ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 05/06/2012/2012 Issue 14495 14495 الثلاثاء 15 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا يقف مصطلح التبعية عند الأمور السياسية والاقتصادية والدينية فحسب؛ بل يتعداه إلى أنواع أخرى من التبعيات الفكرية والثقافية وحتى العاطفية. وتنتج في النهاية جيلاً مسخاً، مهمته الإفراط في تبرير أخطاء من يتبعونهم وتزييف وعي الناس البسطاء ليصبح وعياً مغلوطاً ينسجم مع مصلحة المتبوعين وليس مع مصلحة الأمة، فيعرقلون مسيرة التقدم ويوقفون عجلة التاريخ!

إن فكرة خلق الزعامات الورقية بالتمجيد وإقناع الجمهور بها تعد ضرباً من الغش والتدليس، ليس على الناس فحسب؛ بل حتى على التابعين الذين يتقمصون شخصيات تلك الزعامات (الوهمية)! ومن يحيد عن التقليد والمحاكاة أو حتى الاستقلالية يدخل في دائرة الدهشة أو النبذ.

ولعلك سمعت أو رأيت حالة الاستغراب التي تبدو على الناس حين يلتقون أبناء مشايخ أو زعامات كرتونية لا يسيرون على نهجهم صلاحاً كان أو ضلالاً!

ففي نظر الناس أن ابن الشيخ لابد أن يتقمص شخصيته، ويتبنى أفكاره وآراءه الذاتية، ويتشكل حتى في لبسه وهيئته ويسير على نهجه. وحين لا يفعل؛ لا يجد قبولاً أو يُدعى له بالهداية مهما كان على درجة عالية من الصلاح.

ويسري هذا الأمر على جوانب أخرى من الحياة، فالوالد يريد من أبنائه أن يستنسخوه ويطبقوا مبادئه التي يراها الأفضل والأكمل. وأعجب كثيراً حين أرى رجلاً يتأبط أيدي أبنائه ويقدمهم للناس، والعجيب أنك حين تنظر لهم كأنك ترى تاريخ الأب عندما كان صغيراً دون أي تغيير ثقافي أو حضاري. ويسري هذا الأمر على الأم بصورة أكثر ديكتاتورية حين تريد من بناتها السير على نهجها وفكرها وسلوكها، فترضي هذه رياءً، وتبتسم في وجه تلك نفاقاً؛ ليُرضى عنها ويُصفق لها ويُثنى على تربيتها، وهي لا تدرك أن ذلك يعني إجبارهن للذوبان في شخصيتها وتغييبهن وعدم إتاحة الفرصة لحضورهن الشخصي، فلا تريهن إلا ما ترى!

وفي الوقت الذي ينفر الأبناء من محاولة الاستنساخ السلوكي من آبائهم تجد أولئك الآباء يتذمرون من خلع أبنائهم لعباءة التبعية!!

وحتى الموظفين تجدهم يتمثلون بصورة مديرهم، بل قد يتلبسون شخصيته حتى لو لم يكونوا على وفاق معه، ومع الأيام تجدهم يرتدون عباءة التقمص.

ويأتي دور الأصدقاء الذين ينتهجون الأفكار والتوجهات نفسها، ولو حاول أحدهم التخفف من بعض قيود الفكر الذي يجمعهم لقام الفريق بنسفه والتخلي عنه، كما لو حاول آخر الدخول في منظومتهم فلن يجد القبول. ولا تعجب حين ترى صديقين يتمتعان بكامل الحرية بينما هما صورة كربونية من بعضهما، فكيف يتم الانسجام مع من يقاسمك الفكر نفسه؟ وأين جمال التمايز والاختلاف؟!

فلكلِ من يحب أبناءه، ويحترم أصدقاءه يحسن به دعوتهم للخروج من عباءته ووصايته؛ كيلا تزداد الصور الكربونية بذات السمات وبالمعاني نفسها.

وعلى الأبناء والأصدقاء تمزيق عباءة التبعية وكسر قيود الخضوع والعبودية، ورفض مصادرة عقولهم وإلغاء فكرهم.

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
اخرج من عباءتي!!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة