ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Tuesday 12/06/2012/2012 Issue 14502  14502 الثلاثاء 22 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

           

لسوريا الأرض والتاريخ أنوثة خصبة، يحاول اختطافها ثلة غامضة، يشبهون الرماد. سوريا هي الآن مصبوغة بطعنات العقوق، وعاقها يمسك قنبلة ليرمي بها على سواحل البحر هناك؛ كي يكسر بلورة السحر، وليفرض سلطانه على المراعي والرعية والشمس والرابية.. هو عاقها الأول يحاول أن يكسر بوصلة الجغرافيا، ويخالف ناموس الاتجاهات؛ لينام على تخوم الخراب والسماد، لكن الشعب السوري ومعجزته الباسلة يأبى إلا أن تكون أنهاره مشحونة بالمغايرة والتميز، تفرك خاصرة الفرات الأبي العصي، مترع هو ذاك الفرات بالأسماك وطيور الماء وأوراق الشجر والهندباء، يرومه الفلاحون، يبكرون مع الغبش ليمنحهم حياة جديدة وعشبة وماء، لكنه عاقها صاحب الغباء الكبير وربيب الدجل والأساطير الخرافية وحارق المدن، كلما تقادمت به الأيام تصلبت شرايينه، وبدأ عليه الوهن نتيجة الرماد الكثيف، لم يعد يبحث عن عشبة ندية وحبة قمح وازدهار ونماء، لم يعد قادراً على البقاء والعطاء، لقد جهم وجه البلاد، وصبغها بالأحمر القاني، وملأها بالارتخاء والنعاس والفتنة والكسل، لقد أحال كل شيء إلى عتق يشبه الجحيم، حتى المجرات والشمس والغيمة ولوحة المساء، لقد خذل المدن السورية وأوهن جسدها، واستسلم لطغيانه الكبير تحت وابل الرصاص المنهمر على رؤوس الضحايا والبيوت والمقابر التي ضاقت بالموتى، امتهن القتل والتدمير والإزالة، لديه احتقان، وليس لديه فرح ولا مواسم أمل، ولا يراهن على الحياة الجديدة، الناس هناك ينامون بلا وسائد، والجوع غدا يشبه الكلام البليغ، هو الجلاد جرد السيف من غمده، وسلطه فوق رقاب العذارى، الجنود عنده ليسوا على ثغور القلاع، بل هم على أبواب البيوت الشريفة، يختلسون النظر، يسرقون العطر والقهوة والقرنفل، ملؤوا خزائنهم من غنائم النهب، هم الأفاعي تنساب نحو جحورها وقد ملأت البطون، هم الحرباوات تلحس ما تجمع فوق الحصاة، هم اللصوص أحرقوا أعواد القصب وأشجار التفاح، وعرّضوا سوريا لخراب الخراب، هم لا يعقلون، ولا يتخيلون، ولا يعطون فرصة للاستماع، وينفخون في الصور ليوقظوا الوهم من سباته الطويل، فلا بعد عندهم، ولا فوق رؤوسهم تاج الملوك، إنهم ببساطة حكاؤون، نصبوا خيامهم في غابات الرمل لكن الريح لن تسترهم من شواظ الشمس، وسيهزمون، وسيوقظهم الليل بعد حين، وينأى بهم نحو المجاهل البعيدة، وسيصيرون مثل جمل بليد تاه في الصحراء ومات.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

في سوريا.. الجلاَّد جرَّد السيف من غمده!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة