ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 15/04/2012/2012 Issue 14444

 14444 الأحد 23 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كان متوقعاً أمام طول أجندة “المرحلة الانتقالية الأولى” و”قصر” مدّتها.. في آليات المبادرة الخليجية لحل المعضلة اليمنية، أن تتعثّر تلك المرحلة في أيٍّ من محطاتها الخمس الرئيسية (تسليم الرئيس سلطاته لنائبه مع بقائه رئيساً صورياً لا يملك حق معارضة قرارات نائبه.

تقديم المعارضة لمرشحها لرئاسة حكومة الوفاق الوطني. تسمية المرشحين لعضوية الحكومة من حزبي “المؤتمر” وأحزاب المعارضة بالتساوي.

إصدار البرلمان اليمني ضماناته للرئيس ومعاونيه تعفيهم من الملاحقة القانونية. إجراء انتخابات رئاسية توافقية خلال تسعين يوماً. إعادة هيكلة القوات المسلحة وإزالة المظاهر المسلحة من شوارع المدن اليمنية).. نظراً لطبيعة الإنسان العربي و”جينات الاختلاف” المغروسة فيه سواء أكان يمنياً أو عراقياً أو مصرياً أو جزائرياً.. حتى قيل إنه لا يصلح حال العرب إلاّ بـ”نبي” أو “رسول”، ولكن المفاجأة السعيدة.. أن يتم إنفاذ تلك الأجندة رغم “حساسية” بعض بنودها كالرئاسة “الخشبية” للرئيس المتنازل عن سلطاته لنائبه.. لتسعين يوماً، أو منح الحصانة البرلمانية له ولمعاونيه، وأخيراً دعوة الناخبين اليمنيين لانتخاب مرشح توافقي واحد.. هو نائب الرئيس السابق (عبدربه منصور هادي)، الذي توافقت “المعارضة” و”الموالاة” على تسميته.. ليتم انتخابه في نهاية التسعين يوماً (23- فبراير الماضي) بما يزيد على سبعة وتسعين بـ(المئة) من أصوات العشرة ملايين ناخب الذين تقدموا لصناديق الاقتراع في كل محافظات الجمهورية اليمنية الثلاث والعشرين.. حتى إذا أرادت محافظة العاصمة صنعاء أن تحتفل سياسياً وإعلامياً بـ(انتقال السلطة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي (التسليم والاستلام) بحضور سفراء الدول الكبرى ودول مجلس التعاون - أصحاب المبادرة الخليجية - ومبعوث الأمم المتحدة لليمن السيد جمال بن عمر، وجد هذا الاحتفال من يعارضه ويقاطعه - من المعارضة البرلمانية - بحجة “دستورية” دون شك، تقوم على أنّ (عبدربه هادي حصل على شرعية صناديق الاقتراع، وأقسم اليمين الدستورية في البرلمان: لذلك لا حاجة إلى مراسم نقل السلطة إليه).. إلاّ أن باطن تلك الحجة كان يسعى إلى قطع الطريق - على ظهور الرئيس علي عبد الله صالح - ربما لآخر مرة.. وهو يسلم السلطة إلى خلفه الرئيس الجديد عبدربه هادي، وهو ما يعكس حالة المبالغة والنكران التي بلغتها أطياف المعارضة من (المشترك) و(الحراك) إلى (الحوثيين) و(الأحمر)..!! فالرئيس علي عبد الله صالح.. في الختام، وبعيب إطالته الأبرز في الحكم (33 عاماً).. إلاّ أنه صاحب إنجازات فعلية على أرض اليمن: شماله وجنوبه.. وقد قدر لي أن أرى الكثير منها في عاصمتي اليمن: السياسية.. (صنعاء)، والاقتصادية.. (عدن)، لعلّ أبرزها وأهمها وأحقها بالعرفان والتقدير.. جهوده مع إخوته قادة اليمن الجنوبي السابق من (عبد الفتاح إماعيل إلى علي ناصر محمد إلى علي سالم البيض) في السعي لتوحيد شطري اليمن في دولة واحدة، إلى أن تم الإعلان عنها في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م.. إلى أن استمات في الدفاع عنها أمام موجة الانفصالية التي هبت على قيادات الجنوب عام 1994م، لتبقى الوحدة اليمنية في النهاية.. أهم إنجازات ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م، والرابع عشر من أكتوبر عام 1968م.. وبإطلاق، التي لو سألت أي مواطن يمني عادي بسيط.. يسير في شوارع لحج أو ذمار أو البيض.. عن أعظم ما حققه اليمن طوال الخمسين عاماً الماضية من الحروب والفتن والأزمات لقال - دون تردد - إنها (الوحدة)؟ لكن هؤلاء العاديين البسطاء من أبناء الشعب اليمني.. لا يملكون مالاً ولا صحفاً ولا شاشات فضائية يعلنون من فوقها إيمانهم بـ(الوحدة اليمنية)، وتمسكهم بها، وحرصهم عليها كحرصهم على حياتهم.. أمام دعاوى الانفصالية الموتورة والمسيّسة، وربما المأجورة..!!

على أي حال.. انقضت المرحلة الانتقالية (الأولى) من المبادرة الخليجية، في وقتها القصير.. وبأعلى درجات النجاح، التي لابد وأن تحسب في النهاية لـ “اليمنيين” جميعاً من موالين ومعارضين رغم ضعف وركاكة متكآت هؤلاء.. وبما يعيد إلى الذاكرة العربية ما جاء في الأثر من (أنّ الإيمان يمان والحكمة يمنية)، فقد خرج رئيس وجاء رئيس هو (عبدربه منصور هادي).. ومن أصول جنوبية إن كان ذلك مهماً في بلد الوحدة!؟ وغادرت حكومة حزب المؤتمر.. وقدمت حكومة وحدة وطنية جديدة، منه ومن أحزاب المعارضة بالتساوي.. وبرئاسة يمني جنوبي آخر هو رئيس الوزراء الجديد (محمد سالم باسندوه)، وتم إصدار ضمانات عدم الملاحقة، وبدئ في إعادة هيكلة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وفي رفع الآثار المسلحة من شوارع وميادين المدن اليمنية الذي هالني حجمها، وحجم الجهد البشري والإنفاق المالي الذي بذل في سبيل إقامتها.. وقد قدِّر لي أن أرى بعض مشاهد إزالتها - على قناة اليمن الفضائية -، والتي ستحتاج ربما إلى ذات القدر من الجهد والمال لإتمام إزالتها.. وربما لضعفه.. وإلى الحد الذي لمع معه في خاطري: بأنه لو أنفق هذا الجهد.. وهذا المال من أجل رعاية فقراء اليمن وأيتامه وأرامله لحقق أعظم ثورة اجتماعية على أرض الواقع اليمني لمن يعرفه.. بدلاً من إنفاقه على سُعار الاستباق نحو (السلطة) الذي لم يفد في النهاية أحداً من اليمنيين.. لا في السهل ولا في الجبل ولا على الشواطئ اليمنية.. بينما صُنَّاعه يعتقدون أو يتوهّمون بأنهم على طريق “ربيع الحرية” العربي في كل من تونس ومصر.

لقد سعدت جموع الملايين اليمنية في النهاية بما تم في ختام المرحلة الانتقالية الأولى.. حيث عبّر الرئيس اليمني الجديد - عبدربه - بكثير من الحيطة والدهاء عند تسلمه لسلطاته الرئاسية في الحفل المعترض عليه (عن الأمل في أن نجتمع بعد عامين في هذه القاعة لنودع قيادة ونستقبل أخرى).. وكأنه يريد أن يقول إنه سوف لن يبقى لخمس أو لعشر سنوات أخرى، حتى يمهد لـ “مهام” المرحلة الانتقالية (الثانية).. وأولها: إجراء (الحوار الوطني الشامل) بين كل طوائف ومقوّمات ومكوّنات الشعب اليمني، الذي يتوجّب إنفاذه خلال النصف الأول من عامي رئاسته.. وفقاً لما نصّت عليه المبادرة الخليجية، فـ (إعادة) هيكلة قوى الأمن لترسيخ الهدوء والاستقرار، فإصدار القوانين التي تتعلق بعمل السلطة القضائية، والإصلاح الدستوري، وإصلاح قوانين الانتخابات. ليفاجأ الرئيس عبدربه مع إعلانه بدء تطبيق (المرحلة الثانية) من المبادرة الخليجية.. بـ(رفض) الجنوبيين - الذين وقّع قادتهم على المبادرة الخليجية في الرياض - المشاركة في الحوار الوطني (ما لم يكن هذا الحوار بين دولتين.. هما: دولة الجنوب ودولة الشمال، وعلى أرض محايدة وبضمانات دولية وعلى قاعدة الخروج بحل يرتضيه الجنوبيون. أقله الفيدرالية لفترة محددة وبعدها استفتاء)!! بل ويضيف إلى رزمة هذه الشروط البيزنطية التعجيزية.. الموغلة في عدائها للوطن اليمني ووحدته، أحد قياديي هذا (الحراك) ولا أريد أن أسمّيه.. بـ(استعلاء مضحك) لا تعرفه السياسة ولا السياسيون: إنه (من المعيب أن يجلس الجنوبيون إلى جانب الحوثيين في مائدة حوار واحدة، وتتساوى قضية صعدة مع القضية الجنوبية التي هي قضية محورية ورئيسية وعادلة)!! فلم يبق له إلاّ أن يقول بأنها (مقدّسة)..!!

بعد مفاجأة (الحراك) هذه بسقفها المتهوّر.. فوجئ الرئيس عبدربه ثانية بـ”شروط” أحزاب (اللقاء المشترك).. لـ”المشاركة” في هذا الحوار الوطني، والتي لم تكن لتقل تعنتاً عن سابقتها، وإن تركّزت معظمها في شخص الرئيس السابق علي عبد الله صالح.. بـ(إبعاده) عن رئاسة حزب المؤتمر (الذي أسّسه)، وإنهاء حالة الانقسام في الجيش و(إقالة) أقارب الرئيس.. من مناصبهم ومواقعهم في المؤسستين الأمنية والعسكرية، إلى جانب شرطهم الثالث في (تحقيق الأمن).. قبل المشاركة أو الدخول إلى مؤتمر الحوار الوطني، الذي لن يكون إنجازه على عاتق الرئيس عبدربه أو رئيس حكومة الوحدة الوطنية باسندوه.. وحدهما، ولكنه بحاجة إلى قرارات كل الفرقاء على ساحة المعضلة اليمنية.. وفي مقدمتهم (الحراك) والمشترك والحوثيون والأحمر وجماعته - الذين شكّلوا بـ “ميليشياتهم” دولة داخل الدولة في ذروة أيام المعضلة اليمنية - بالامتناع عن استخدام السلاح والجلوس إلى مائدة الحوار الوطني.. والتمكين لـ (الدولة الانتقالية الجديدة) من ممارسة مهامها الوطنية والأمنية والتنموية وفق آليات المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية.. وصولاً إلى يوم دعوة اليمنيين جميعاً في (ختامها) لانتخابات تشريعية ورئاسية جديدة لتقوم معها دولة يمنية ديمقراطية واحدة.. أساسها الحرية والعدل والمواطنة وليس الانتماء إلى شمال الوطن أو جنوبه.

ليس من شك في أنّ مهمة الرئيسين عبدربه وباسندوه.. ستكون بالغة العسر في تطبيق بنود (المرحلة الثانية) من المبادرة الخليجية أمام هذه الشروط التعجيزية، التي لا تريد حلاً.. بل تريد حرباً وتجزئة وتقسيماً يصبح معها اليمن دولاً.. لا دولتين..!!

ولكن تبقى ثلاث ورقات.. وسط (مزاد) هذه الاشتراطات المدهشة المحزنة والمضحك بعضها، أولها: العودة إلى أصحاب المبادرة الخليجية الناجحة وبكل المعايير.. لإنقاذ المرحلة الثانية والنهائية منها، ولو بحمل الناس إلى الجنة بالسلاسل.. كما جاء في الأثر!!

وثانيها: العودة.. إلى الأمم المتحدة عبر مندوبها للأزمة ونجمها الديبلوماسي القدير السيد جمال بن عمر، وقرار مجلس أمنها رقم 2014 القاضي بالتسوية السياسية للأزمة أو للمعضلة اليمنية كما أراها وأسمّيها.

وثالثها: (جنوبية) الرئيسين عبدربه وباسندوه.. التي لابد من استثمارها والنفخ في نارها لصالح الوطن ووحدته.. حتى تتجدد ثقة الجنوبيين بهما.. في النهاية، من منطلق أنهم (أي الجنوبيون).. إذا لم يثقوا بـ(دولة) رئيسها ورئيس وزرائها منهم.. فبمن يثقون ولمن يطمئنون.!؟

dar.almarsaa@hotmail.com
 

أزمة (المبادرة الخليجية).. في مرحلتها الثانية؟
د.عبدالله مناع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة