ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 28/03/2012/2012 Issue 14426

 14426 الاربعاء 05 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

في العام 1956 انتهت الحرب الكورية التي دامت إحدى عشرة سنة لتفصل كوريا لدولتين جنوبية مثقلة بسكان معظمهم من الفلاحين البائسين، وشمالية كانت تمثل كوريا المتقدمة صناعياً، ومنذ ذلك الحين تزداد الجنوبية تقدماً وتزداد الشمالية فقراً، كوريا الجنوبية اليوم بلد يقطنها 49 مليون كوري ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2011 بلغ 1014 بليون دولار أي ضعف الناتج المحلي السعودي تقريباً لنفس العام، كوريا اليوم إحدى الدول الثماني الأكبر اقتصادًا في العالم، هذه البلاد كانت في ستينات وسبعينات القرن الماضي تتلقى الإعانات، ماذا حدث لكوريا الجنوبية؟ لتحقق هذا النجاح، وقد تعاقب عليها حكومات مغرقة في الفساد حيث لم تكن القيادة السياسية هي المحرك الرئيس للتنمية، بل المجتمع هو المحرك الحقيقي لتنمية كوريا، بمؤسساته الاقتصادية والاجتماعية، وقبل ذلك القيم الكورية التي كانت تجد في العمل والإنتاج وسيلتها للحياة الكريمة. في أول زيارة لي لهذا البلد شد انتباهي كثير مما يمكن أن نستفيد منه، وحيث يضيق المجال عن ذكر كل ما رأيت فقد اخترت موضوعين هما في نظري من أهم ما نحتاجه في مجتمعنا.

أول شيء استرعى اهتمامي هو شاشة مثبتة أمام سائق التاكسي الذي أقلني من المطار، لم أهتم لها في البداية فقد ظننت أنها جهاز آخر من أجهزة الـ ( GPS) ولكن عندما تحركت السيارة صارت الشاشة تعرض صورة ثلاثية الأبعاد لواقع الطريق أمامنا وتظهر فيها تعليمات وإشارات وتختفي وتحذيرات صوتية، فركزت نظري لأستوعبها، نعم هي جهاز (GPS) ولكنه جهاز يتلقى معلومات آنية عن حال الطريق والطقس. في اليوم الثاني طلبت معلومات حول ذلك الجهاز من (موظف المعلومات السياحية بالفندق) فعلمت أنه جهاز تصنعه عدة شركات في كوريا طبقاً لمواصفات حكومية والجهاز مرتبط بقاعدة معلومات تغذى آنياً، من قبل عدة جهات تعتمد نظامًا وطنيًا شاملًا للمعلومات الجغرافية (GIS) وإن هذا الجهاز الصغير هو أحد تطبيقاته، فكل ما يحدث على الأرض الكورية يدخل في هذا النظام، من زراعة محصول معين وحتى تركيب لوحة إعلان، التغذية لقاعدة البيانات إلزامية لبعض الشؤون واختيارية لأخرى وكذلك الاستفادة من هذه المعلومات يجب أن تكون لغرض محدد فبعضها متاح للعموم وبعضها في غاية السرية وخاص بالأجهزة الحكومية. ولها رسوم واشتراكات، هنا طفق خيالي يصور لي ماذا سيكون حالنا إن إستمتعنا بنظام كهذا، لا شك أن كثيرا من مشاكلنا ستزول، لذا أهيب بوزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب وهو رجل علم ومسؤولية أن يتبنى ذلك وأهيب بالصديق فهد الحسين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية) أن تكون هذه من أعمال الشركة الأولى.

الشيء الآخر الذي استرعى انتباهي هو نتاج فكر حساس لمعاناة فئة من الناس حرمت من نعمة البصر، هو ليس اختراعًا بقدر ماهو فكرة عظيمة، خط أصفر مشكل بطريقة مميزة، يأخذ جانب أحد الشوارع وبالذات الأسواق المفتوحة، هذا الخط لا يجوز بقوة القانون وضع أي شيء عليه أو وقف سيارته عليه أو نحوه وأي حفرة أو إعاقة تعترضه تصلح في الحال، لماذا؟ لأنه مسار فاقدي البصر، الذين يحملون جهازًا صغيرًا كجهاز الجول يتحسس هذا الخط ويصدر صوت متقطع لإعلام فاقد البصر أنه يسير على الخط، وعندما يحيد عنه يتلقى إشارة تفيد بذلك، هذا الخط أصبح نظامًا يعتمد على المعلومات المدخلة في النظام الوطني للمعلومات الجغرافية، فيعلم فاقد البصر أن شارعًا ما مغلق أو أن أمامه عمليات بلدية وكذلك يعلم أن صاحب أحد المحلات التجارية قد وضع عنوانه على خط السير الأصفر.

كوريا بلاد مثل بلادنا لديهم تحديات ولديهم فرص، وما أتمنى أن أجلبه معي من هذه البلاد كثير فلدينا الفرصة التي تهيأت لهم بل إن فرصتنا أكبر وأشمل، لم أعد أريد فقط أن يفعل المسؤول فلان أو علان هذا وذاك الشأن، اليوم أريد أن يفعل المواطن السعودي الشيء الذي هو أهل له، التطوير الذاتي، إن لم تكن اللبنة جيدة ويعتمد عليها فلن يكون هناك جدار صلب، هذه هي الحقيقة الأهم، كل من يقرأ مقالي هذا عليه أن يفكر كيف يكون شخص في الغد أفضل من أمس من حيث المعرفة والمهارة أيًا كانت وفي أي مجال. بهذا فقط نستطيع أن نفعل ما فعل الكوريون.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail
 

نبض الخاطر
من كوريا أحدثكم
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة