ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 11/04/2012/2012 Issue 14440

 14440 الاربعاء 19 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

الهند ليست قوة عظمى.. ولن تكون !

رجوع

 

أرجون سوبرامانيام*:

صدر مؤخراً تقرير عن «مدرسة لندن للاقتصاد» في لندن وهي واحدة من أعرق المؤسسات الجامعية في مجال الاقتصاد تحت عنوان «الهند: هل تكون القوة العظمى المقبلة؟» المفاجأة أن هذا التقرير حظي بتغطية واسعة من مختلف أقسام الإعلام بما يعكس الحاجة الكبيرة لتذكير العديد من مراكز الأبحاث والمؤسسات الفكرية في العالم بأنه أمام الهند طريق طويل لكي تلتحق بنادي الدول العظمى.

وقد انطلق التقرير من سؤال في سياق تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عندما زارت الهند عام 2009 حيث قالت إنها تعتبر الهند قوة عالمية وليست قوة إقليمية فقط.

هل نحتاج فعلاً إلى تذكير الآخرين بأنه أمام الهند طريق طويل لكي تطمئن إلى أنها أصبحت قوة عظمى أم يمكن أن نندفع بحلم شاعر الهند العظيم رابندارانات طاغور بأن تكون الهند «مكان العقل فيه بلا خوف والرأس فيه مرفوعة.. دعوا بلادي تستيقظ على جنة الحرية».

وأعتقد أن أغلب الهنود سوف يفضلون الخيار الأخير.

لذلك دعوني أحاول شرح لماذا تعد مقولة إن الهند تطمح لأن تكون قوة عظمى «حماقة» تاريخية وسياسية.

وفقاً للكثير من المفكرين في مجال العلاقات الدولية فإن أي قوة عظمى يجب أن يكون لديها القدرة على ممارسة النفوذ واستخدام القوة في كل مناطق مصالحها بغض النظر عن مكانها في العالم.

واليوم فإن المصالح تمتد حتى أعماق الفضاء.

والأكثر أهمية أن الواقعيين الجدد يعتقدون أن مكانة القوة العظمى الحقيقية اليوم تنعكس أيضاً في الرغبة في تغيير أنظمة الحكم في دول أخرى لحماية مصالحها ونمط حياتها أو حتى تبني أجندات تتجاوز مصالحها المباشرة من أجل «جعل العالم مكاناً أكثر أمناً».

والحقيقة أنه لا يوجد هندي ذو عقل ناهيك عن صناع السياسة وخبراء الإستراتيجية الهنود يمكنه التفكير في مثل هذا الطموح الزائد الآن.

والحقيقة أنني أستطيع أن أقول إنه حتى إذا تمكنت الهند من سد كل الثغرات ونقاط الضعف التي تحدثت عنها لجنة مدرسة لندن للاقتصاد التي أعدت التقرير خلال عقود مقبلة فإن الهند لن تصبح قوة عظمى على غرار الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي السابق قبل سنوات ولا حتى القوة الصاعدة حالياً كالصين.

الحقيقة أن قناعاتي تلك تستند إلى حقائق تاريخية.

فعلى عكس الإغريق والرومان والمغول ودول أوروبا المشاركة في الحملات الصليبية في العصور الوسطى وكذلك ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والتي كان لديها جميعها أسبابها الخاصة لغزو دول أخرى، فإن الهند وعلى مدى قرون عديدة كانت عبارة عند تجمع «لدول صغيرة» تعيش راضية داخل حدودها وامتداداتها الجغرافية وتسامحها الديني وتنوعها الثقافي ومواردها الطبيعية والمائية الكافية.

أما الهند الحديثة فقد تعرضت للاستنزاف على يد الاستعمار الأوروبي على مدى نحو قرنين.

وهي مازالت دولة تحت الإنشاء وتتطلع إلى الخارج في السنوات الأخيرة بحثاً عن الموارد الطبيعية وتطوير رأسمالها البشري الضخم بصورة نافعة.

لا شيء يمكن أن يجسد هذا الطموح أكثر من البيانات المتزامنة والمتناسقة من المؤسسات الإستراتيجية التي تدور كل إستراتيجيتها الوطنية الحالية بما في ذلك الإستراتيجيات ذات الصلة بالأمن حول رحلة الهند الحالية من حالة الدولة النامية إلى الدولة المتقدمة وهي رحلة تحتاج إلى سنوات طويلة.

وفي ضوء هذه الخصائص أين تقف الهند الآن بالنسبة لمكانة القوة العظمى؟ إن تطور قوة الهند محكوم دائماً بتوجه إستراتيجي مسئول وبقيود ومرونة واحترام لسيادة الدول الأخرى.

وهذا يعني أن الردع يلعب دوراً محورياً في حين أن تطوير قدرات قادرة على فرض الإرادة أو قهر الأطراف الأخرى يوجد في ذيل قائمة أولويات التخطيط الإستراتيجي للهند.

وأهداف الهند هي أن تكون في وضع يتيح لها الحفاظ على سيادتها داخل أراضيها وكذلك على الاستقرار الإقليمي مع لعب دوراً متزايد الأهمية في الشئون العالمية.

بعض المعلقين ينظرون إلى مصالح الهند في منطقة المحيط الهندي باعتبارها تعبيراً منطقياً عن الرغبة في لعب دور القوة العظمى. وقلة من المعلقين يدركون أن اهتمام الهند بهذه المنطقة ينبع من رغبتها في إيجاد مظلة ردع إقليمية لحماية مصالحها في قطاع الطاقة وملايين الهنود الذين يعملون في هذه المنطقة وهؤلاء لا يساهمون فقط في إنعاش اقتصادات المنطقة بعملهم وإنما يساهمون أيضاً في انتعاش الاقتصاد الهندي.

باختصار هل الهند تمتلك من القوة الصلبة ما يدعم مكانة القوة العظمى الصاعدة؟ بالقطع لا.

ولا يجب علينا أن نقفز على حقيقة أننا مازلنا نحتاج إلى تطوير قدرات الردع لدينا من أجل الحفاظ على مصالحنا.

وأخيراً فإن مثل هذه التقارير ليست أكثر من مجرد قفز على الواقع لأن عدداً متزايداً من الهنود أصبحوا يدركون التحديات التي تواجه بلادهم ولديهم الرغبة في المساهمة في التصدي لها بكل الطرق.

* مساعد رئيس أركان القوات الجوية الهندية (ذا هندو) الهندية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة