ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 06/05/2012/2012 Issue 14465

 14465 الأحد 15 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

هذه الحكاية الطريفة، قد تكشف بعضاً من واقع حال سوق العمالة لوزير العمل، رغم أنها لا تعادل شيئاً قياساً بما يحدث من فوضى عارمة، لن ينقذها إلا رحمة ربي سبحانه وتعالى، ولكن سأسرد الحكاية، ليس لأنها قد تكون متكررة، بل لأنها تكشف «لوبي» مرعبا وعجيبا من تكتلات الأجانب بمختلف جنسياتهم وألوانهم، وكيف يديرون بلادنا ويتحكمون بمصادرها وسوقها.

كلنا نعرف هروب العمالة من كفلائهم، ومن مؤسساتهم التي يعملون فيها، وهو أمر أصبح عادياً ويومياً، وقد تكون معظم أسباب هروبهم معروفة لدى كثير ممن يعملون في السوق، فقد يبحث صاحب العمل في الصباح التالي عن عامله أو موظفه، فلا يجده، وكأنه «فص ملح وذاب» في بحر البلاد المترامية الأطراف، ولكن أن يأتي العامل إلى صاحب العمل، ويقول له بابتسامة صفراء: إما تنقل كفالتي إلى مؤسسة أخرى، أو سأهرب؟ فهذا هو العجب والغرابة، وهو بصيغة أخرى يعني: لا نظام يعنيني في بلادكم، ولا أخشى بعقوباتكم، إذا كان أصلاً لديكم عقوبة!.

أترككم مع صاحب القضية، صاحب مؤسسة مقاولات، يتحدث، يقول:

جاء إليّ عامل هندي يعمل في مؤسستي، وقال لي: إنه يريد أن أتنازل عن كفالته الآن لصالح كفيل آخر، أو سيهرب. سألته: إلى أين ستهرب؟. قال: سأهرب إلى الدمام لأعمل مع أخي في محل بقالة يمتلكها. رفضت. في اليوم التالي جاء وهددني مرة أخرى بأنه سيهرب. قلت له بسخرية: اهرب!

في اليوم التالي لم أجده، هرب واختفى عن أنظاري لمدة عشرة أشهر، وكان خلال هذه المدة يغري عاملاً هندياً آخر بالهروب، وذلك بالاتصال به هاتفياً. عاد بعد هذه المدة وطلب مني جواز سفره، غضبت لفجاجته واستهتاره، قلت له هل تعرف أنك ورطتني، وحملتني شهرياً تكاليف جلب عامل آخر من السوق بسعر أعلى من أجرتك؟. أخرج رزمة من فئة خمسمائة ريال، وقال لي كم كانت خسارتك؟.

أجبته عن خسارتي خلال عشرة الأشهر الماضية نتيجة غيابه، فعد المبلغ كاملاً وسلمني إياه بكل شهامة وحب.

الغريب أن هذا العامل كشف أنه يربح مئات الآلاف مع أخيه، وعصابة عمال هنود آخرين، إما هاربون من كفلائهم، أوعلى كفالة مواطن مستهتر، يتستر عليهم مقابل مبلغ شهري زهيد، بينما هم يديرون تجارة ضخمة، ويكسبون مئات الآلاف، بينما يخسر مواطنون شرفاء يعملون بصدق وأمانة، مقابل هؤلاء المواطنين المتسترين والذين يتحايلون على الأنظمة.

ومن أبرز أنواع التستر الذي يراعي حكاية «نطاقات» التي تغنت بها وزارة العمل، بدلاً من أن يجلب المواطن المتستر عشرين عاملاً يطلقهم في السوق، يتاجرون ويعبثون في أمن البلاد، يقوم بتوزيع العمالة على سجلات تجارية باسمه، واسم أمه، واسم زوجته، وتحت كل سجل تجاري يستقدم عدداً من العمالة لا يتجاوز ثمانية، ليكون هو تاسعهم، فحسب نظام نطاقات، أن المؤسسة التي تعمل بتسعة موظفين فأقل عليها أن توظف سعودياً واحداً على الأقل، ويكون هو السعودي الوحيد، ثم يجعل هؤلاء العمال يجوبون البلاد دون حسيب ولارقيب، بينما ينتظر هو نهاية الشهر كي يأخذ على كل عامل ألف وخمسمائة ريال، دون أن يتحمل مسؤولية سكن وعلاج وسفر هؤلاء، مقابل مواطن آخر يعمل حسب الأنظمة والقوانين.

إذن ليست المشكلة في التوطين، ولا في نسب التوطين في المؤسسات، بل في التستر فقط، اقضوا على التستر بمحاكمة هؤلاء ومعاقبتهم، ويصلح حالنا تماماً.

 

نزهات
حكاية هارب من العمل!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة