ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 13/05/2012/2012 Issue 14472

 14472 الأحد 22 جمادى الآخرة 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

كم هو مفيد أن يتوقف المرء عند رسائل المبدعين الذين يتقنون صنعة الرسالة فيتخيرون لها الوقت المناسب للرد ويعطونها المزيد من الفسحة للتأمل وقراءة ما بين السطور واستنباط ما خفي منها من معان دون رد منفعل قد تغيب معه دلالات المعاني ومواطن الاستنباط وسبر أغوار حقيقة ما نقرأ والوقوف على حقائق ما يحتويه، وهنا يكون للكلام كنههُ ومعناه، وللرد حقيقته وفحواه، لقد تذكرت ذلك في الأديب والمؤرخ الكبير معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري نائب رئيس الحرس الوطني المساعد رحمه الله حين وقفت على رسالته التي وجهها إلى ذات يوم رداً على ما تشرفت بكتابته إلى شخصه الكريم حيث قال ضمن ما قال لقد أغفلتني المشاغل وغفت الذاكرة عن إرسال الجواب عن رسالتك المؤرخة في 19-11-1415هـ والسبب في ذلك أني كثيراً ما تفقد ذاكرتي أية رسالة لا أعطيها عنها الجواب في اللحظة التي أقرؤها، أخذت رسالتك إلى البيت لأقرؤها وأتأملها لأنها طويلة وبعد قراءتي لها وضعتها في مكان قريب مني على أمل أن أعود إليها، هذه الحقيقة ولكن مما سرني جداً أني رأيت فيك ملامح الرسالة شاباً وأعياً أدرك كيف يضع قدمه على طريق المعرفة التي لا معنى للحياة بدونها، فهي تصوغ الرجال وتسمو بهم إلى أعلى المراتب كل بقدر جهده وحظه، أتفاءل لك إن شاء الله بمستقبل مبارك مضافاً إلى أني أرغب أن أراكم دائماً أولاد المرحوم في حالة من مطرد النجاح إن شاء الله؛ انتهى كلامه.. هذه الرسالة من معاليه ليست رسالة تقليديه إنما هي رسالة علمية تحمل في معطياتها الشيء الكثير ليس لي وحدي وإنما لكل كاتب ولكل من يسلك طريق المعرفة كيف لا وهي تصدر ممن عاش من أجل المعرفة وفنونها وأبدع من خلالها قيماً تخدم الأمة تتفاعل مع منظومة المعرفة الأديبة والتاريخية والسياسية والاجتماعية قوامها الإنسان الذي هو نصب عينيه في كل شيء فأدب الرسائل هو سمة من سمات شخصيته والتي تنوعت فنونها ومجالاتها فرسائله لم تقتصر على فئه معينة، بل شملت أبناء الأمة كافة فتذكر رسائل إلى ولدي (حتى لا يصيبنا الدوار ومنازل الأحلام الجميلة) ورسائل خفت عليها الضياع هذه الرسائل هي كنز من كنوز المعرفة ارتبطت بموروثنا الثقافي تشكلت منها جوانب وجدانية وإنسانية تخاطب العقل والفطرة البشرية وسط اندهاش من المتابعين لهذه الشخصية من الأدباء والمفكرين داخل المملكة وخارجها الذين يحرصون على القراءة له لأنهم يجدون عبقاً نادراً لخاصيته التي لا توجد إلا عنده ولا يمكن تفسيرها إلا منه، وقد حرص هؤلاء المفكرين التواصل معه سواء داخل المملكة وخارجها من خلال الصالونات التي يقيمها أثناء مهرجانات الجنادرية أو خارج المملكة في مصر ولندن وجنيف والتي لم تقتصر على المفكرين العرب، بل الأجانب لهم حضور في ذلك وبهذه المناسبة أذكر موقفاً قرأته لابن الشيخ عبدالرحمن السعدي (محمد) في كتابه (مواقف اجتماعية عن حياة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- 1307-1376هـ وفي صفحة 78 نصه ما يلي: وفي عام 1418هـ لما كنت في سويسرا ذهبت إلى (فندق برزدنت) للسلام على الشيخ عبدالعزيز التويجري، وكان ساكناً بالفندق ذلك الوقت وعنده جلسة قهوة وشاهي بعد صلاة العصر في صالة الفندق، والشيخ التويجري يحب الوالد رحمة الله كثيراً جزاه الله خيراً، وكان يقول: ما عمري سافرت لعنيزة إلا وأروح (اذهب) للشيخ ابن سعدي للسلام عليه في بيته.

المهم كان حاضراً معنا في صالة الفندق 15 شخصًا من الجماعة، ومن أهل الخليج، ومن بين هؤلاء رجل أمريكي كان عضواً سابقاً بالكونغرس الأمريكي، فتحدث الشيخ التويجري وقال للأمريكي بواسطة المترجمين الموجودين معه بصالة الفندق وهو يشير إلى هذا الرجل قد عرف أبوه أنكم يا أيها الأمريكان سوف تذهبون إلى القمر منذ 60 عاماً.

فتعجب الرجل الأمريكي من مقالة الشيخ التويجري أشد العجب، ثم قال الأمريكي: هو (يقصد الوالد) يعترف ويصدق وصولنا إلى القمر قبل 60 سنة! وعندنا في أمريكا أناس كثيرون يكذبون ذلك وينكرون طلوعنا ونزولنا على القمر، ويقولون: إن هذا الأمر غير صحيح، ومع هذا الشيخ ابن سعدي يصدق ذلك؟! هذا أمر عجيب. ثم التفت الأمريكي للشيخ التويجري وقال له: الشيخ ابن سعدي من أهل المجمعة؟.. (لأن الأمريكي يعرف التويجري أنه من أهل المجمعة). فرد عليه الشيخ التويجري وقال له: لا، ابن سعدي من أهل عنيزة، فكان الرجل الأمريكي طول وقته معنا يتعجب من مقالة التويجري وعن فكر ورأي الوالد.

رحمك الله أيها الشيخ المفكر والأديب القدير الذي علمنا حب الأدب والأدباء من خلال رسائله الخالدة التي تزخر بها مكتباتنا العربية.

والله من وراء القصد،،،

 

التويجري وأدب الرسائل
منصور ابراهيم الدخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة