Saturday 05/10/2013 Issue 14982 السبت 29 ذو الحجة 1434 العدد
05-10-2013

مؤسسة النقد.. وحسابات الأندية الرياضية

يبدو أن الأندية الرياضية أبت إلا أن تقحم «مؤسسة النقد العربي السعودي» في شؤونها الخاصة.. بعيداً عن الرياضة وهمومها وتجاذباتها الحادة، تخضع المعاملات المصرفية إلى معايير وقوانين وأنظمة صارمة تصدرها وتشرف عليها مؤسسة النقد، المسؤولة عن القطاع المالي في المملكة.. وإذا كان القطاع الرياضي يحظى بخصوصية تبعده عن غالبية جهات الإشراف الحكومية، وتضع جميع شؤونه الإدارية والرقابية، وربما القضائية، في يد المؤسسة الرياضية، تبقى مسؤولية الرقابة المالية على حسابات الأندية من اختصاص مؤسسة النقد، المسؤولة عن تطبيق المعايير المصرفية، والأنظمة الحكومية ذات العلاقة بالتعاملات البنكية.

الحرية النسبية التي تتمتع بها إدارات الأندية ربما أنستها الأنظمة والقوانين الصارمة في التعامل مع المخالفات المصرفية، ومنها جمع التبرعات، وإصدار شيكات دون رصيد.

صحيفة «عكاظ» أشارت إلى أن «المحكمة الجزئية في بريدة أصدرت حكماً ضد نادي الرائد بخصوص مطالبة شركة لتأجير السيارات بمديونية على النادي ومخاطبة مؤسسة النقد لإيقاف حسابات النادي في البنوك المحلية كخطوة أولى، مع العلم أن الخطوة الثانية هي إيقاف سجل النادي ليتم إيفاء مبلغ الشكوى المرفق معها شيك للشركة بقيمة 409.139 ريالاً».

قد لا يصل الأمر في هذه المخالفة مرحلة إيقاف الحسابات، إلا أن إصدار شيك دون رصيد يُعد جريمة في القانون السعودي تستوجب السجن، والغرامة، والتشهير.. تَحَمُّل المؤسسة الرياضية في فترات سابقة لبعض ديون الأندية ربما شجعها على التهاون في الإيفاء بالتزاماتها المالية، وإصدار شيكات دون رصيد الأمر الذي جعلها في مواجهة مباشرة مع أنظمة مؤسسة النقد، والقوانين ذات العلاقة بإصدار الشيكات.

الأنباء المتواترة تحدثت أيضاً عن تجميد حسابات نادي الاتحاد السعودي من قِبل «ساما» بسبب «الحملة التي أطلقتها الإدارة لجماهير الفريق من أجل التبرع للنادي للمساهمة في حل أزمته المالية»، قد تكون المساهمات المالية جزءاً مهماً من تمويل الأندية، وهو أمر يمارسه أعضاء شرف جميع الأندية بشكل مستمر دون أن يؤدي ذلك إلى إغلاق الحسابات، فما الذي حمل «ساما» على إغلاق حساب نادي الاتحاد؟.. إن ثبت أمر الإغلاق بالفعل!. هناك فارق كبير بين المدفوعات الأحادية المنقطعة، والمدفوعات التي تحمل صفة التدفق المستمر من جهات مختلفة.. فالأولى تحمل أكثر من صفة قانونية تجعل الأجهزة الرقابية الإلكترونية تتعامل معها على أنها جزء من عمليات الحساب الاعتيادية، أما الثانية فتقع تحت عمليات «جمع الأموال» الخاضعة لأنظمة وزارة الداخلية، ومؤسسة النقد العربي السعودي.

سلامة الأهداف والنوايا لا تبيح تجاوز «الطرق الرسمية» التي حددتها مؤسسة النقد، اعتماداً على الأنظمة والقوانين الحكومية المُنَظِّمة لعمليات جمع التبرعات بأنواعها.

جمع التبرعات في القطاع الرياضي لا يختلف عن جمع التبرعات في القطاعات الأخرى، وهو يحتاج إلى ترتيبات مسبقة مع الجهات المسؤولة، للحصول على الإذن الرسمي وتحديد الحساب المتلقي للتبرعات، والجهة المسؤولة عنه، إضافة إلى وجود الرقابة الحكومية المباشرة عليه.. ما لفت انتباهي في قضية التبرعات المودعة لحساب نادي «الاتحاد» هو قبول المصرف بتلقي الأموال من أطراف مختلفة والسماح بإيداعها في حساب النادي، بالرغم من مخالفة تلك الإجراءات لأنظمة مؤسسة النقد التي تنص على وجوب تقديم المودع لخطاب تفويض موقعّ من المخوّلين بالتوقيع في الحساب المصرفي ينص على السماح له بإيداع الأموال.. قد تكون بعض الأموال أودعت عن طريق التحويل المباشر، إلا أن من المعتقد أن تكون هناك عمليات إيداع نقدية، على أساس أن التبرعات كانت مرتبطة بالمشجعين الأفراد.

مخالفة نادي الاتحاد، إن ثبتت، يُفترض ألا تُغَيّب مخالفة البنك الذي سمح بتلقي التبرعات المخالفة للقوانين، وتقصيره في تقديم النصيحة القانونية لإدارة النادي، وتوجيههم لأخذ الموافقات الرسمية قبل البدء في حملة التبرعات العامة.

أخلص إلى القول، إن تطبيق الأندية السعودية لنظام الاحتراف، لم يساعدها بتحقيق الاحترافية في تعاملاتها المالية، ومعرفتها القانونية بالأنظمة والإجراءات الرسمية في القطاع المالي، ما تسبب في مواجهتها لبعض الإجراءات والعقوبات التي قد تشل حركتها المالية مستقبلاً.

ما يحدث في الأندية هو امتداد لما يحدث في المؤسسة الرياضية بشكل عام.. ما زال الجانب المالي الأكثر ضبابية في قطاعاتنا الرياضية، وهو أمر قد يعرضها لعقوبات دولية بخلاف العقوبات المحلية.. احترافية الأندية والمؤسسة الرياضية يجب أن تبدأ بالقطاع المالي الذي يمثّل قاعدة البناء لا رأس الهرم.

f.albuainain@hotmail.com

 
مقالات أخرى للكاتب