ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 30/06/2012/2012 Issue 14520 14520 السبت 10 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

سمو ولي العهد يحرص على أن تقوم (دارة الملك عبد العزيز) بدورها العلمي والوطني بشمولية وتكامل وبرؤية مؤمنة بوحدة التاريخ لا بتجزئته

رجوع

 

سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك - حفظه الله

رئيس تحرير صحيفة الجزيرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشير إلى ما كتبه الأستاذ محمد المهنا أبا الخيل الكاتب في صحيفتكم الموقرة يوم الأربعاء الموافق 23-7-1433هـ العدد 14503 في زاويته (نبض الخاطر) تحت عنوان: (تاريخنا الاجتماعي من سيوثقه)، وتطرّق من خلال مقاله الجيد إلى عدّة نقاط من أهمها: الضرورة الوطنية والثقافية الحتمية لتوثيق التاريخ الاجتماعي للمملكة العربية السعودية لحماية الخصوصية والهوية الوطنية، بتعميق تأصيلها بالتراث الوطني وحماية الثقافة المحلية ومنها الجانب الاجتماعي من الذوبان في ثقافات أخرى، ومن ثم تبعيتها لتلك الثقافات، داعياً المؤرِّخين العرب عموماً إلى الانبراء لكتابة هذا الجانب المهم من التاريخ العربي والإسلامي وتأصيله لتحقيق الاستقلالية الثقافية للمنتج الأدبي والمعرفي للمجتمعات العربية والإسلامية، مستدلاً بالاستقلالية والبنية الاجتماعية القوية والصامدة لمجتمعات دول مثل اليابان وكوريا والصين.

وإذ أشكر للكاتب محمد المهنا أبا الخيل حرصه في مقالته على هذا الأمر، لكونه من معزّزات الوطنية والحصانة الثقافية، ودعوته لاستظهار التاريخ الاجتماعي التي تنم عن شعور وطني عالٍ ورؤية ثقافية أصيلة، أود أن أشير إلى بعض ما قامت به دارة الملك عبد العزيز في جانب الحراك العلمي في مجال التاريخ الاجتماعي، وكذلك ما ستقوم به الدارة في المستقبل القريب بتوجيه ودعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، الذي يحرص كل الحرص - حفظه الله - على أن تقوم الدارة بدورها العلمي والوطني بشمولية وتكامل دون تقصير جانب عن آخر، برؤية مؤمنة بوحدة التاريخ لا بتجزئته، حتى لا يعامل بانتقائية تربك الحقائق العلمية وتقدمها بصورة خديجة ومبتورة، ومن ذلك:

أولاً: مشروع توثيق الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية:

1- تستعد دارة الملك عبد العزيز لتنفيذ مشروع كبير على المستويين الجغرافي والتاريخ تحت اسم (مشروع توثيق الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية) سيكون - إن شاء الله - بمنزلة كتابة شاملة للتاريخ غير السياسي للمملكة العربية السعودية منذ الدولة السعودية الأولى، ويهدف إلى توثيق الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وعلاقاتهم التأثيرية المتبادلة، وسيكون من مهماته لتحقيق هذا الهدف التطواف على كل مناطق المملكة العربية السعودية ومحافظاتها ومدنها وقراها ومراكزها بفرق علمية مؤهّلة لتوثيق الحياة السعودية عبر التاريخ بشكل واقعي وصحيح بتنوّعاتها الاجتماعية (أنظمة اجتماعية)، والبشرية (مناطق جغرافية متنوّعة)، والثقافية (قيم وعادات وتقاليد وممارسات ثقافية متنوعة في المناسبات المختلفة)، واقتناء الوثائق التاريخية المؤكدة لهذه التفصيلات سواء الوثائق المكتوبة المحفوظة لدى الوزارات الحكومية وإمارات المناطق ومراكز البحث الوطني المعنيّة بدراسة وسبر البناء الاجتماعي وتغيّراته، وكذلك الاستفادة من التجارب والكوادر الأكاديمية والدراسات العلمية لدى الأقسام الجامعية التي لديها علاقة علمية بالتراث الاجتماعي والثقافي، وكذلك الاستعانة بما لدى المؤسسات الأهلية والأفراد من مناهج بحثية سواء داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها في هذا السياق، واستثمار مقتنيات المهرجانات والقرى التراثية والأسواق الشعبية والشروحات العلمية المتخصصة في الوصول إلى ما هية التراث السعودي، ومن ثم العمل على جمع عناصره وتوثيقه، كما سيكون من آلية تنفيذ المشروع الذي تهيب الدارة بالجميع التعاون معه بصفته مشروعاً علمياً وطنياً، الاستدلال بالوثائق الشفهية المرويّة عن صدور الرواة وشهود العيان والمهتمين والمعمّرين والمخضرمين من الجنسين كونهم الذاكرة الشعبية الحية، وقد مهدت الدارة لهذا المشروع الوطني الذي تهيب بالجميع التعاون معه بورشتيْ عمل أقامتها في مقرها لعدد من المتخصصين ممن لهم تجربة سابقة في هذا المجال، كانت الأولى بمشاركة عربية ودولية، والثانية بمشاركة سعودية خالصة، وذلك للوصول إلى أنجع الوسائل والطرق من خلال التصور المحلي لدوائر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وعبر التجارب الدولية السابقة الناجحة للمشروعات المماثلة، بهدف الوصول إلى التطبيق الأمثل للمشروع وإصابة جميع مقاصده في توثيق تلكالجوانب المتداخلة، ومن المستهدف في نهاية هذا المشروع تقديم مخرجات علمية موسوعية ورقية وإلكترونية، مدعمة بالوثائق والصور الفوتوغرافية والبيانات والإحصاءات والرسومات العلمية والمعلومات الحاسوبية التفاعلية، والشروحات المرسومة لجزئيات هذا التاريخ الذي يضم جوانب مادية ومعنوية. وسيتم توثيق المكوّنات المرئية وغير المرئية في كل نسق ما يحقق التاريخ الشامل للبناء الاجتماعي، فعلى سبيل المثال سيشمل المشروع ظاهرة بناء المنازل: ثقافته المادية والمعنوية، أنواع المنازل، وأقسامها، والعاملون في البناء، والمواد المستخدمة، والوضع الاجتماعي للعاملين، وعلاقته بالحياة الاجتماعية، وكل ما يتعلق بهذه المهنة في أنحاء المملكة العربية السعودية، وكذلك اللهجات والفلكلور، ويمكن تطبيق هذه الرؤية في نماذج أخرى مثل المهن، والملابس التقليدية للرجال والنساء، والزينة والحلي للنساء والرجال، الصيد البري والبحري، الأدوات المنزلية في المدينة والقرية والبادية، الأسلحة الخفيفة والثقيلة، الحرف والأعمال الحرفية، الأسرة من النسق القرابي، الزواج، الأعياد والمناسبات كجزء من النسق الترويحي، الحمل والولادة والمواليد كجزء من النسق التربوي، الأمن والاستقرار كجزء من النسق الأمني، القضاء كجزء من النسق القضائي، وكل هذه الأنساق ستوثق خلال أربع سنوات هي مدة المشروع المتوقّعة بثقافاتها المختلفة وبيئاتها الاجتماعية المتنوّعة في كل مناطق المملكة العربية السعودية، وفق دراسة مسحية اجتماعية إنثروبولوجية تاريخية، تكون بمثابة عمل توثيقي ووعاء علمي يحفظ العمق التاريخي الاجتماعي، ويقدم مرجعية تراثية وطنية للأجيال الحالية والقادمة.

ثانياً: مشروعات علمية سابقة ومستقبلية أخرى:

لم تغفل دارة الملك عبد العزيز مثلها مثل كل المراكز المماثلة في العالم عن هذا الجزء المهم من التاريخ، بل نفّذت فيه عدداً من الإنجازات بعد أن شملت التاريخ السياسي وأسّست لبحوثه ودراساته الاستمرارية، من خلال بعض اللقاءات والجوائز المستمرة وكراسي البحث والدراسات المشتركة، لتكون حافزاً دائماً للبحوث الابتكارية والإبداعية والتحليلية في الجانب السياسي، فقد قامت دارة الملك عبد العزيز ضمن أنشطتها العلمية، سواء في اللقاءات المتخصصة أم في النشر العلمي، بأعمال توثيقية للحياة الاجتماعية، إلا أنها متفرقة إلى حد ما لكنها عدّت محفزاً لبحوث تالية وأفكار جديدة في هذا السياق، وشجع ظهورها أفكاراً متردّدة على التنفيذ، ومن تلك الأعمال على سبيل المثل لا الحصر:

أولاً - في مجال اللقاءات العلمية المعنيّة:

أ- كان من ضمن رؤية الدارة في أثناء وضعها لمنهج عقد الندوات الملكية التي اضطلعت بتنفيذها منذ خمس سنوات، وبدعم من سمو ولي العهد نائب رئس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز - حفظه الله -، أن تؤرّخ هذه الندوات ضمن أهدافها العديدة لإجزاء من الجانب الاجتماعي مثل التعليم والإعلام والثقافة والإدارة والتنمية وغيرها، وقد طبعت الدارة الأوراق العلمية لهذه الندوات التي شملت تاريخ الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - حتى عهد الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله -، في إصدارات متاحة للجميع لتعميم الفائدة وللتوثيق والمرجعية العلمية.

ب- النتائج الكبيرة التي حققها مشروع توثيق المصادر التاريخية في المملكة العربية السعودية الذي نفّذته دارة الملك عبد العزيز على مدى خمس سنوات منذ مطلع سنة 1416هـ، والذي سعى إلى رصد الوثائق التاريخية وجمعها ومعرفة مواقعها، من خلال فتح شراكة وطنية مع الأفراد والمؤسسات المهتمة والمكتبات الخاصة والعامة، كان من ضمنها تحقيق بعض المعلومات عن التاريخ الاجتماعي في كل مناطق المملكة العربية السعودية، في جوانب مثل الأزياء والفلكلور والأكل والمشرب والعادات والتقاليد، وأنماط العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض من جهة، وعلاقاتهم مع المؤسسة الاجتماعية الطبيعية من جهة أخرى، وقد سجلت الدارة بعض الإشارات العلمية المهمة عن هذا التاريخ، ستستعين بها في مشروعها المقبل (توثيق الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية)، الذي ستنطلق أعماله الميدانية التوثيقية قريباً بإذن الله.

ثانياً- في مجال النشر العلمي:

قدمت دارة الملك عبد العزيز مجموعة من الإصدارات المتخصصة والمحكمة في مجال التاريخ الاجتماعي، التي رصدت صوراً للحياة اليومية في المملكة في مراحل سياسية واقتصادية مختلفة، سواء بتكليف منها لعدد من الباحثين والباحثات أو بموافقة اللجنة العلمية على مواد بعض الكتب المعروضة عليها، أو بنشر رسائل جامعية متميّزة هي من اهتمام الدارة لكثير من طلاب البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في جامعات المملكة العربية السعودية، ومن هذه الإصدارات على سبيل المثال لا الحصر:

1- (سلسلة معجم التراث) وضمّت أربعة كتب للباحث سعد الجنيدل - رحمه الله - في كلٍّ من: السلاح، والخيل والإبل، وبيت السكن، والأطعمة وآنيتها، ذكر فيها مسمّياتها وأنواعها واستعمالاتها وكل ما يتعلق بها من الأدوات المستخدمة مدعماً مادتها العلمية بالصور والشواهد اللغوية، وكانت بعض تلك الأنواع قد اندثرت قبل تأليفه للكتاب، ولم تعد تذكرها إلا المعارض الشخصية التراثية، ما يُعد حفظاً لتلك المصطلحات، واستحضاراً دائماً لها في الذاكرة السعودية والعربية.

2- كتاب (ذكريات وانطباعات عن المملكة العربية السعودية وأرامكو من ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي إلى ثمانينياته)، وهو مقابلات شفهية لعدد من العاملين في شركة أرامكو هم وذويهم خلال ذلك القرن تحكي حياة ما بعد اكتشاف البترول في المنطقة الشرقية، وتوثق ملامح اجتماعية لفترة ما قِبل البترول أعدتها كارول هيك من جامعة كاليفورنيا وترجمها الدكتور عبد الله بن ناصر السبيعي أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود، وطبعتها الدارة في إصدار ذي جزأين ضمن مشروعها المقبل عن تاريخ الزيت في المملكة العربية السعودية، الذي تتعاون مع شركة أرامكو السعودية على تنفيذه ضمن اتفاقية موقعة بين الجانبين. وهذا المشروع الجديد المختص بتاريخ الزيت سيكون أيضاً اضافة في مجال توثيق الحياة الاجتماعية للمملكة العربية السعودية، فمن ضمن أهدافه توثيق التداعيات والتأثيرات الاجتماعية لاكتشاف الزيت وصناعته في المجتمع السعوديين، وكذلك التأثير الثقافي والاجتماعي والاقتصادي لظهور شركة أرامكو في الحياة اليومية السعودية، من خلال أنشطتها الثقافية المصاحبة لنشاطيها الصناعي والاقتصادي الرئيسين.

3- كتاب (الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة السعودية الثانية، 1238 - 1309هـ) للأستاذة حصة بنت جمعان الزهراني، بحثت مادته في ملامح وجوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية للإنسان السعودي واقتصادياتها في تلك المرحلة التاريخية التي امتدت سبعة عقود.

4- كتاب (خصائص التراث العمراني في المملكة العربية السعودية) للدكتور محمد بن عبد الله النويصر، وتطرّق فيه المؤلف إلى السِّمات المعمارية للبناء الموروث وقسماته الفنية، ما يُعد توصيفاً هندسياً وتراثياً للعمران السعودي.

5- كتاب (منطقة الرياض - دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية) في سبعة مجلدات، وهو من إشراف إمارة منطقة الرياض وطبعته الدارة، ويحوي ضمن ما يحوي من مادة علمية توثيقية، معلومات عن جوانب اجتماعية في تاريخ العاصمة تُعد مرجعاً أصيلاً في مجالها.

6- كتاب (الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية) للدكتور عبد الله بن ناصر السدحان، وقد أرّخ الكتاب لبواكير الرعاية الاجتماعية وشؤونها منذ عهد الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - ومؤسساتها وأنظمتها ومرجعيتها القائمة على مبادئ التكافل والبر الإسلامية.

7- كتاب (الجهود التربوية للجمعيات الخيرية النسائية السعودية) للأستاذة حصة بنت محمد المنيف، عرضت فيه بذل الجمعيات الخيرية النسائية في الأطر الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، ودورها في التنمية الاجتماعية وتكاملها مع الجهود الحكومية الأخرى في هذا الشأن.

8- كتاب (الأبواب والنقوش الخشبية التقليدية في عمارة المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية) للأستاذ سعيد بن عبد الله الوايل، وهو دراسة فنية هندسية لأحد أجزاء البيت المهمة في الأنحاء البحرية من المملكة العربية السعودية وتأثير البيئة على الألوان والمواد المستخدمة في صناعتها.

9- كتاب (المرأة في نجد: وضعها ودورها 1200 - 1351هـ / 1786 - 1932م) للدكتورة دلالة بنت مخلد الحربي والذي فاز بجائزة عرض الرياض الدولي للكتاب في دورته السابقة، وتطرّق إلى المهام الاجتماعية والتجارية والتعليمية التي مارستها المرأة في الجزيرة العربية، وعلاقة الرجل بها في الحاضر والبادية.

10- كتاب (الحياة العلمية في مكة المكرمة 1115 - 1334هـ / 1703 - 1916م) في جزأين، للدكتورة آمال رمضان، وفيه تاريخ لدور العلم وكتبه ومدارسه، ودور الحرم المكي في هذه المسيرة التنموية، وكل ما يتعلق بالعلماء والتعليم مع بداية توحيد المملكة العربية السعودية.

11- كتاب (الترويح في المجتمع السعودي في عهد الملك عبد العزيز) للدكتور عبد الله بن ناصر السدحان، تطرّق للألعاب ووسائل الترفيه والترويح في أوائل نشأة المملكة العربية السعودية، وهو يُعد جانباً اجتماعياً دقيقاً يمهد لبحوث ودراسات جديدة في فكرتها.

12- كتاب (منطقة الوشم في عهد الدولة السعودية الأولى) للدكتور خليفة بن عبد الرحمن المسعود، عرض ضمن مادته العلمية سجايا وسمات للجانب الاجتماعي في حياة المنطقة خلال فترة البحث وسجّل ملامح عنها.

13- كتب بعض المستشرقين الذين ألّفوا مذكرات لرحلات لهم إلى الجزيرة العربية زامنت الدولة السعودية في عهديها الأول والثاني وعهدها الحديث، وترجمتها الدارة لأهميتها ومصداقيتها، وفيها إشارات تختلف درجة قوّتها وتركيزها إلى سمات اجتماعية واقتصادية وثقافية للمجتمع السعودي، وغيرها من الكتب والإصدارات الموسوعية، ومن تلك الموسوعات إصدار (المملكة العربية السعودية في مائة عام) الذي كان تحريراً لبحوث ودراسات قدمت في أثناء الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1419هـ، وتطرقت بعضها للجانب الاجتماعي للحياة السعودية.

تلك الكتب هي من أبرز الإنتاج العلمي الذي قدمته الدارة في مجال التاريخ الاجتماعي بمكوّناته المختلفة، وكل كتاب هو مرجع جدير بالاهتمام في مجاله، ويشير إلى كثير من ملامح الحياة الاجتماعية للمجتمع السعودي ومجتمع الجزيرة العربية في بواكير تأسيس المملكة العربية السعودية.

د- في مجال التاريخ الشفوي قامت الدارة وفي وقت مبكر باستنطاق الذاكرة الشعبية عن جوانب حياتية مختلفة، منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وذلك من خلال مقابلات شفهية للمعمرين وكبار السن من الجنسين في مناطق المملكة العربية السعودية، وقد تجاوزت هذه المقابلات 5000 مقابلة حتى الآن وهي عملية مستمرة، وهي مصدر غني باللهجات والعادات والتقاليد والأوضاع الاجتماعية ومؤسسة الأسرة والقبيلة وغيرها من الصور والبنى الاجتماعية.

ثالثاً- الإشارات والأعمال المصاحبة:

تشير الدارة في بعض أنشطتها العلمية إلى أهمية الجزء الاجتماعي من التاريخ الوطني وتؤكد عليه، ومن ثم الأنشطة تعاونها مع جامعة الملك سعود من خلال كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية في تنظيم ندوة (الجوانب الإنسانية والاجتماعية في تاريخ الملك عبد العزيز) خلال شهر ربيع الأول الماضي، وسجلت أوراق العمل المقدمة صوراً إنسانية واجتماعية تشف عن العلاقة الحميمية العميقة بين المؤسس ولاعب برزت فيها مثل العطف والبر والكرم والنبل، وغيرها من القيم النبيلة والمواقف الفاضلة، ومن ذلك أيضاً ما قامت به الدارة من تخصيص موضوع (التاريخي السياسي والاجتماعي لمكة المكرمة) محوراً لمنح جائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية لدورتها الرابعة الماضية، كما يمكن إضافة سعي مركز تاريخ مكة المكرمة ومركز بحوث ودراسات تاريخ المدينة المنورة لتوثيق تاريخ المدينين المقدّستين عبر العصور التاريخية إلى هذا العطاء، خصوصا أنّ الجانب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لمجتمعيْ مكة المكرمة ولمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم هدف أساس في هذا الإطار، كما أنّ من المؤمّل والمخطط له أن يقوم مركز تاريخ المنطقة الشرقية الذي تشرف عليه الدارة وتضع له حالياً البناء الاستراتيجي لرؤيته في خدمة المنطقة، بعد انطلاقته بالدور نفسه تجاه خدمة تاريخ الحياة الاجتماعية في المنطقة الشرقية، وهناك أيضاً مشروعات علمية للدارة مشتركة قادمة مع جهات ذات صلة مثل مشروع توثيق تاريخ البحر الأحمر من جامعة الملك عبد العزيز، وهذا المشروع سيهتم بجوانب غير سياسية ضمن تاريخه لحياة البحر الأحمر، ومشروع توثيق القضاء الموقّع مع المجلس الأعلى للقضاء سيخرج بتوثيق لتطور القضية وتفرّعها في المجتمع السعودي وهي ترمومتر حقيقي للحياة الاجتماعية لأيّ مجتمع.

كما (أنّ جائزة الملك عبد العزيز لأحسن كتاب يتفق مع أغراض الدارة) التي دشنت هذا العام، والمخصصة للكتاب المؤلّف فقط خلال سنتي،ن ستكون داعمة وبشكل سنوي للمكتبة المعنيّة بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ضمن فروعها العشرة.

هذه بعض الأعمال العلمية المتخصصة التي قامت بها دارة الملك عبد العزيز لخدمة تاريخ المملكة العربية السعودية الاجتماعي وفق منهج علمي مؤسساتي، لكن لدى الدارة التي يرعى شؤونها ويستشرف مستقبلها ويدعم طموحاتها الدؤوبة والمتنامية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع ورئيس مجلس إدارتها، قناعة بأن تضم هذه الأعمال ويضاف إليها عمل ميداني مخلص وعميق لإنتاج كتابة وافية للتاريخ الاجتماعي السعودي، يظهر التطوُّر فيه وامتداده الإسلامي وخصوصية ملامحه وأفكاره، التي أسس لها أئمة المملكة العربية السعودية وملوكها فحافظت على سمتها التاريخية، وهذا ما تستهدفه الدارة في مشروع توثيق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المملكة العربية السعودية الآتي.

وختاماً أشكر لكم وللصحيفة الاهتمام المتواصل بالتنويه بأهمية الانتباه والالتفات إلى التاريخ الوطني وضرورة التعاون في ذلك من المؤسسات والأفراد كافة، كما يطيب لي شكر الأخ الكاتب محمد المهنا أبا الخيل على كتابته المتزنة وتطرُّقه لموضوع مهم وجانب رئيس وكبير من التاريخ الاجتماعي، بأسلوب عقلاني وموضوعي يستحق الاحترام والتقدير أيضاً.

د. فهد بن عبد الله السماري - الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة