ارسل ملاحظاتك حول موقعنا   Tuesday 04/09/2012 Issue 14586  14586 الثلاثاء 17 شوال 1433 العدد  

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

قد يتفهم المتابع أن تمارس بعض الدول بعض الالتفاف في خطابها الإعلامي الرسمي من أجل تأييد موقف حكومتها في هذه القضية أو تلك، وقد ترتكب بعض الدول تشويهاً للحقائق في الحروب والأزمات بدعوى الحفاظ على الروح العسكرية والشعبية، خاصة في منتصف القرن الماضي، قبل ثورة الإعلام الجديد الحر، أما أن تقوم دولة بالتزوير في خطاب رسمي لرئيس دولة ضيفة، وبشكل مباشر، وأمام مئات الملايين من المشاهدين، فهو أمر يدل على التخلف الإعلامي الرسمي لتلك الدولة.

لم يكن خطاب الرئيس المصري محمد مرسي في قمة دول عدم الانحياز في إيران يحتاج إلى خبير في اللغتين العربية والفارسية، كي يكتشف عبث المترجم الإيراني الذي جعل سوريا هي البحرين، كي يخدع المشاهد الإيراني البسيط، بأن الموقف المصري الرسمي مع دموية النظام السوري، وأنه مع نضال الشعبين الفلسطيني والبحريني، لا الفلسطيني والسوري، فظهر التزوير مضحكاً حتى للإيرانيين أنفسهم، وقد تحول إلى مادة غنية لسخرية المعارضة الإيرانية من حكومة أحمدي نجاد.

قد نتقبل، وعلى مضض، تخبط بعض إدارات الإعلام والعلاقات العامة في المؤسسات التجارية والشركات، بل حتى الجهات الحكومية، حينما تبرر لوسائل الإعلام الأخطاء التي ترتكبها جهاتها بطرق مخجلة، ولكن أن يحدث ذلك في إعلام دولة ذات مكانة إستراتيجية في المنطقة، كإيران، فهو ما يدعو إلى الدهشة، لأنه حتى لو كان موقف مصر أو غيرها مختلفاً أو معارضاً للموقف الإيراني في سوريا، وحتى لو كان خطاب الرئيس المصري، وعلى الأراضي الإيرانية، مناهضاً لموقف إيران، كانت إيران ستظهر بموقف ديمقراطي، ولو كان كاذباً، حين تترجمه كما هو بكل شفافية، وهذا دور الإعلام الذكي الذي يحوّل الخسائر السياسية إلى مكاسب إعلامية.

قد يكون المثال الذي سأطرحه هنا مختلفاً، لكنه يكشف ذكاء الدبلوماسي حتى في حال الفشل، وكيف يستثمر ذلك جيداً لصالحه، فأذكر حينما رفض الروائي المصري صنع الله إبراهيم جائزة الرواية في مصر مبارك، وألقى خطاب صادقاً وصادماً أمام وزير الثقافة المصري فاروق حسني، وأمام وكالات الأنباء الأجنبية، وخرج من القاعة، كانت ردة فعل الوزير آنذاك، بأن من حق صنع الله رفض الجائزة، وله الحق في رفض ممارسات الحكومة المصرية، ولأننا في بلد ديمقراطي وحر، سيذهب صنع الله إلى منزله، لا إلى السجن كما قد يتخيل البعض! تخيلوا أيها القراء، كيف استثمر الوزير الموقف لصالح حكومته بكل ذكاء.

ماذا يضر الإعلام الإيراني لو اتخذ الموقف نفسه، وترجم خطاب الرئيس المصري بكل دقة وأمانة، ومن ثم تولى وزير الخارجية الإيراني، على سبيل المثال، التعقيب بأنهم يحترمون الموقف المصري، لكنهم يخالفونه، ويعتبرون ما يحدث في سوريا إنما هو مؤامرة غربية... إلى آخره من الثرثرة الإعلامية المتوقعة ممن يقف في صف الدكتاتور الذي أخلى وطناً من شعبه، إما بالقتل وارتكاب المجازر، أو بالتهجير إلى دول الجوار.

عوداً على بدء، أظن أن الخطاب الإعلامي لأي جهاز أو منشأة أو جهة حكومية أو دولة، هو أمر مهم وحساس للغاية، وهو ما يجعل هذه الدولة أو تلك تقدم خطاباً إعلامياً متوازناً ومقنعاً وذكياً، أو خلاف ذلك.

 

نزهات
الإعلام حينما يكون مزوراً
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعة حفظ ارسل هذا الخبر لصديقك  

 
 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة السوق المفتوح الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة