Wednesday 02/10/2013 Issue 14979 الاربعاء 26 ذو القعدة 1434 العدد
02-10-2013

أوقفوا مسلسل الموت على يدي الهيئة!

في قضية مطاردة الهيئة للشابين الفقيدين في اليوم الوطني - رحمهما الله - مسألة تستدعي التوقف بألم شديد، فقد انحرف حديث مناصري الهيئة عن الاعتذار عن الجريمة التي وقعت إلى إنكار أن المطاردة وقعت!

وهل يحتاج إثبات مطاردات «بعض» أفراد الهيئة لمن تتهمهم بأي تصرف مسيء إلى إثبات؟!.. لولا أن المطاردة لم تحدث لما هرب شابان رعبا من القبض عليهما بسبب قد لا يستوجب أكثر من التنبيه، ولكن لأن الرعب الشديد الكامن في وجدان الناس من حدوث تعنيف أو إيقاف لا مسوغ لهما أو تهويل أمر يسير لا يستحق المخاطبات الرسمية والإلزام بالتوقيع على تعهد قد يقع فيه تزيد بتدوين أمور لم تقع، تدفع كل تلك الأسباب من قاده حظه السيئ إلى أن يقع في مصيدة الاتهام بأن يفر بجلده بأقصى سرعة ممكنة، وتتحول القضية بين المطارَد والمطاِرد إلى ما يشبه التحدي بالفوز بالسلامة للأول والظفر بالغنيمة للثاني!

كان الأولى أن يتم طرح الأسئلة التالية قبل النفي والإثبات: لمَِ فر الشابان؟ وممن؟.. وهل يمكن أن يفرا بدون أن يلاحقهما أحد؟ وهل يمكن أن يعرضا نفسيهما لخطر الاصطدام بأية سيارة عابرة كما حدث دون وجود حالة مرعبة دفعتهما إلى الفرار ومحاولة النجاة؟!

ثم ماذا يمكن أن يكون «الجرم» الكبير الذي ارتكباه كي يستوجب «مطاردة» لا يفترض أن تقع إلا في أشد حالات الإخلال بالأمن خطورة وبعد أخذ الإذن الرسمي وتكوين مصايد من سيارات الأمن ونقاط توقيف ومراقبة؟!

إن أعلى ما يمكن أن يندفع إليه بعض الشبان في ذلك اليوم الاحتفالي مأخوذين بنشوة فرح وبالتجمعات الكرنفالية وبالحماسة من الأصدقاء والمشجعين أن يتراقص بعضهم أو أن يعلي من صوت الأناشيد أو الأغاني الوطنية أو أن تتم حالات معاكسة للنساء أو العوائل التي قد تحدث في الأيام العادية أيضاً، وكل تلك التصرفات المتوافق منها مع طبيعة المناسبة كرفع صوت الأغاني الوطنية، وغير اللائق منها كالمعاكسات لا يستوجب المطاردات القاتلة!

وفي كل الأحوال إن رأى أفراد الهيئة أو الشرطة شيئاً مما يستوجب المساءلة من تصرفات لا تليق، وأصر المخالفون على مسلكهم، فإما أن يتم إيقافهم إن تمكنت الشرطة والهيئة من ذلك أو إبلاغ نقاط المراقبة والدوريات في الميدان بإيقافهم عند مرورهم بنقاط المراقبة، ولا يستدعي الأمر مطاردتهم، لأن ما ينتج عن المطاردة من حوادث مميتة وإصابات يفوق أضعاف ما يتحقق من مكاسب بالقبض على المتهم المُطارد، ولذا صدرت الأوامر المشددة على رجال الهيئة بعدم التورط في أية مطاردة مهما كانت الحالة، والاكتفاء بأخذ رقم السيارة والتبليغ عنها.

أدلي برأيي في هذه القضية المأساوية بعد أن أصبح ضحايا المطاردات أكثر من أن يُحصوا، وبعد أن كدت يوماً أن أقع ضحية إحدى تلك المطاردات الوحشية، ففي عام 1427هـ وفي حي شبرا بالرياض وعند الحادية عشرة والنصف ليلاً، وفي أحد الشوارع الرئيسة فوجئت بسيارة وانيت هايلكس تخرج عليَّ من شارع فرعي صغير بسرعة تتجاوز المائة وخمسين كيلو متراً فتصدم سيارتي من الجنب الأيمن وخلفها سيارة جيب بالسرعة نفسها تطاردها وقد فرت من ميدان الحادث بعد أن تأكد من فيها بوقوع جريمة اصطدام بين سيارتين ربما نتج عنها حالات وفاة أو إصابات بليغة!

وبعد ساعة على وقوع هذا الحادث المروع ومجيء دوريات الأمن والمرور، عبرت بجانبنا سيارة مدنية يقودها ملثمان لا يبدو من وجهيهما إلا العينان يسألان عن حالات موت أو إصابات، فقال لي رجل أمن الدوريات: هؤلاء المتسببون في الحادث من أفراد الهيئة يسألون المتجمهرين من أهل الحي خائفين قلقين من وقوع حالات وفاة!

لقد كان الشاب المُطارد في حالة غير طبيعية، ولكن ما وقع جراء مطاردته أو كاد يقع من موت أو إعاقة - لو لا أن الله سلَّم - أشد جرماً وأبلغ نكراً مما وقع فيه الشاب المطارد من منكر!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

 
مقالات أخرى للكاتب