص من الحالة باعتبارها عبئا ثقيلا يجب التخلص منه والفكاك، مواقف في منتهى الصراحة والوضوح، هذه حالهم في الدنيا فما بالهم في الآخرة إنهم يصدق عليهم قوله تعالى: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (67) سورة الزخرف ، انتهى عالم الدبلوماسية والمجاملة، إعلان عن خلع العلاقة، وانهزام سريع خلا من اللباقة، مواقف تستعصي على الفهم والتسويغ، عدا من تسويغ واحد، الدور انتهى، وانتهت معه القيمة والاحترام والتبجيل، حالة عجيبة غريبة فيها الكثير من العبر والاعتبار، فهل من مدكر ؟ هل من معتبر ؟ يتعظ من هذه الدروس الحية التي فيها الكثير من العبر الواضحة، والمواعظ الصريحة، التي توجب على المرء أن يراجع نفسه ومواقفه وحساباته من هؤلاء القوم الذين ظهر خزيهم وعدم مبالاتهم من أبسط الأعراف الدولية، والقيم الأخلاقية، في التعامل والعلاقات، لقد تبين أنهم لا شيم عندهم، لا يأبهون بماض كان فيه الصاحب المقهور مطية سهلة للتمرير والتبرير، ومما يزيد من قسوة الموقف وألمه أن المغدور المتخلى عنه لا يملك حولا ولا قوة، كل ما يملكه بقايا ذكريات مرة مؤلمة من الخنوع والاستسلام، ذكريات يتمنى الآن الخلاص منها، ولكن لات حين مناص، هذه المصائر التلا ينفع فيها ولا معها الندم، أمام هذه المصائر المحزنة يتمنى الراضي بجعل نفسه مطية، لو أن عقارب الساعة تعود به ولو ليوم واحد، ليتملك فيه القرار ليرد لذاته المغلوبة بعضا من الاعتبار، وليتخلص من مواقفه وأفعاله، ولكن هيهات هيهات ما مضى ولى وانتهى، لن يعود أبدا، وعلى الباغي تدور الدوائر.

هل من مدكر؟، هل من معتبر لهذه المصائر المؤسفة ؟، والنهايات المأساوية المفجعة، والمآلات المنكسرة المؤلمة، والنهايات الحزينة الكئيبة، لقد وردت كلمة «مدكر» في القرآن الكريم في ست آيات متفرقات، كلها في سورة القمر، وكلها وردت بصيغة الاستفهام، استفهام بصيغ الاستنكار، لعل العقول تدرك، ولعل النفوس تعي.

من الحكم البالغة أن دروس الاعتبار لا تتكشف ولا تتبدى إلا في حالات الضعف، حالات لا حول لصاحبها ولا قوة، حالات يفقد فيها السيطرة والقوة، حالات انهيار كل صور الزيف والخداع والبهرجة، عندما تبدو الأمور على حقيقتها، وبأشكالها وألوانها الطبيعية، متجردة نازعة أقنعة التضليل والكذب والخداع.

ومع هذه الحالة من الوهن، يزداد الألم ألما، ويتضاعف من فاجعة التخلي، بل الركل والطرد والضرب على القفى، بعد أن يداس على مواقف الخنوع والصمت على التجاوز، بعد أن تنسى قيمها وأثمانها التي طالما تبجح بها المتخلون عن أدوار الشهامة والكرامة.

هي الأيام دائما دول، من تسره يوما، تسوؤه أياما، لا سيما أولئك الذين يبنون أمجادهم خارج أطر مجتمعهم، أو فوق رقاب أهليهم، لهذا لاعجب أن تؤول حالهم إلى هذا المآلات المؤلمة، فهل من مدكر ؟ هل من معتبر؟

 

أما بعد
هل من مدكر ؟
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة