ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 11/05/2012/2012 Issue 14470

 14470 الجمعة 20 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عبارة وردت في حديث نبوي شريف، أسداها نصحا خادم الحرمين الشريفين للإعلام، وهذه العبارة الرائعة تعتبر أساسا للتعامل البشري بشكل عام. وقد كان بعض الشعراء في سالف الزمان رجال الإعلام الحقيقي، والذين يخلط بعضهم بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، ويبلغون مآربهم، وينالون نوالهم، من خلال ألسنتهم وقولهم الشعر. وكان الكرام يعفون عن لقائهم أو يشترون ألسنتهم خشية بذاءة ما ينطقون به في غير حق وبما يسيء إلى مجتمع أو قبيلة بأسرها وهكذا كانوا. والأغلب يعرف وربما يحفظ بعض أشعار الحطيئة وجرير، والفرزدق والأخطل، وحماد عجرف، وبشار بن برد، وابن شهيد، والسميسر، وابن الحناط وابن الخطيب، ونزهون القلاعية، وغيرهم كثير.

وفي الفترة القريبة الماضية، كانت الصحف منبرا للإعلام، والأخذ والرد، فهناك مصطفى أمين، والعقاد، وزكي مبارك دكاترة، وطه حسين، وغيرهم كثير. وبزغ دور الإذاعة وكان الأشهر في التجني هو أحمد سعيد وبرنامجه المشهور آنذاك. وكانت صحف عربية وغير عربية هنا وهناك، تخلط الحق بالباطل أو تقف عند الباطل، فتلفق وتقول ما تشاء. واستمرت الحال، فخرجت علينا القنوات الفضائية بزخمها المشهود، ولونها المعهود، وتخصصت بعض القنوات في الإساءة لا غير، ومع ذلك فإن الحق دائما هو الذي يسود في نهاية المطاف.

ظهرت على السطح قنوات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر، وغيرها وأضحى المتلقي في حيرة من أمره لا يحسن التمييز بين الحق والباطل، لأن العجينة الجاهزة تتكون من خليط غريب من مواد مختلفة ومتناقضة. يصنعها مجموعة من الجادين والصادقين والمصلحين، ومع الأسف، بعض العابثين والحاقدين والحاسدين والمفسدين. وأصبح كل فرد منا يأخذ ما يشتهيه بما يتفق مع ما يستهويه، وهكذا أصبح الإعلام بعد أن كان وسيلة سهلة للتواصل، أداة يصعب تصديقها، فيضطر الفرد إلى التحري عن حقيقة الأمر، ولن يكون تحريه إلاّ من خلال أشخاص ربما يميل بهم الهوى حيث يميل.

وهذه العبارة الرائعة من الحديث الشريف “قل خيراًَ أو فاصمت” تستحق التوقف عندها لنجد أن عددا كبيرا يقول خيرا وعدداً آخر صامت، وآخرين لا يقولون خيراً لكن بذرتهم الخيرة قد تقبل النصح، فتغير من قول الباطل إلى قول الخير، وهؤلاء هم الذين يمكن نصحهم، وإيضاح الحق لهم حتى يكونوا في صف من يقولون الخير أو أن يلوذوا بالصمت. لكن المشكلة الكأداء والمعضلة المستعصية تكمن في أولئك الحاقدين الحاسدين المفسدين بين الدول والأفراد. ومن العجب أن هؤلاء غير الخيرين الذين لا يقولون الخير، ولا يصمتون حتى وإن اتضح لهم الحق من الباطل، والصدق من الكذب، لأنهم يلفقون ما يشاؤون، ويهذرون بما يعون وما لا يعون، هذا النوع من البشر لا يمكن إيقافه لأنه جبل على قول غير الحق، ولو كان لديه من التبصر شيئا لسأل، أو زار بلاداً بعينها، أو نظر إلى خيرها وإيجابياتها، لكنه حتى وإن فعل ذلك فلن يثنيه عما جبل عليه من قول غير الحق.

كل العداوات قد يرجى براءتها

إلاّ عداوة من عاداك عن حسد

والحسد في الغالب يقع بين المتنافسين أو أولئك الذين يتضاربون في المصالح، أما من يحسد فقط لغرض الحسد، لا سيما أنه ليس له في العير أو النفير، ولا يدري بماذا يتحدث وعن ماذا يتحدث، فلا شك أن هذه سجيته ولن يحيد عنها بأي شكل كان.

ولعلني أنهي المقال بقول الإمام الشافعي:

قالوا سكتّ وقد خوصمتُ قلتُ لهم

إنَّ الجوابَ لبابِ الشرِّ مفتاحُ

والصمَّتُ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ

وفيه أيضاً لصونِ العرضِ إصلاحُ

أما تَرَى الأُسْدَ تُخْشى وهْي صَامِتة؟

والكلبُ يحصى لعمري وهو نباحُ

وذلك معناه أن الكلب النباح يرجم بالحصى، فما أجمل هذا القول (قل خيراً أو فاصمت).

 

نوازع
قل خيراً أو فاصمت
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة