ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 29/06/2012/2012 Issue 14519 14519 الجمعة 09 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

جدد حياتك

      

قدم المفكر الفيلسوف الأغريقي الشهير سقراط جملة من الحكم والعجائب للعالم وما زال لذكره صيت ولحكمه تداول، ومثل كثيٍر من المشاهير والعظماء كان يعيش حياة زوجية سيئة، فقد رزق بزوجة نكدية سليطة جعلت من التنغيص على هذا الفيلسوف هدفا لحياتها، ومن التنكيد عليه غاية تعيش من أجلها وجعلت من تشويه صورته والتقليل من قدره رسالة مقدسة لها! وفي ليلة كان فيها سقراط يساهر أحد أصدقائه سأله عن زوجته فما كان من الحكيم سقراط إلا ورد السؤال بسؤال قال فيه:

(مقارنة بماذا)

(Compared to what).. وماكان ذاهلا هذا الفيلسوف العظيم وما كان غافلا، بل يضع معيارا دقيقا قد اعتاد على استخدامه ويوصي دائما باستخدامه في كل ملمة وكربة وأزمة ومعضلة، وإذا ما أرد أن يصدر حكما أو يتخذ قرارا فإنه يوصي باستخدام المقارنة!

لماذا المقارنة؟:

إن استخدام تقنية (المقارنة الإيجابية) سلاح فعال في التعامل مع الناس والحكم على الأشياء يقول د بكار: (كل رقم يعرف ذاته من خلال تموضعه بين رقمين أعلى منه وأسفل.. إن الرقم «7» لا يعني أي شيء، ولا نستطيع أن نفهم منه أي شيء لولا الرقم «6» والرقم «8»، كذلك الناس يتعرفون على أنفسهم من خلال محاولة فهم ما عليه نظراؤهم وأصدقاؤهم وأعداؤهم.. إنها المقارنة أم كل العلوم والمصدر الأساسي لكل مفهوم).

وتقنية المقارنة تعودنا على الصبر، وتدربنا على الإنصاف وتعلمنا مهارة النظر من جميع الزوايا، وتساعدنا على عدم التردي في عثرات الاستعجال والاندفاع، كما أن المقارنة تُظهر الحسن، كما قال عمرو ابن أبي ربيعة:

ضدان لما اجتمعا حسُنا

والضد يظهر حسنه الضد

والعرب تقول: بضدها تتميز الأشياء فالصحة لايعرف قدرها إلا قورنت بالمرض ومثله الأمن مع الخوف!

وكذلك تعلمنا تلك التقنية ألا نهول ولا نضخم فنجعل من الحبة قبة وألا نضع الإنجازات التافهة والأمنيات الصغيرة في موطن الإنجازات الخالدة وأن لا نغتر بفتات مائدة ونحسب أنه من الموائد العامرة ولا نخدع بمن يعطي النزر اليسير فنضعه في مرتبة غيث المكارم!

ومن أعظم ما تقدمه لنا تلك التقنية توضيح أن كل الأماكن والأشياء والمواقف ذات طبيعة نسبية وما أروع أن نضع كل شيء في موطنه دون إفراط ولا تفريط ودون إقلال ولا مبالغة.

ومن المواقف التي يستحب معها استخدام المقارنة حال أن أحدهم ساءه من مديره فعل وكان يراه ذا شخصية متسلطة عدوانية، فربما لو تمهل قليلا وقارنه بغيره لوجده بردا وسلاما! وتلك التي تشتكي عيبا في زوجها لو أنها رأت بعين بصيرتها حال الكثير من الأزواج لوجدت زوجها ملاكا طاهرا! وذلك الغر الذي يجوب الشوارع متسكعا ومؤذيا الناس ألا يقارن نفسه بشخصية كأسامة الذي قاد الجيوش ومحمد بن القاسم الذي فتح السند وعندما تزورك أزمة وتنزل بساحتك مشكلة فكل ما عليك أن تقارن وضعك بمن ابتلي بمرض خبيث أو فقد أسرته وكل ماله وعندها جزما ستبتسم لأنك ستكتشف أنك لست أشقى أهل الأرض!

ومضة قلم: فرق كبير بين من يعاني من مشكلة كبيرة وبين من يجعل المشكلة كبيرة.

khalids225@hotmail.com
 

فجر قريب
مقارنة بماذا؟
د.خالد بن صالح المنيف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة