ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 19/04/2012/2012 Issue 14448

 14448 الخميس 27 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

خاف نابليون وجنكيز خان من القطط السوداء ظناً أن أرواحاً شريرة تسكنها, وخشي الفيلسوف سقراط العين الشريرة اعتقاداً بأنها مهلكة, وعزا هنري الثامن سبب زواجه من آن بولين إلى السحر, وعانى بطرس الأكبر قيصر روسيا من فوبيا الجسور, ورهب يوليوس قيصر الأحلام!

رغم دخولهم إلى التاريخ من أوسع أبوابه إلا أن الخرافة كانت رفيقة دربهم, فإن كانت أمثلتنا هذه عفا عليها الزمن فإن المعتقدات المغلوطة والحقائق المحرفة ما زالت إلى يومنا هذا حاضرة رغم تقدم العلم وتطور الثقافة, إلا أننا نجد الكثيرين لا يزالون يؤمنون بخرافة أو أكثر.

فالخرافة هي بالمجمل فلكلور شعبي يتوارثه الشعوب تاريخيًّا, ولقد كان لها فيما مضى أصل وخلفية ثقافية، وبلا شك شرح علمي.

فالجاثوم مثلاً قالت عنه العرب قديماً إنه “جني” يريد قتل الشخص النائم؛ فيقوم بخنقه وشلّ أطرافه, وفي تراث الكنيسة الغربية فُسِّر الجاثوم على أنه ملاك طُرد من الجنة بسبب شهوته الزائدة التي تدفعه إلى النائم ليعتدي عليه.. وجاء العالم ليدحض هذا الاعتقاد بتفسيره المنطقي إلى أن الجاثوم ما هو إلا شلل مؤقت في الجسم لارتخاء العضلات وصحوة الدماغ في آن واحد, وقد أطلق عليه اسم علمي ألا وهو “شلل النوم”.

باعتقادي أن الخرافة تشكِّل خطراً على الحقيقة أكثر من الأكاذيب, ولهذا نجد طوال التاريخ أن معتقداً قبلياً لأحد الناس شكَّل ديناً لآخر أو شعيرة من الشعائر الدينية التي تمارس بإيمان راسخ.

وعلى صعيد آخر لم يجد الإنسان قديماً حقائق ملموسة أو تفسيراً للظواهر الطبيعية كالبرق والرعد والخسوف والولادة والموت وبعض الأمراض، خاصة النفسية أو العصبية “كالصرع” مثلاً؛ فوقع في الاعتقاد بالأرواح الشريرة التي لا تراها العين أو النظرة الحاسدة والماحقة.

فهناك الكثير من المعتقدات التي تضمنت أخطاء وخرافات لا يقبلها عقل ولا منطق؛ ولهذا السبب اعتقد الإنسان القديم أن العين الزرقاء وحدوة الحصان ونقف القطع النقدية والدق على الخشب تفيده في عالم فوضوي, وهذا كله لا يدل إلا على رغبة الإنسان في فرض إرادته على الأشياء الخارجة عن الإرادة! فالأصول التاريخية للكثير من المعتقدات لا تزال تجد من يؤمن ويأخذ بالاعتقاد بها، وإن كان يعوزها المنطق.

فحضور الخرافة في أذهان ومعتقد أفراد المجتمع يأخذ حيزاً ضخماً، كان أولى به الحقائق العلمية المدروسة والمثبتة منها..

فكما تقول الحكمة “قل لي من تصاحب أقُلْ لك من أنت” فإنّ.. “قل لي كم خرافة تؤمن بها أقل لك من أنت” صحيحة أيضاً..! وما لا يخفى على أحد أن الخرافات ضاربة بجذورها في مجتمعنا، وهذا يثقل من أقدام التطور الحضاري والتقدم بأنواعه كافة. وحتى نستطيع فلترة وعي الإنسان الحديث لا بد من اتخاذ وسائل مُذيبة لها، وهذا - بلا شك - يتمثل في أصحاب العلم وأصحاب القرار ومن يؤثر قلمهم وحديثهم في الرأي العام وتشكيل المعتقدات, فأقل تغيير في معتقدات أمة ما يؤدي إلى تغيير مصيرها.

ذهب السنابل: وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ الأنعام25.

Lec.22@windowslive.com
 

ملاك طُرد من الجنة
إيمان عبدالعزيز الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة