ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 11/05/2012/2012 Issue 14470

 14470 الجمعة 20 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في عالمنا العربي المضطرب، الذي يعج بالفوضى وغياب المنهجية وتكاثر بؤر الفتن وشيوع القلاقل، يبدو أن تشبث الإعلام العربي بمزايا الصدق والشفافية والحيادية المطلقة أصبح في حقل التشبث بالمستحيل أو حتى بالخرافة.. فالموضوعية والحياد والالتزام بعرض حقائق الأحداث أو حتى مناقشة محاور الأزمات التي قد تنشأ ما بين الدول العربية بدت بحد ذاتها أزمات صراع ومعارك في إعلامنا العربي، والثمرة مواطن عربي محتقن يتابع بصمت.

أحداث العالم العربي على اختلافها وتنوعها ودرجة سخونتها قلبت المعادلة التي تقول إن الإعلام هو المرآة الحقيقية التي تعكس كل ما يجري على الأرض؛ لتتابعه عين وأذن المواطن العربي بصورة واضحة صادقة لا تقبل الالتباس أو التحريف، مهما كانت نتائج هذه الأحداث، وبغض النظر عن كنهها ومصدرها.

لكن إذا كان تقديم الحقائق يوقف زحف الشائعات.. وإذا كانت نزعة التلهف تتملك المجتمع العربي للبحث عن أي المصادر الإعلامية التي يمكن أن يستقي منها الحقيقة.. فإن جوهر الرسالة الإعلامية لبعض أنظمة الإعلام العربي.. تجاوزت حق احتكار الصورة والكلمة التي ينبغي أن تظهر وتُبَث بصدق وشفافية وحيادية مطلقة.. إذاً، لا غرابة أن يكون المواطن العربي أمام نمطٍ لواقع إعلام متلوِّن أو مغاير.. نمطٍ يسير وفق معايير تُشوِّه صفاء الحقائق.. وتلوث نبل المبادئ والأهداف الحقيقية للإعلام الحيادي المتزن الذي يرسخ القناعة في ذهن المواطن العربي بأن ما يقدمه ما هو إلا عين الحقيقة.

فأي معنى إذاً..!! أن تكون المجتمعات العربية معاصرة لحاضرها في ظل تشويه وتعتيم بل وتغييب لحقائق الأحداث والأزمات عن سمعها وبصرها؟ وهل منحت بعض أنظمة الإعلام العربية لذاتها صلاحية مطلقة، تحدد بموجبها الأفق الاستراتيجي لإعادة صياغة الأحداث التي تتناثر تترى على الساحة العربية بالشكل الذي يخدم أجندة المتحذلقين الموالين لها؟ أسئلة مطروحة تبحث عن إجابة..

حقيقة، لا أبالغ إن قُلْتُ إن فلسفة الزمن الحالي هي فلسفة زمن الخلاف والاختلاف، زمن الصراعات والشائعات المغرضة، زمن التسويق للتهم الملفقة، تصدح بها بعض وسائل الإعلام العربية؛ فغدت أشواكاً مغروسة في ظهر المجتمع العربي.. ومع ذلك يبقى هذا الإعلام مجاهراً بالشفافية والمصداقية والالتزام بالحيادية، وهو بعيد كل البُعد عن كل ما يجاهر به عبر وسائله المختلفة، ويظل المواطن العربي يتابع ما يجري عبر فضائيات التمويه الإعلامي دون أن يعتريه أدنى شك حتى ولو تعددت الأصوات المتدخلة تطفلاً عبر منابره في حوارات ونقاشات فكرية أو سياسية مشبوهة مضلِّلَة.

لقد أصبحت فاعلية بعض أنظمة الإعلام العربية فاعلية التمويه والتأويل وقسرية الرأي.. وإثارة مكامن الاحتقان في نفوس الشعوب العربية على اختلاف أطيافها وفصائلها.. ولعل أقرب ما يُطلق عليه هو اسم (إعلام مفبرك)، إعلام يبث وينشر في ظل تعتيمٍ مُضمَر، لا يلامس واقعنا العربي.

وإذا كان الإعلام يمثل بؤرة اهتمام الرأي العام.. ويلعب دور الفاعل المحوري في صياغة مفاهيم الشعوب حول الأحداث والمواقف بخلق وعي لمجريات الأحداث شرحاً وتفصيلاً صادقاً شفافاً، وبحيادية مطلقة، فإن غالبية أنظمة الإعلام العربي حصدت شهادات التميز والتفوق في تزييف وتغييب الحقائق، وتحريك نوازع الإثارة الكامنة في النفوس.. هذا هو حال الإعلام العربي.

ومهما يكن فإن الحياد المطلق والشفافية والمصداقية التي ترددها بعض الأنظمة الإعلامية ما هي إلا مجرد أسطورة من أساطير ألف ليلة وليلة، تُحكى ليلاً، وتعاد نهاراً؛ ليبقى غياب النزاهة والمصداقية في نقل الأحداث وتحليل مشاهد الأزمات ظاهرة عند أولئك الانتهازيين المتحذلقين الذين يحاولون ركوب الموجة لتمرير أنفسهم عبر وسائل الإعلام.. واستثمارها لأغراض قد تخدم أجندة معينة.. وكم هم كثر أولئك في عالمنا العربي.

إن نجاح الإعلام في إدارة الأزمات مرهونٌ بصدق وشفافية ودقة التعامل معها دون التضحية بمعايير الحياد والموضوعية وتوخي المسؤولية تجاه المجتمعات؛ ليستشعر المواطن العربي - بحق - بأن ذلك شعار لإعلام عربي حقيقي.

 

عود على بدء
تقديم الحقائق يوقف زحف الشائعات
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة