ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Tuesday 12/06/2012/2012 Issue 14502  14502 الثلاثاء 22 رجب 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

لن نتطور ما لم تدرج حقوق الطفل بعد تبسيطها في المقررات المدرسية، لأن معرفة الطفل لحقوقه يعني أننا سنكسب بعد عقد من السنوات جيلاً يدرك ما له وما عليه، سواء لذاته، أو للآخرين، أو لوطنه. فلماذا يصر واضعو المناهج لدينا على أن الوطنية تبدأ من مجرد كتاب متوسط القيمة، تم وضعه ذات زمن في محاولة يائسة لخلق حب الوطن لدى النشء، رغم أننا رددنا مراراً، أن حب الوطن لا يأتي بالحشو، أو بالتزكية أو بالوساطة، بل بضمان حقوق الإنسان، خاصة الطفل، لتتحقق المواطنة تباعاً، فالمجتمع يشبه الأسرة الصغيرة، حيث الأب الذي يضمن حقوق ومتطلبات أطفاله، لا بد أن يحظى بحبهم دون أن يطلبه منهم أو يفرضه عليهم!.

أعتقد أن إهدار حقوق الطفولة، بدءًا من استمرار تعرض الطفل إلى العنف اللفظي والبدني، يعني أننا ننتظر جيلاً شرساً حاقداً وغاضباً، جيلاً أنانياً لا يحب أحداً ولا وطناً، ولا يبحث إلا عن مصلحته، بل حتى لو تعرض وتجاوز على حقوق الآخرين، وكأننا نساعد على توفير نظام الغاب بين الناس، ونستمر في خلق شعب اتكالي كسول، لا يمكن أن يبادر يوماً ما إلى خلق الفرصة لنفسه بشكل لائق، فضلاً عن أن يسعى إلى خلق الفرص للآخرين بحب وإيثار، وأكاد أجزم أن مبدأ الإيثار يكاد يكون معدوماً في مجتمعنا، فلا يمكن أن يؤثر أحدنا الآخر على نفسه، بل حتى لو كان الحق للآخر تجد أغلبنا يتحايل مراراً كي يسلبه منه.

قبل أكثر من عشر سنوات، كتبت خمس قصص للأطفال، تناولت فيها خمسة حقوق من اتفاقية حقوق الطفل، التي انضمّت إليها السعودية، وأنجز رسم إحداها الفنان المصري سعد السداوي، وبقيت حبيسة أدراجي طوال هذه السنوات، لأنها لن تخرج بالصورة التي تمنيتها عليها، وهو أن تصل إلى قطاع كبير من الأطفال، مع أنني لا أستبعد أن هناك غيري ممن اجتهد وكتب مثل هذه القصص التي تتناول حقوق الطفل، ولكن الأمر الأهم من الكتابة، والأهم حتى من النشر، أن تصل هذه الأفكار إلى الأطفال والتلاميذ، حتى يميزوا ما لهم وما عليهم.

كنت وغيري من جيلي، بل وآباؤنا أيضاً، نعتقد أن من حق المعلم أن يسحب السوط من فوق الطاولة، ويهاجم أحدنا بضراوة، كما لو كان حيواناً مفترساً، وكما لو كان الفصل غابة، لم نعتقد أن هذا الفصل هو مركبة جميلة نحو حلم المعرفة، فقد علمونا أن من دخل أسوار المدرسة هو شبه معدوم، لا شخصية له، بل هو لا شيء، تبعاً لتبرع الآباء القديم للمعلمين: لكم اللحم ولنا العظم!. فهم كانوا يدخلون أضحية، لا إنسان له عقل وحقوق وحلم وطموح، فماذا كانت النتيجة؟ جيل أغلبه محطم ومهزوم، مارس قسوته وحيوانيته على غيره، بدءًا من أطفاله وزوجته وعمالته المنزلية في البيت، وحتى مرؤوسيه في المكتب، مروراً بسخطه وألفاظه البذيئة في الشوارع مع المارة والسائقين.

كم سيكون رائعاً أن يحفظ تلاميذ الابتدائي والمتوسط حقوقهم ويدركونها، ويعرفون كيف يطالبون بها وينتزعونها من غيرهم، لأن امتلاكهم لها يعني أنهم أصبحوا أسوياء تماماً، قادرين على محبة الناس من حولهم، ومحبة وطنهم أيضاً.

 

نزهات
ذهنية التبرع باللحم!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة جريدتي الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة