ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 16/06/2012/2012 Issue 14506 14506 السبت 26 رجب 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أبدع رسام الكاريكاتير في هذه الجريدة برسمته المعبرة التي وضعت فوق مقالتي المنشورة السبت الماضي 7-6-2012 وذلك في صدق تصويره حال كل السعوديين بعد انقضاء الدراسة... الصورة الأولي لضاحك مبتهج يلعب بحماسة في الكمبيوتر. الصورة الثانية لوجه حائر قلق ولكنه يظل يلعب بالكمبيوتر لساعات متنقلا بين مستويات اللعبة..

الصورة الثالثة وهو ساقط على أحد جنبيه من الإرهاق والملل لساعات نهار وليل طويلة لا تنقضي.. وهو ما يحدث للكثير من الأطفال والمراهقين عندنا والذين يقضون سحابات (ليلهم) (وليس نهارهم فهم يقضونه في النوم) بعد أن انتهي العام الدراسي الذي كان يشغل المجتمع وانتهي معه الركض الصباحي الباكر لملايين الطلاب والمعلمين والإداريين والمؤسسات الاجتماعية والخدمات والمتعهدين.. إلخ. فماذا يفعل الناس بأنفسهم في أشهر حر طويلة تمتد إلى ثلاثة أشهر أو أكثر بالنسبة للصغار؟

سيتمكن البعض من السفر قبل رمضان وسيضطر البعض إلى أن يستدين حتى يبهج أولاده وزوجته حتى في عاصمة الحر والرطوبة دبي، لكن ماذا تفعل البقية الباقية التي لا تمكنها ظروفها من استحداث إجازة خارجية. وحتى هذه لن يتجاوز وقتها أسبوعين أو ثلاثة، فماذا نفعل بباقي هذه الأيام الطويلة غير المنتجة؟

قد يلجأ الباحث إلى سياحة داخلية لكن عوائقها أكثر من أن تحصى، وليس أقلها القذارة الهائلة في محطات الطريق ومرافقها مثل الحمامات (كرمكم الله) والذي يجعلك تفكر كثيرا قبل السفر عبر المملكة بالسيارة، إضافة إلى غلاء الشقق المفروشة ورداءة الخدمات المحيطة بها بحيث يفضل المرء أن يخرج إلى بلد قريب كدبي أو البحرين، ويحصل على امتيازات انعدام الملاحقة المجتمعية والرسمية والانفتاح الذي يحبه أطفاله ومراهقوه، وفي ذات الوقت يدفع مبالغ مقاربة لما يدفعه في سياحته الداخلية.

حسنا هذا كله لمن يستطيع، لكننا هنا نتحدث عن من لا يستطيع أو أن ظروف عمل الوالدين أو احدهما تجبر العائلة على عدم السفر، فماذا يحصل عادة للأطفال والمراهقين والمراهقات والأمهات غير العاملات... ما هو نظام العائلة السعودية في الإجازة؟؟

رجاء لا أحد يطرق الباب على أية عائلة سعودية قبل أذان الظهر، فالكل نيام فيما عدا الأب أو الأم إذا كانا يعملان والشغالات لتنظيف بقايا الأطعمة السريعة والتشبس الذي تم جلبه للتسلية وتركه المراهقون والأطفال ليلة البارحة أمام التلفزيونات والكمبيوترات!!.

هؤلاء المخلوقات الإنسانية (اللطيفة) المسماة أطفالنا ومراهقونا تقضي سحابات عصرها ولياليها حتى صلاة الفجر أو حتى بعد ذلك تتقاتل (ذهنيا )عبر العاب كمبيوتر (أون لين) مع أشخاص من الداخل أو من الخارج (لا أحد يعلم) طالما الأطفال السعوديون يسجلون بأعمار مزورة وحسابات مزورة أو ادفع خمسين ريالا وسيقوم المحل نفسه بإقامة (الست أب) الذي يمكن أي صغير مهما بلغ عمره من المشاركة (يشترط عالميا في هذه الألعاب أن لا يسمح لأحد أن يشارك إذا كان عمره أقل من الثامنة عشرة لأنها العاب عنيفة جدا) وما يجده الطفل في ذهنه الآتي : أنا ومعي آلة حربية مرعبة الحق الآخرين لأقتلهم شر قتلة فيما يجهد الآخرون لملاحقتي وقتلي. لا مجال للرحمة والقيم الإنسانية : كل الألعاب هي : اقتلني وإلا قتلتك ! ربما يقول احد هي مجرد ألعاب لكن تصور أن تبقى ساعات وساعات وأنت تطوي ركبتيك على الأرض أو على كنبة مهترئة ومليئة ببقايا الكتشاب أو في أحد هذه الاستراحات التي لا يهتم المراهقون ولا الرجال بدقة نظافتها، وتتعرض فقط لتهيئة ذهنية مستمرة بأن القتل هو أبسط شيء يفعله المرء وبذا تصبح علاقتك الذهنية والنفسية بالقتل والأسلحة وبمشاهد الناس مقتولة أو مصابة في الشوارع عادية.. هي صور ذهنية متكررة وتعني النجاح والتفوق على الآخر، فلماذا لا يتحول هؤلاء الصغار إلى إرهابيين جدد؟

ومع طبيعة المنطقة الحارة وعدم وجود شواطئ أو جبال أو غابات لا مفر للمرء إلا الاختباء في بيته حتى تنقضي سحابة النهار من خلال النوم، ثم يبدأ المسلسل الاجتماعي المتكرر : بنت عمتي بتعرس.،،. خالتي بتروح استراحة،، بأخذ العيال وأروح مع خواتي ،، والمراهقون يتجمعون في أحد البيوت أو استراحة ويبقون حتى آخر الليل أمام شاشات الكمبيوتر.. وإذا وجدت برامج اجتماعية بعد العصر فهي قد تكون مسرحا لناشطين مسيسين ضمن الأحياء ربما لا نعرف أهدافهم بدقة، ولكن مع الاستعداد النفسي والكسل الجسمي والذهني الذي يخترق المجتمع، ومع عدم وجود أهداف عليا يتطلع إليها الجيل كما في المجتمعات الأخرى لنا أن نتصور ما يحدث في أجسادهم من ترهل بعد ساعات الجلوس الطويلة، وماذا يحدث لعقولهم التي اعتادت على القتل (العقلي) بدم بارد، وما الذي حدث لأرواحهم ونفسياتهم من شعور بالقلق والانفصال الاجتماعي والعائلي.. ثم نتساءل ماذا حدث؟؟ ولماذا كل هذه المخدرات والتجاوزات الأخلاقية واللامبالاة المذهلة التي يبديها المراهقون أثناء قيادتهم سواء لحياتهم أو حياة (تذكروا كل هذه الألعاب الخطرة التي تعتمد على قيادة متهورة تحرق فيها سيارات البوليس والآخرين وتضمها بعض الأشرطة التي يدمنون عليها ليل نهار) ثم يكبر المراهق ويبدأ في الاغتراب الحقيقي عن أهل بيته ومجتمعه ونبدأ مسلسلا لا ينتهي من الأزمات النفسية والفشل الدراسي، ثم فشل محاولات الزواج ثم نسأل ماذا حدث لمجتمع صحي تحرسه قيم وعاداته وتقاليده.. أين ضيعنا الطريق بالضبط؟؟

 

كيف تقضي الأسرة السعودية نهارها الطويل في فصل الصيف؟
د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة