ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 26/05/2012/2012 Issue 14485 14485 السبت 05 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا بد من مواجهة أزمة العمل في المملكة، فالوضع حسب رأيي المتواضع دخل مرحلة الخطر، فشعب لا يعمل لا ينتظره مستقبل، وشعب لا يخدم نفسه يحتاج إلى معجزة تنموية لتجاوز ثقافة التخلف الذي يعيش فيها، واسمحوا أن أستخدم مفردات قاسية مثل تخلف وجهل وماضوي، وقبل أن يغضب القارئ العزيز من مفرداتي القاسية، عليه أن يتأمل المحيط الذي حوله، بدءاً من المنزل، ومروراً بالشارع، والفنادق والأسواق، وانتهاءً بأماكن العمل، سيجد أن أغلب الذين يقومون بالوظائف الفنية والصناعية والخدمية في المجتمع من الآسيويين المهاجرين.

أحياناً أشعر أننا أمة من الماضي، انتقلنا عبر الزمن من القرن العاشر ميلادي إلى القرن الواحد والعشرين، شاء القدر أن يقذف بنا في حضارة لا تعترف إلا بالعمل والمهارات والإبداع والاختراع والاقتصاد وإنتاج الفرد، أتينا إلى زمن غير زمننا، مشغولين بالبحث عن الجن في الأودية والأماكن المهجورة، وبالتداوي بالخرافات وقوارير المياه الصفراء، ولازالت بهجتنا في أن نطارد الضبان في البراري، ومسابقات الشعر الشعبي، باختصار نحن أمة من أسياد العصر الوسيط يخدمها عبيد مستوردون، ولا يحتاج الأمر إلى أن نتساءل أو كيف وصلنا إلى هذه الحالة، بكل بساطة نحن أسرى للماضي، ولم نتجاوز مفاهيم القرون الوسطى، ولا زلنا أشبه بالأصم في زفة الحضارة وسباق التميز البشري والنمو الاقتصادي.

وقد يُفسر ذلك سلوك بعض المواطنين الذي يقترضون من أجل أن يظهر في صورة صاحب الجاه الذي تُفتح له الأبواب بسبب سيارته الفارهة ومشلحه المطرز بالذهب، وفي تناقض لا يخلو من العجب تتدنى الرواتب لأصحاب المهن الفنية والخدمية والفندقية ومحلات التجزئة والمطاعم، ولكي تتضح الصورة يصل راتب عامل النظافة في ألمانيا واليابان إلى أكثر من ألفي يورو، بينما نصرف له حوالي المائة يورو شهرياً، ويدخل في ذلك سلالم رواتب المهن الفنية، فتدني الرواتب يطرد حتى الذين قبلوا أن يدخلوا في ثقافة القرن الجديد.

نتحدث عن السياحة في المملكة، ونبشر بجيل سياحي يفهم أدوات بيع الخدمات، وكيفية التعامل مع السواح في المدينة والقرية أو الضاحية الصغيرة، لكن عندما زرت أبها مؤخراً، والتي تعتبر المصيف الأول في البلاد، تفاجأت أن كل الخدمات السياحية يُقدمها آسيويون مستوردون، نتحدث الإنجليزية حتى في السياحة المحلية، بينما يتسابق شباب الوطن في سيارات النقل الكبيرة والصغيرة في شوارع المدينة، تماماً مثل بقية الشباب في أنحاء المملكة، يتفاخرون في كسر النظام وقطع الإشارة المرورية، وفي كيف يكسب المال دون عناء العمل، وكانت مفاجأتي أكثر أنه يوجد كلية للسياحة في المدينة، ولكن لا يوجد أثر لخريجيها، تماماً مثل كليات ومعاهد المؤسسة العامة للتدريب المهني، والتي أخرجت لنا مئات الآلاف من المهنيين، ولا نجد لهم أثراً في سوق العمل.

جاء حافز كفكرة نبيلة في وسط محيط عمل غير صحيح، فكانت النتيجة أن المواطنين الذي رواتبهم ألفي ريال ودون تركوا أعمالهم وسجلوا في حافز، ألم نقل لكم إن القضية الأساسية في ثقافة العمل مادية!، ارفعوا رواتب عمال النظافة مثل ألمانيا، وستجدون مواطنين يعملون فيها، ارفعوا رواتب أصحاب المهن الفنية واليدوية، وسيتسابقون في الحصول عليها، استفيدوا من تجارب الشركات والمؤسسات العامة، وقبل ذلك عالجوا قضية تسلط الآسيويين والعرب على سوق العمل، عندها قد يعود بعض الأمل في أن نستوطن القرن الجديد.

 

بين الكلمات
أمة من الماضي
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة