ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 10/03/2012/2012 Issue 14408

 14408 السبت 17 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

** المفكر الحر لا يستدعي أتباعًا ولا يستعدي سلطةً، وهو ما يميزه عن النجوم - بمختلف انتماءاتهم الثقافية والوعظية والوظيفية - الذين يقولون وعلى سواهم أن يتأولوا - كما تسلطن الفرزدق يومًا - ولعبةُ “الجماهير” و”الانتشار” طارئةٌ على المكون الثقافي العام، وهو ما تورط فيه الإعلام الرقميُّ فبات “الحسابُ” أهمّ من “المحاسبة، والرقمُ أكبرَ من الدلالة”.

** التأريخ لن يكتبَ بحضور شخوصه ؛ فليطمئنَّ المنتشون والحاسدون، والتحيزُ “المعوي والضدي” يحجبان الشمس النقيةَ عن إضاءةِ الدواخل المستترةِ بفعل فاعلٍ أو حذف مفعول؛ حيث يسترُ التزلفُ سلبياتِ الشخصية مثلما يمنع الانزواءُ معرفةَ نطاقاتِ قوةٍ غفل عنها المتراءُون.

** هنا وهناك تبقى أهمية إبقاء المسافةِ فاصلةً بين قارئٍ ومقروءٍ وقراءة؛ فقد يدفعُ الاعجابُ غيرُ الممنهج ببعضٍ إلى اقترابٍ يفسدُ الفهم ويجذر الوهم ويعلن القطيعةَ مع الشخص فيلحقه النتاج.

** المسافاتُ ظاهرةٌ صحيةٌ حتى مع الأدنين نسبًا ولو كانوا أبناءً أو آباءً أو أزواجًا ؛ فهامشُ الخصوصية الذاتيةِ مهمٌ لتواصل العلاقات دون تأثيرِ التماهي الذي قد تبدو معه سوءاتٌ وسيئات، وإذا كان هذا حالَ الفرد مع ذوي القرب فكيف به مع ذوي البعد؟

** وحين نأتي للوسط الابتداعي والاتباعي - بالمفهوم الثقافي لا الديني - فإن المسافة تضمن تحقيق شرط “موت المؤلف” دون تبني نظريةٍ نقديةٍ؛ حيث يكون العملُ هو الوسيط مثلما هو الهدف.

** لو سلّمنا بمثل هذا المسلك المعنوي لزالت كثيرٌ من الاحتقانات المؤجِّجة لروح الخصام داخل أوساط التابعين الذين ينسون النصّ ويتجهون للشخص حين يُخدشُ لهم رمز؛ بما تكشفه معلومات الاقتراب التي قد تجيء بمعرفةٍ خاصة أو نقلٍ عن خاصين ؛ وربما تعرى الصنمُ كما لا نتوقع؛ ما يعني الهدوء في الحماسة التي تسيءُ لمن نحب قبل أن تسيء إلى سواه.

** ما يؤلم - في هذه المرحلة - وجودُ لغةٍ غير مألوفةٍ بين جماهير داعيةٍ أو واعظٍ أو مناوئي مثقفٍ أو ناشطٍ ليس في قاموسها سوى “السدح والردح” على الطريقة “الشارعيةِ” التي يأنف منها الأبيُّ فضلا عن المؤمن الذي لم يُعهد فاحشًا.

** لو أتحنا للمسافةِ أن تفصلنا قليلا “حتى عمن نحب” لرأينا صورةً أبعد تعطي تفاصيل نغفل عنها، وفيها معالمُ لا يلحظها الملتصقون، مثلما تمنحنا المسافة فرصة إعتاق عقولنا من التبعية المطلقة التي تغوي وترشد وَفقًا لما تُوجهُ به “غزية”.

** صدماتنا بالرموزِ متصلةٌ، وربما زهدنا في معرفةٍ ما بسبب منتجها أو حاملها؛ وهو ما يمثلُ فراغًا ذهنيًّا لا يجوز الاستسلام له، والطبيعة البشريةُ تفرضُ علينا قوانينها، غير أن النأي قد يجلب الإعجاب مثلما يحقق المثاقفة.

** المسافة ومضٌ وغمض.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

أبقوا المسافات بينكم
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة