ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 17/11/2012 Issue 14660 14660 السبت 03 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الوضع الأمني في الأردن يتصاعد خلال الأيام الماضية من تظاهرات واحتجاجات على رفع أسعار الغاز والبنزين والديزل وغيرها من المشتقات البترولية الأخرى.. وبينما تحاول الحكومة برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أن تشرح مسببات الرفع الحكومي لهذه السلع نتيجة ارتفاع أسعار النفط في العالم..

.. إلا أن المظاهرات الليلية مستمرة منذ الاثنين الماضي وقد عمت مختلف مدن ومحافظات الأردن، وتفاقمت على شكل اشتباكات بين رجال الأمن وبين المتظاهرين.. والوضع مرشح لأن يتفاقم..

وخلال الأيام الماضية كنت ألاحظ وسائل الإعلام المطبوع الأردنية ووسائل الإعلام الاجتماعي قد زخرت بتنامي الدعوات الاحتجاجية ضد القرارات الحكومية، بينما اكتفت الحكومة بمقابلة تلفزيونية لرئيس مجلس الوزراء يبرر فيها الظروف التي أجبرت الحكومة على مثل هذا الإجراء، ولكن صدى هذه المقابلة لم يكن إيجابيا لدى الرأي العام الأردني.. وواجهته بعض أقلام الصحافة بسخرية بالغة..

ويبدو فعلا أن الحكومة الجديدة التي تشكلت قبل عدة أسابيع وهي آخر حكومة معينة، حيث مع بداية الإصلاحات الجديدة مع مطلع العام الميلادي القادم سيتم اختيار الكتلة السياسية الفائزة لتشكل الحكومة القادمة.. هذه الحكومة جاءت لتحقيق هدفين هما: تحقيق الانتخابات النيابية وتحقيق استحقاقات صندوق النقد الدولي.. ولهذا فهي تعاني من أزمة مالية خانقة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز، ولم تجد بدا إلا من خلال رفع أسعار هذه المشتقات البترولية، ولكن سينعكس هذا الإجراء على ارتفاع عام في جميع الأسعار من نقل ومواصلات ومساكن وبناء ومواد تموينية وغيرها، وهذا ما يتحسسه المواطن الأردني..

كما أن حكومة النسور قد جاءت بعد مرحلة احتقان واسعة في الشارع الأردني نتيجة الخلافات الحزبية بين الأحزاب القومية واليسارية والإخوانية.. وقد استطاع أن ينتزع فتيل الأزمة بتبريد مناخات الخلافات التي كانت قائمة، ولكن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن خلال السنوات الماضية كانت تحتاج إلى قرارات سياسية تحد من عجز الموازنات الحكومية، ولهذا فقد اتخذت حكومته عددا من القرارات وصلت إلى 44 قرارا تهدف إلى خفض الإنفاق وضبط الإنفاق الحكومي وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي وسياسات توجيه الاستثمار إضافة إلى تغير ارتباطات بعض الأجهزة من ارتباطها برئيس الوزراء إلى الوزراء المختصين.. وهذه القرارات هي التي هيجت الرأي العام الداخلي في الأردن.

بعض وسائل الإعلام الأردنية الرسمية وتصريحات بعض المسؤولين تشير إلى أن هناك أياد خفية تلعب من وراء الكواليس من أجل تأجيج الوضع الداخلي في الأردن، وبعثرة الأوراق في المنطقة العربية.. وتشير هذه المصادر إلى أن الهدف من مثل هذه الاحتجاجات ليس اقتصاديا، بل هو سياسي من الدرجة الأولى.. وهناك شخصيات سياسية تسعى إلى تحقيق هذه الضبابية والتشويش على السياسة الأردنية..

وتتداول وسائل الإعلام الأردنية إشارات إلى توقف الدعم الخليجي للأردن وهو بقيمة خمسة مليارات دولارات خلال الخمس سنوات القادمة، ولكن وزير المالية أوضح أن هذا الدعم هو مشروط في بناء مشروعات إنتاجية لتصحيح المسار الاقتصادي وتعزيز القدرات الذاتية للاقتصاد، ودول الخليج لا تريد أن تتحول هذه المساعدات إلى فاتورة لدفع مرتبات الموظفين أو دفع فاتورة شراء النفط.. ولهذا كان تأخير تقديم المساعدات الخليجية للأردن نتيجة طلب تحقق هذه الشروط..

وما يجري حالياً في الأردن هو محاولة لتصحيح الوضع الاقتصادي بالدرجة الأولى، ولكن هل تتمكن الحكومة من البقاء حتى استكمال هذه المنظومة التصحيحية للوضع الداخلي؟ أم أن الأمور قد تنجرف إلى أبعد من احتمال الجبهة الداخلية لمثل هذه التبعات؟ وهل الانفراج السياسي بالانتخابات النيابية والإصلاحات السياسية من شأنه أن يعين على تحمل التبعات الاقتصادية؟ هل “جزرة” السياسة من شأنها أن تنسي “عصا” الاقتصاد؟ هذا هو السؤال الذي ننتظر من الأحداث القادمة الإجابة عنه..

ولربما تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي أن تراقب الوضع بدقة لتعرف ما ستؤول إليه الأحداث الحالية في المملكة الأردنية الشقيقة، فهي دولة تسير في أفق السياسة الخليجية، فهي أخ “غير شقيق” لدول المجلس الست من الناحية النظرية، ولكنها تظل دولة وشعبا شقيقا لدول وشعوب المجلس، وهذا ما أكده المجلس من دراسة انضمامها والمغرب إلى منظومة دول

المجلس.. ينبغي أن يراقب التطورات الحالية التي نأمل أن تكون برداً وسلاماً عليها.

alkarni@ksu.edu.sa
رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود
 

الأردن بين «جزرة» السياسة و«عصا» الاقتصاد
د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة