Saturday 05/10/2013 Issue 14982 السبت 29 ذو الحجة 1434 العدد
05-10-2013

متسولون أم لصوص؟

معظمنا حينما يتوقف عند إشارة المرور، يفتح زجاج نافذته ويمنح تلك المتسولة الشابة، أو الطفلة، ريالاً أو خمسة ريالات، بل إن هناك من يضع في درج السيارة كل ما تبقى في جيبه من الفئات الصغيرة من العملة (ريال، خمسة) كي يمنحها للمتسولين عند الإشارات المرورية، وعند الأسواق التجارية، والمساجد أيضاً.

الأمر لم يعد خفياً، والمهنة التي تدر ذهباً، خلقت العديد من الحيل والأكاذيب، كعمال النظافة الذين يطوفون ببراءة حول أبواب المنازل، ومواقف السيارات، كي يصطادون عابراً، ويمنحهم المقسوم، هذا الأمر جذب مهندسين وافدين، وأصحاب مهن ووظائف رفيعة، ليعملوا خارج دوام، ببدل عمال نظافة مزورة، فقد اكتشفوا أن هذه المهنة تمنحهم ثروة سريعة، ودون عناء، وأفضل مما يحصلون عليه من شركاتهم المشغّلة!

ولم يعد هذا الأمر يرتبط بتشويه المدينة بانتشار المتسولين، رغم أهمية هذا الأمر، بل أصبح يمثل انتشار هؤلاء خطورة في الجرائم المنظمة، لأن الهدف هو كسب المال بمختلف الطرق، كالسرقة مثلاً، بخلاف المضايقات الأخرى التي يعرفها الجميع، كوقوف المتسول أمام المصلين حالما ينتهي الإمام من صلاته، والتشويش على المستغفرين، واعتراض طريق الخروج من بوابات الجوامع وغير ذلك.

ولعل التشويه اليومي للمدينة، وتعطيل العبور، امتد حتى إلى المركبات، سواء من قبل المتسولين عند الإشارات، أو من قبل الباعة، الذين ينصبون سياراتهم في الشوارع الرئيسة، ويفترشون الإسفلت بصناديق الخضار والفواكه، دون أن تتدخل الأمانة في ملاحقة هؤلاء ومعاقبتهم، أو تنظيمهم بوضع مواقع مخصصة للباعة الذين لا يمتلكون محال لبيع بضائعهم.

هؤلاء الذين تقاسموا الإشارات المرورية، ومداخل الجوامع، والأسواق التجارية، من المسؤول عنهم؟ من يمكن أن يوقف هذه الظاهرة غير الحضارية؟ هل وزارة الشؤون الاجتماعية، أم جهات أخرى كالشرطة، والجوازات، والمجاهدين، والمرور، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوة المهمات، و... و...؟ أم هذه الجهات مجتمعة؟ أم أن كل جهة ترمي بالمهمة على الجهة الأخرى، وتتهمها بالتقصير؟.

هؤلاء المنتشرون في المدن الكبرى، مثل الرياض، ومكة، وجدة، يكسب الواحد منهم شهرياً ما يزيد على خمسين ألفاً، حتى أصبحت إدارتهم تتم بواسطة عصابات منظمة، تقوم بالاتفاق بينها بتوزيع المناطق التي يكثر فيها المواطنون، فلكل عصابة منطقتها، ولا تتداخل مع مناطق الآخرين، وهم يعملون في وضح النهار، وأمام أعين الجهات الأمنية، دون أن يحرك أحد ساكناً، ودون أن يتناقص هؤلاء، بل هم في تزايد وانتشار مستمر!.

حتى وإن اتفقنا أن المواطن هو سر القضاء على هذه الظاهرة، بأن يمنح سذاجته الفطرية إجازة دائمة، ويكف عن منح هؤلاء المال، إلا أن مكافحة التسول عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية هي الطريقة المثلى، شرط ألا يقتصر ذلك على حملة لمدة أسبوع، ثم النوم لمدة سنة كاملة، فهذا لن يفيد في القضاء على هذه الظاهرة المعيبة!.

 
مقالات أخرى للكاتب