ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 25/05/2012/2012 Issue 14484 14484 الجمعة 04 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

اصطلح العديد من علماء النفس على أن الذكاء هو نسق متكامل من القدرات أو مجموعة من القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل، والتخطيط، وحل المشكلات، وسرعة البديهة والتقييم العقلي، كما يشمل الذكاء أيضاً القدرة على التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، وتعلم وإتقان اللغات، وسرعة التعلم. كما يتضمن أيضا حسب

بعض العلماء القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين.

ويخطئ الناس عندما يعتقدون أن الذكاء يُقاس بقوة وتميز جميع هذه القدرات مجتمعة، ويخطئ آخرون عندما يظنون أن الذكاء مرتبط بقوة الذاكرة، فقد أثبت علم النفس أن الذكاء كميزة سلوكية يُعتبر مستقلاً عن القدرة الإبداعية ومكونات الشخصية، والحكمة وحتى حجم و قوة حافظة الذاكرة. و الذكاء قدرة فطرية عامة يولد الإنسان مزود بها وتستمر معه طول حياته، فإما أن يتم صقل بعض أو جميع أو إحدى تلك القدرات الفرعية أو أن تُخمد ولا يُعمل على إبرازها.

وللذكاء أنواع عدة، لكن علم النفس يُركز على أنواع تسعة فقط، الذكاء الحقائقي ونجده لدى الشخص الذي لديه القدرة على استيعاب الحقائق والإجابة على معظم الأسئلة أو عليها جميعاً. والذكاء التحليلي ويتمتع به الشخص الذي ينشط عند مواجهة المشكلات الفكرية ولديه القدرة على اختزال المعلومات وتحويلها إلى معادلات رياضية. والذكاء اللغوي ويتمثل لدى الشخص الذي لديه القدرة على إتقان عدد من اللغات ثم الذكاء الفراغي ونجده لدى الشخص الذي لديه القدرة على ملاحظة الأشكال والأنماط والقوالب بسرعة فائقة، فالذكاء العملي ويكون عادةً لدى الشخص الذي لديه موهبة ومهارة عالية لممارسة الأعمال الميكانيكية والكهربائية بشكل سهل ومتقدم، والذكاء الفيزيائي ويتضح لدى الشخص الذي يملك القدرة على التوازن وممارسة الألعاب الرياضية كالتزلج على الجليد والعاب السيرك، والذكاء الإيحائي الذي ينشط لدى الشخص الذي لديه القدرة على الحدس والتنبؤ وتفسير الظواهر واستنباط النتائج، فالذكاء التواصلي ونجده لدى الشخص الذي لديه القدرة على اجتذاب الآخرين والتأثير عليهم وقيادتهم واكتساب حبهم واحترامهم وأخيراً الذكاء المركب الذي نجده لدى الأشخاص الذين يمتلكون أكثر من نوع من الأنواع السابقة أو مجموعة من الأنواع السابقة.

ما تقدم ليس من قبيل التعريف بأنواع الذكاء، فليس ذلك مرادنا، إنما أردت أن أُقدم لسؤال كثيراً ما راودني، وهو هل نقوم عادةً بدراسة أنواع الذكاء حينما نُقدم على إقرار أسلوب تعليمي في مدراسنا؟ بمعنى آخر، عندما نقوم بسن أنظمة معينة تتعلق بأساليب التعليم في بلادنا، هل نقوم بدراسة أنواع الذكاء أو نأخذ في حساباتنا تعدد أنواع الذكاء أو على أقل تقدير تعريف الذكاء؟

حينما كثر الحديث مؤخراً عن زيادة عام دراسي في المرحلة الابتدائية في مدارسنا في الوقت الذي يعمد كثير من دول العالم لتقليص عدد سنوات الدراسة، هل ثمة دراسة تم إجراؤها على مقترح كهذا؟

وقبل ذلك بأكمله، هل يتم عادةً دراسة ومراجعة أنواع الذكاء لدى طلبتنا في المراحل الأولية لمعرفة أسباب تدني مستوياتهم التعليمية أو بروزهم في جوانب وضعفهم في جوانب أخرى؟.

علينا إن نحن فعلاً أردنا أن نمكن أبناءنا من وضعهم على الطريق الصحيحة في رحلتهم التعليمية، ومن ثم الحصول على مبدعين، أن ندرك قبلاً أن من يتمتع بقدرة أو بنوع من أنواع الذكاء السابق ليس بالضرورة أن يتمتع بنوع آخر، علينا أن نعي بأن من أنواع الذكاء كما أسلفت ما يجعل صاحبه أكثر ميلاً للتعلم المهني والتطبيقي وليس التعليم العام، ومن الظلم أن نعامل جميع طلبتنا وطالباتنا على أساس متساوٍ بل من الظلم أن نجعلهم في صف واحد وعلى خط واحد.

إن ما تُواجهه اليوم وما ستواجهه غداً أيضاً السوق السعودية من مشكلة في توافر الأيدي السعودية المدربة وشحها في مقابل توافر العديد من المواطنين من المتخصصين في مجالات عديدة لا تحتاجها السوق، إنما أساسه خللاً في تحليل البنية الأساسية للتعليم وعدم إدراك النواحي الفردية والقدرات المختلفة التي يتمتع بها أبناء وبنات بلادنا، ذلك ما أوجد اليوم خللاً واضحاً في معيار توافر الأيدي العاملة، فمن جهة هناك الكثير من حملة المؤهلات العليا في مقابل الكثير من غير المؤهلين ما أحدث فجوة في القوى العاملة، وعدم التأهيل ذلك ليس مرده ضعفاً في قدرات أصحابه بل ضعفاً في دراسة قدرات أصحابه وعدم قدرتنا نحن على توجيههم الوجهة الصحيحة التي تراعي تميزهم في جانب بعيد عن الدراسة العادية التي تميز بها أقرانهم.

لذا إن أردنا فعلاً العمل على معالجة هذا الأمر، يتوجب علينا اتخاذ بعض التدابير التي تتسق وأنماط الذكاء كرفع الحد الأدنى للتعليم الإلزامي للكفاءة المتوسطة، و معالجة الخلل القائم في معيار المؤهلات العلمية من خلال سد الفجوة الموجودة في عدم توافر ذوي المؤهلات التخصصية المتوسطة وذلك من خلال توفير الثانويات متعددة التخصصات، فإلى جانب الثانويات الأدبية والثانويات العلمية، يجب افتتاح ثانويات صناعية وأخرى زراعية وثالثة فنية وهكذا. تخرج هذه الثانويات الجديدة فنيين بمؤهل أولي يُسمى “ثانوي صناعي” أو “ثانوي زراعي” وهكذا، على أن يكون القبول في جميع ما سبق ذكره من ثانويات بما فيها العلمية والأدبية مبني على معدل الطالب في الكفاءة المتوسطة. وهذا توجه لابد من تحقيقه لمواجهة الأعداد الهائلة للطلبة من الأجيال القادمة وعدم قدرة مدارسنا العلمية والأدبية على استيعابهم، ثم تحديد مدة الدراسة في الكليات التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بثلاث سنوات فقط يكون الخريج حاملاً عند التخرج فيها لدبلوم متوسط في مجال معين، وتحويل المعاهد التابعة للمؤسسة السابقة إلى وزارة التربية والتعليم كما كانت سابقاً ويتم إلحاق خريجي الكفاءة بها ممن لا يرغبون إكمال دراستهم أو ممن لم يستطيعوا تحقيق معدلات دراسية جيدة، يحصل خريج المعهد على شهادة “عامل فني” في مجال معين، على أن تكون الدراسة في تلك المعاهد لمدة سنتين فقط، وإقرار تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية وما بعدها، و إقرار التعليم سواءً بالمعاهد أو الكليات المتوسطة أو الجامعية باللغة الإنجليزية على أن يكون هناك مادة خاصة باللغة الفرنسية.

علينا إن أردنا أن نزيل العديد من التشوهات التي بدأت ترتسم بشكل ملحوظ في سوق العمل بسبب اتساع الهوة بين العرض والطلب في الأيدي الوطنية العاملة، ومواكبة التطور في كافة المجالات والأنشطة بسبب التوسع الهائل في البنى التحتية أن نعمل بالفعل على إعادة تقييمنا للوضع برمته، علينا إن نحن أردنا بالفعل الاستغناء تدريجيا عن العمالة الوافدة على المدى الطويل أن نعمل على تطوير الموارد البشرية الوطنية المؤهلة للقيام بمهام تلك العمالة الوافدة. إلى لقاء قادم إن كتب الله.

dr.aobaid@gmail.com
 

هل الحد من العامل الوافد عصيٌ علينا؟
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة