ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 18/03/2012/2012 Issue 14416

 14416 الأحد 25 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ليست مفارقة أن تأتي الطبعة العربية الجديدة-2011 من (سيكلوجية الجماهير) لغوستاف لوبون، بعد 10 سنوات من صدور الطبعة الأولى، وفي هذه المرحلة، بل إن الكتاب عاد لتسجيل مبيعات ملفتة، وبالمناسبة فقد سجلت الطبعة الجديدة ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في معرض الرياض.

والكتاب الذي صدر في 1895م، تعاد قراءته مع الحالة العربية الحالية، وثوراتها ضد الدكتاتوريات والظلم والفقر والحقوق، وسط تغير عميق في الأفكار التي سادت لعقود، حيث يركز في بحث-علم نفسية الجماهير.

(ممتع أن نحلل الدوافع التي تحرك البشر، مثلما هو ممتع أن نحلل معدنا أو نبتة ما)، فحركة الجماهير ليست سلبية ولا إيجابية دائماً، ولا اتجاه ثابت لها، وقد تعود إلى تدمير بنائها دون أن تشعر، وسبق وأن أسهمت بأدوار سلبية عبر الدعم الذي أعطته لقوى استبدادية أو لأيديولوجيات فاشية وأوصلتها إلى الحكم، أو عبر التضحيات العظيمة في سبيل قضايا وطنية واجتماعية، ما يجعلها تجمع بين القدرة على التدمير والقدرة على التضحية في آن واحد. ويرى أن البشر لا يتصرفون انطلاقاً من مبادئ العقل.

يعكس كتاب لوبون الحياة السياسية للمجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر، ومعاينته للاضطرابات التي عرفتها فرنسا منذ ثورتها الكبرى عام 1789 وما تبعها، كما يأتي أعقاب عصر التنوير الأوربي:

(.. في الماضي كان الدين-الأيديولوجيا الدينية هي التي تهيج الجماهير وتجيشها لكي تنخرط في الحركات الكبرى (كالحروب الصليبية مثلا، أو كالدعاية العباسية التي قلبت الدولة الأموية، إلخ...).

ولكن بعد أن تعلمنت أوروبا في العصور الحديثة حلت الأيديولوجيات السياسية محل الدينية في القيام بهذه المهمة.

واليوم في ظل استخدام الجماهير في الحياة السياسية العربية بما يخدم بشكل رئيس اليوم صعود حركات الإسلام السياسي، واضح أننا لازلنا في مرحلة مبكرة من استخدام الدين لتحريك وتهييج الجماهير، وحتى إثارة المشاعر وتجييش الأحقاد ضد الآخر.

يشير لوبون إلى أن هناك “روحاً للجماهير” تتكون من الانفعالات البدائية التي تتكرس عبر العقائد، ما يجعلها بعيدة عن التفكير العقلاني والمنطقي، بحيث يبدو الشخص المنخرط في جمهور مستعداً لتنفيذ أعمال استثنائية يصعب أن يكون لديه الاستعداد للقيام بها لو كان في حالته الفردية والمتعقلة.

فقد أثبتت معاينة الحركات الجماهيرية وقائع عدة في مقدمتها أن هذا الجمهور يمتلك وحدة ذهنية، ويتحرك بشكل لا واع، بحيث تلغى شخصية الفرد المستقل ويصبح عبارة عن إنسان آلي، لتصبح هذه الجماهير آلة ضخمة وهائلة.

مؤسسو العقائد الدينية أو السياسية أدركوا أهمية فرض عواطف التعصب على الجماهير كوسيلة تدفع بمعتنقيها إلى التضحية. من هنا تبدو إحدى السمات العامة للعقائد- دينية أو غير دينية-، وترسخها في معتنقيها كتوجه إيماني مطلق يمنع مناقشة صحتها، أو نقدها، حيث تصبح القوة العمياء للكثرة هي الفلسفة الوحيدة.

الباحثون اليوم يدرسون الشروط التي تجعل ولادة ظاهرة الجماهير ممكنة في بلد ما، أو ظرف زمني ما، وكيف تؤدي إلى إنتاج حكم ديمقراطي، أو ديكتاتوري واستبدادي.

 

من يوجه الجماهير..؟!
ناصر الصِرامي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة