ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Tuesday 12/06/2012/2012 Issue 14502  14502 الثلاثاء 22 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

حين أقنع سالم أخاه أحمد بترك الوظيفة الحكومية والانخراط بالتجارة فلأنه كان يدرك ما تدره من رزق وفير وحرية في كسبه حين يمنحها وقته ويهبها جهده..

استقال أحمد من الوظيفة بعد أن كان عبئا عليها لأنه لا يؤدي واجباته كما ينبغي، ويطالب بحقوقه الوهمية بشراسة. فكان التأخير ديدنه وصرف المراجعين طبعا ملازما له.

انضم أحمد لأخيه سالم الذي لم يستطع إكمال دراسته بسبب المسؤوليات الملقاة على عاتقه بعد وفاة والده، فاحتضن والدته وإخوانه وتنامت تجارته في سوق الخضار حتى افتتح محلا كبيرا يحوي الخضروات والفواكه واللحوم.

وعندما تدخل محل سالم تراه يعج بالزبائن، فكان يلبي رغباتهم دوما ببشاشة وابتسامة ملازمة له برغم أن هندامه بسيط وأسلوبه تلقائي دون تكلف، إلا أنه تفاجأ بتقلص الزبائن وانصرافهم عن محله للمحلات الأخرى، حتى أولئك العملاء المداومين الذين يثقون بتميز بضاعته وجودتها.

وحين رآه أحد العمال مغموما من قلة المرتادين أسرّ له بأن انصراف الزبائن بسبب سوء تعامل شقيقه أحمد مع الناس حيث كان يتكبر عليهم ويسخر منهم عندما يحتجون على غلاء السلعة ويردد عبارة (جايزٍ لك أو اتركه) ولا يبادر بخدمة الزبون أو يعرض المنتجات الجديدة أو يسعى لامتصاص غضب الناس من الازدحام، بل يتأفف ويغضب، وقد يطرد بعض الثقلاء ولا يقدِّر كبار السن، كما لا يحترم المرأة، ولا يرفق بالصغير والجاهل، وينهر السائل ولا يعطف على الفقير أو يتصدق عليه.

لم تكن خسارة سالم بانصراف الزبائن أكبر من خسارته في أخيه الذي بدد مكاسبه الأخلاقية مع الناس، فضلا عن خسارة أخيه في خلقه السيئ الذي لم يستطع أن يغيره ويبدله تبعا لتغير مهنته، وأدرك أن (تسعة أعشار الرزق في التجارة) ليس بيعا وشراء فحسب، بل بخلق وتعامل راق مع الناس وفهم نفسياتهم وتفهّم لظروفهم، وأن الزبون على حق دوما والتصرف وفقا لذلك.

وحين أطلق العارفون عبارة (التجارة شطارة) فإنهم يقصدون أنها فن وذوق وأخلاق! فهي تعتمد على شخصية متوازنة بعيدة عن الكبر والغرور تماما كبعدها عن الغش والتدليس، إضافة إلى المعرفة والدراية التامة بالسلع المعروضة، وترك الاختيار للزبون دون تدخل أو فرض أو حتى إحراج.

ويأتي فشل بعض أبنائنا في مشروعاتهم الصغيرة وتعثرها بسبب عدم تأهيلهم للتعامل مع الزبائن الذين يعتمد عليهم نجاح التجارة أو فشلها. فليست لديهم سعة الصدر الكافية لاحتواء الناس، ولا الأسلوب الأخاذ الذي يرضي الزبون قبل أن يهم بالشراء، كما أنهم يفتقدون الصبر والكفاح وقوة التحمل لأصناف البشر لأجل الحصول على لقمة العيش، ومن ثم رغد المعيشة.

ولمّا يستاء رجال الأعمال وكبار التجار من انصراف زبون واحد، ويحرصون على إرضائه؛ فلأنهم يدركون أنه هو الرافد لرزقهم!

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
التجارة والشطارة!!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة