ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 10/05/2012/2012 Issue 14469

 14469 الخميس 19 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تشير مستخلصات التاريخ، كما تؤكد مشاهدات الواقع المعاصر، على أن الوحدة الوطنية هي عماد بناء الأمم، وأساس استقرار الشعوب، والشرط اللازم للسبق الثقافي، والقيادة الحضارية، والضمان الأكيد لاستمرار التطور التنموي المنشود.. فضلا عن أن وحدة الوطن دليل على وعي المواطنين وقوتهم في الانتصار على أنفسهم وتماسكهم الاجتماعي ورقيهم الحضاري وقدرتهم على حماية الحدود الجغرافية لبلادهم عسكرياً وفكرياً وصحياً وسلوكياً وطمأنينتهم وحفظ كرامتهم هم وقاطني ديارهم على حد سواء. وبوصف الوحدة الوطنية أهم الضمانات التي تكفل التعايش المؤسس على نبذ الولاءات الضيقة، والتحيزات العصبية، والمناطقية المميتة، وتجاوزها للاحتكام إلى قاعدة الانتماء الأوسع للوطن، وحسابات الهوية، لذا باتت هذه الوحدة ليست وسيلة فقط بل غاية أيضا تبذل مؤسسات الدولة جهوداً مكثفة ومستمرة من أجل الحفاظ عليها وصيانتها وتقوية أواصرها ومجابهة تحدياتها وإزالة مهدداتها.

وكما دلت تجارب التاريخ وشواهد العصر على أهمية الوطنية فإنها تنذر في نفس الوقت بأن العديد من التحديات الخارجية غالباً ما تتحول إلى مهددات داخلية تحاول جاهدة أن تنال من وحدة الكيان وثوابت الوطن ما لم تكن المؤسسات الرسمية والأهلية واعية بإرهاصات تلك التحديات وقادرة على رصدها وامتلاك مفاتيح تحليلها ومن ثم التحسب لتأثيراتها وتأسيس ما يلزم من البرامج التي تحول التحديات إلى فرص والمخاطر إلى مكاسب، والتلقي السلبي لرياح التغيير الموجه إلى التفاعل الإيجابي الواعي لطبيعة المرحلة وآليات المواجهة خاصة إذا وضع في الاعتبار وفي إطار الصراع الدولي دوائر مختلفة تستهدف النيل من الوحدة الوطنية واللعب على أوتارها وإثنياتها المتعددة مستعينة بأدوات العصر وتقنياته.

في سياق متصل بما تشير إليه المفردات السابقة، وبناء على ما جد ويجد من أحداث وتداعيات، وفي ظل المزايدات الكلامية التي صارت فيما يسمى بالربيع العربي عنواناً جديداً لحرية التعبير الذي لا سقف له إلا السماء كما يظنون، أقول في هذا الوقت بالذات أضحى دور الواحد منا في تحقيق الوحدة الوطنية وضمان سلامة هذا الكيان العزيز المملكة العربية السعودية أكبر بكثير عما كان عليه في العام الماضي القريب، فكلمة من خطيب أو زلة من عالم أو تجاوز من كاتب أو تغريدة واحدة في توتير أو تهجم عاطفي آني متعجل في الفيسبوك أو كتابة تعميمية بالمواقع والصحف الإلكترونية ولو باسم مستعار..

هذه وتلك قد تجيش شعباً بأكمله، وأشد من ذلك وأكثر خطورة وأسرع أثراً تقصير موظف حكومي أو تهاون مسؤول معتبر أو تباطؤ قاض شرعي أو تعدي مواطن نكرة على أحد بسوء سواء لفظي أو فعلي باللسان أو اليد، قد يدفع هذا السلوك الذي قد يستسهله البعض بالأطراف المعنية حتى ولو كانت شخصاً واحداً إلى جعلها قضية عالمية وبأقل من دقيقة، وهنا تتدخل المصالح الخارجية وتلعب العلاقات الدولية دورها في توجيه دفة الأحداث المترتبة على هذا السلوك الفردي غير الواعي للعواقب المتفكر في النتائج، وتقع بعد ذلك على أصحاب القرار أهل الحل والعقد ورجال السياسية والفكر والاقتصاد مسؤولية الاحتواء والاعتذار، «والنار من مستصغر الشرر»!!.

إنك أخي العزيز تنتمي إلى وطن يحاول الكثير سوقه للأحداث وإدخاله في دائرة الصراع الدائر في ساحتنا العربية تحت مسميات رائعة كالربيع العربي والتغيير المطلوب والديمقراطية الواعدة و... ستكتشف الشعوب الثائرة أنها سراب يوماً ما، والواجب على كل منا أن يعي مسؤوليات الانتماء وتبعات المواطنة وأن يكون عنواناً جميلاً للوطن وأنموذجاً رائعاً للمواطن الصالح ولا يغره هذه المسميات الفضفاضة والرنانة المخادعة غالباً والتي لا نصيب لها على أرض الواقع العربي لا من قريب ولا من بعيد ودمت عزيزاً يا وطني وتقبلوا صادق الود وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
المسؤولية الفردية في تحقيق السلامة الوطنية
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة