Saturday 05/10/2013 Issue 14982 السبت 29 ذو الحجة 1434 العدد
05-10-2013

حجة الآخر (... عطني نص)

كثيراً ما تفرز بعض المجالس الحوارية عدداً من حلقات النقاش التي تدور حول قضايا اجتماعية - في الغالب - وصلتها بالجانب الشرعي، وهذا النوع من الحوار مفيد جداً ولاسيما مع تفاوت الثقافات وتعدد الاتجاهات العلمية.

وقد كشفت تلك الحوارات عدداً من التوجهات لدى طائفة من أصحاب التخصصات غير الشرعية، وهذه طبيعة كل من يناقش في موضوع خارج عن تخصصه، ولكن الفائدة تكمن في تلاقح الأفكار واستفادة بعضهم من بعض، وهذه غاية مهمة وهدف نبيل حتى لا ينفض الاجتماع دون جدوى.

ومن أهم الدروس المستفادة من هذا الحوار: أن الطرف الآخر (غير الشرعي) مع كونه يدعي المرونة الشرعية والسماحة إلا أنه لا يقبل إلا الحجة النصية من كتاب أو سنة، وما عدا ذلك لا يأخذ به ويبقى على رأيه دون اعتبار للأدلة الشرعية الأخرى كالإجماع والقياس الصحيح وأقوال الصحابة والاجتهاد فيما لا نص فيه. ويقول : (المجمعون والمجتهدون بشر مثلنا ليس لهم عصمة ولا يلزمني قبول قولهم وإنا مثلهم لي حق مخالفتهم ، والإجماع إذا وجد رأي يخالفه في العصر الحاضر انتقض).

هذا في نظري كلام خطير جداً، يؤكد ضرورة تدريس الفقه والقواعد الفقهية وأصول الفقه في جميع التخصصات العلمية، حتى يجتمع الرأي على حد سواء ويقل الخلاف والجدال في المسائل العلمية الشرعية، وكذلك يؤكد إقامة عدد من الدورات الشرعية في الفقه وأصوله للمتخصصين في العلوم الأخرى، حتى يعلم أن مرونة الشريعة وسماحتها تكمن في تعدد مصادرها المتفق عليها والراجح منها، وأن حصر الدليل في آية أو حديث تضييق، وقد أقر النبي- صلى الله عليه وسلم- الصحابي لما قال له : فإن لم تجد فيهما قال : أجتهد رأيي . وأسقط عمر رضي الله عنه حد السرقة في عام المجاعة مع أن النصوص الشرعية توجب القطع دون استثناء.

ما أحوجنا إلى فهم شريعتنا ذات الشمول والكمال الصالحة لكل زمان ومكان، وأكرر ضرورة تعلم علم الفقه وأصوله والقواعد الفقهية في جميع التخصصات العلمية حتى لا تتسع دائرة الخلاف.

dr-alhomoud@hotmail.com

الاستاذ بالمعهد العالي للقضاء وعضو مجلس الامناء في الجامعة الاسلامية العالمية في بنغلادش

 
مقالات أخرى للكاتب