Sunday 06/10/2013 Issue 14983 الأحد 01 ذو الحجة 1434 العدد
06-10-2013

غياب الإبداع يولد الإحباط واليأس

أي قضية مستعصية تحتاج إلى حلول إبداعية، وما يواجهه كثير من أولياء الأمور مع وزارة التربية والتعليم حول قبول أبنائهم بالمدارس تبدو اليوم مشكلة مستعصية على الحلول، وقد آن مواجهتها بأفكار لإيجاد حل لها.

إنّ خطط التنمية المستمرة منذ العام 1970م أظهرت قصوراً في مواكبة النمو السكاني واحتياجاته، وظهر ذلك واضحاً وجلياً في كثير من الأجهزة الخدمية من خلال استمرار العجز في الاستيعاب لاحتياجات المواطنين، برغم أنّ النمو في التوسعة والإنشاء لم تتوقف، بل إنّ وتيرة العمل تشهد - خاصة في وقتنا الحاضر - كثافة وسرعة لم نعتدها من قبل، ومع هذا فإنّ تباطؤ حركة النمو الخدمي في أوقات سابقة مع تصاعد النمو السكاني واحتياجاته، وربما عقد المشاكل والقضايا وصعب بالتالي الحلول، فأصبحت حركة النمو في المسارين متباعدتين بشكل مخيف، ولو أخذنا المرفق التعليمي كمثال، فسنجد أنه من أسهل المرافق القابلة للتصحيح والإصلاح بشكل أسرع من غيره، فهو مرفق يرتكز على ثلاث قواعد هي: المنهج والمعلم والمدرسة، وهذه في الواقع لا تحتاج إلاّ لجرأة وإبداع في المعالجة بتوفُّر المتطلّبات مادياً وبشرياً، لو لا أنّ ما صرح به الأستاذ محمد الدخيني المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم لـ “الاقتصادية” في العدد رقم 7284 وتاريخ 20-9-2013م في تعليق على حادثة محاولة أحد المواطنين الانتحار في مبنى إدارة التربية والتعليم بمنطقة الرياض، كترجمة لحالة اليأس التي وصل إليها، بعد أن تعبت خطاه وجهوده لتسجيل ابنته دون أن يجد من يهتم، ونقلاً عن جريدة “ الاقتصادية “ صرح قائلاً : إنه ليس من حق أي مواطن اختيار المدرسة التي يرغب في تسجيل أبنائه فيها، مشيراً إلى أنّ المدارس الحكومية ليست مجبرة على قبول الطلاب الذين يسكنون بالقرب منها، لأنّ بعضها يكون قد استوفى بالفعل الطاقة الاستيعابية لها، وليس بمقدورها قبول أعداد كبيرة من الطلاب، لضمان جودة العملية التربوية.

والحق أنّ ضمان جودة العملية التربوية، تحتاج إلى عقول واعية ومدركة وسابقة لواقعها لتأمين حاجاتها المستقبلية، وما صرح به الأستاذ الدخيني لا يشير إلى شيء من هذا، بل هو أشبه بصوت من غص بريق حلقه، وإلاّ فإنّ حق المواطن في اختيار المدرسة التي يرغب في تسجيل أبنائه فيها، خاصة إذا كانت قريبة من سكنه ليس تجاوزاً ولا إثماً، بل حقٌّ طبيعي تجيّر مسئولية عدم تحقيقه لتلك العقول التي تديره، ويظهر عجزها عن امتلاك الخيال الخصب لإدارة المشاكل والمعوّقات التي تنزع مثل هذا الحق، بل إنها من جانب آخر توفر المنفذ المرن للمتاجرة بالعملية التربوية من جهة وتسريب الأمية للعاجزين عن الدفع، ثم إنّ المدارس الحكومية يفترض أن تكون ملزمة، وليست كما قال غير مجبرة على قبول الطلاب الذين يسكنون بالقرب منها، معللاً ذلك بأنّ بعضها قد يكون استوفى بالفعل الطاقة الاستيعابية لها, وهو كلام يتنافى وإلزامية التعليم، وهو بكل آسف يبدو تبريراً غير مقنع.

إذا كانت المشكلة هي زيادة في أعداد المتقدمين للتعليم على ضعف وفرة المدارس، فإنّ هذه المدارس وهي مبانٍ جامدة لن ترفض دخول الطلاب والطالبات على فترتين في اليوم الواحد لتصبح مدرستين في مدرسة، وإن كان العجز في وفرة المعلمين والمعلمات، فإنّ طوابير الانتظار للمؤهلين والمؤهلات لا تخطئه العين، وإن برّر بعجز الموازنة للوزارة أو عدم الرغبة في توسيع الالتزامات المالية، فموازنة وزارة التربية والتعليم تحظى بأرقام غنية جداً، وإن كان منعاً لزيادة أعداد الموظفين وتحميل الموازنة العامة في هذا الجانب أكبر من النسب المقبولة، فإنّ المشكلة ليست في النظرية النسبية ولا نمو الحاجة، ولكنها في عدم واقعية الرسم الاستراتيجي لخطط التنمية.

إذن على ماذا يحمل المواطن مسئولية إخفاق هذه الجهة أو تلك في استيعاب الرؤية المستقبلية الصحيحة؟ ولماذا وصل الحال بهذا المواطن إلى مرحلة اليأس والتفكير حتى بالانتحار في مبنى إدارة التربية والتعليم، وضَع خطين تحت “ التربية “، ولماذا يراد لنا أن نتجاوز هذه الحالة وإن كانت نادرة جداً بالتأكيد، ولكنها عنوان لما تحت الصّمت والإحباط، وأخيراً متى يعي المسئول أنه وُضع ليصنع الحلول، وليس فقط لتسيير الأمور في الهواء البارد.

Hassan-Alyemni@hotmail.com

Twitter: @HassanAlyemni

 
مقالات أخرى للكاتب