ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 20/05/2012/2012 Issue 14479 14479 الأحد 29 جمادى الآخرة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

وجَّه إليَّ السؤال قائلاً: ما وجدت لك حديثاً منطوقاً أو مكتوباً إلا ووجدت قضية اللغة العربية الفصحى حاضرة فيه، حتى شعرت أنك تبالغ في الحديث عنها والدعوة إليها، وكأنها هي العامل الوحيد لنهضة الأمة وتقدمها؟!

قلت له: إن لغة أية أمة من الأمم هي وعاء معتقداتها وأفكارها وعلومها وتراثها، وهي سياقها التاريخي، وعمقها الحضاري، ولك أن تتجول في أنحاء العالم - عن طريق مواقع الشبكة العنكبوتية - لتطلع على عناية الأمم كلها بلغتها الأم، عن طريق نشرها وغرس حبها في قلوب أبنائها وبناتها، ودعم مراكزها مادياً ومعنوياً، وعندها سترى أن الأمة المسلمة (والعرب منها بخاصة) مقصرة في شأن لغتها العربية مع أنها أعظم اللغات وأقواها وأكثرها شمولاً وسعة وإمتاعاً، كما هو معروف لدى علماء اللغة عند الأمم كلها.

إن عناية الألمان والفرنسيين والصين واليابان والأسبان والهنود بلغاتهم عناية عجيبة، فهم يرفعون شأنها في مدارسهم وجامعاتهم ومؤتمراتهم، وإعلامهم - ولا يرضون بها بديلاً، ولا يشعرون بالنقص الذي يشعر به العربي حينما لا يكون قادراً على الحديث بغير لغته ولا يخجلون من ذلك، بل يتحدثون ويكتبون بلغاتهم ويتركون لمن يريد معرفة ما لديهم أن يجتهد في فهم ما يقولون؛ إما بدراسة لغاتهم أو الاستعانة بالمترجمين.

وهنالك سبب حضاري وجيه متفق عليه قديماً وحديثاً للعناية باللغة الأم، واعتمادها لغة للأمة تستخدمها في شؤون حياتها كلها، ألا وهو ما ينتج عن ذلك من الإبداع، والإقناع، والثقة بالنفس، والتخلص من التبعية الثقافية والفكرية والسياسية والاقتصادية للآخرين.

أما لغتنا الخالدة، فهي ذات تميز كبير في مفرداتها وتراكيبها وما تتعلق به من عقيدة وفكر وثقافة، وفي تراثها الروحي الضخم، وفي كونها لغة لمئات الملايين من البشر المرتبطين بأرض غنية مادياً وروحياً، وهي - بهذه الصفات - لغة تقدم وحضارة، وأساس متين من أسس بناء الأمة وقوتها، وثباتها، وطريق مهم من طرق استعادة مكانتها وريادتها للأمم، وبالنظرة إلى هذه المكانة، وإلى إهمال أهلها لها - ومزاحمتها وبلهجاتهم العامية، واللغات الأجنبية، تصبح قضيتها من أهم القضايا وأخطرها على مستوى العالم الإسلامي كله.

إن لغتنا العربية الفصحى لغة غنية ذات قيمة كبيرة في عالم اليوم، فهنالك - الآن - إقبال كبير عليها في أنحاء العالم لأهداف ثقافية وسياسية وعسكرية واقتصادية، وهو إقبال ظاهر للعيان من خلال مراكز ومواقع العناية بتعليم اللغة العربية في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وروسيا، والصين واليابان وغيرها، يقابل هذا الإقبالَ عزوفٌ واضح من أهل لغة القرآن عنها، وإهمال لها، واستهانة بمكانتها.

ولقد أشارت وزيرة خارجية أمريكا (كوندليزارايس) في لقاء معها أيام غزو العراق إلى أهمية اللغة العربية قائلة: لقد فرَّطنا كثيراً في تعلم اللغة العربية فخسرنا كثيراً لأننا لم نفهم العرب والمسلمين على حقيقتهم.

وفي كلامها آنذاك إشارات واضحات إلى شعور الآخرين بأهمية لغة أمة يقارب عدد سكانها المليار والنصف من البشر.

العناية باللغة الأم رسالة كبيرة، ترفع مقام الإنسان والوطن، والمجتمع، فكيف إذا كانت هذه اللغة مرتبطة بوحي إلهي، ودين سماوي كاملٍ شامل لشؤون الدنيا والآخرة؟

هذا هو السر الكامن وراء تكثيفي الأحاديث عن لغة القرآن.

* إشارة:

العناية باللغة الأم سرٌّ من أسرار تقدم الأمة ورقيها

 

دفق قلم
لماذا اللغة العربية؟!
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة