ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 11/05/2012/2012 Issue 14470

 14470 الجمعة 20 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

سداد الرأي في تدبير الأمور
د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري*

رجوع

 

من الصفات الغالبة على بعض الناس، والملاحظات الشائعة فيهم، الارتجال في التصرفات الفردية والعامة، فيبدأ الإنسان منهم في الأمر قبل تدبره والتفكر فيه والنظر في مآلاته، وقد يتحمس إنسان لفكرة عارضة ونظرة طارئة عاجلة، ثم هو يقبل على تنفيذها قبل تمحيصها، ولا يكلف نفسه بتقليب وجهات النظر فيها، ثم بعد مضي مدة يأسف ويندم على ما فعل.

فمن سداد الرأي والحكمة في تدبير الأمور التأني والتروي والنظر والتفكر في الأمر وعدم العجلة في إصداره أو إقراره لتكون السلامة ملازمة له، والإسلام الحنيف يدعو ويأمر بالتفكر وإعمال العقل، وفي القرآن الكريم آيات متعددة تدعو إلى إعمال الفكر والعقل في مثل قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وقوله جل ذكره: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}، فهذه الآيات ونظائرها فيها دعوة للناس إلى أن يستعملوا أفكارهم في أسرار شرع ربهم، ويعرفوا أن أوامر ربهم فيها مصالح الدنيا والدين، وإذا تدبر العاقل وتفكر وازداد تأمله فيما يُقْدِم عليه قبل فعله فلن يندم ولن يتحسر.

والعاقل اللبيب والمفكر الحصيف، مَن نظر واعتبر، ودرس واحترس، ثم عرف هدفه وغايته ثم رسم طريقه وخطته، واستعان بالله حتى يأمن العثار وينأى عن البوار، والإنسان لا يبخس عقله وفكره حقه من النظر، ولا يُطفئ نوره بالإعراض عنه ولا يغتر بشجاعته، فإن الشجاعة إذا لم تصدر عن عقل وحكمة أوردت صاحبها موارد الهلاك.

قال أبو الطيب المتنبي:

الرأي قبل شجاعة الشجعان

هو أولٌ وهي المحل الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفس مِرَّةٍ

بلغت من العلياء كل مكان

ومن لم يتأمل ويتدبر في الأمور، فقد يقع في مهالك تخدعه ببريقها، ولكنه بريق اللظى الكاذب، الذي يبعث الضوء في أوله ولكنه يجلب الحسرة والندامة في آخره، فالعاقل المتدبر مَن يزن الأمور بميزانها الدقيق الصادق في كل الشؤون، ثم يُقدم بعد ذلك واثقاً بنفسه مستعيناً بربه، صادقاً في يقينه وإخلاصه فإن بلغ غايته وقصده فقد اطمأنت نفسه، وإن لم يكن ذلك، فقد أدى واجبه فأحسن الأداء.

وقد قيل النظر في عواقب الأمور من شأن العقلاء، وليحرص الإنسان على تحقيق إقبال القلب على الله، والتوكل عليه، وطلب العون والسداد منه وحده، ومتى استقام باطن الإنسان، استقام ظاهره، واستقامت له الأمور.

* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة