Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

جازان الأرض والإنسان (2)

أشرت في المقال السابق إلى أن جازان للتو اكتشفناها وأنها تفوقت على نفسها، وبأن انطلاقتها التنموية بدأت عام 1421هـ/ 2000م، وبعد زيارة الملك عبدالله لها حين أصيبت المنطقة بمرض حمى الوادي المتصدع، وهي زيارة مفصلية غيَّرت وجه جازان، تدفقت لها المشروعات التنموية: المدينة الجامعية والمدينة الاقتصادية والمصفاة ومشروعات أرامكو.

في حفل جامعة جازان بمناسبة اليوم الوطني تحول مسرح الجامعة المؤقت إلى أعراس وطنية، نثر شباب جازان كل أزاهيرهم ومشاعرهم وورودهم على أرض الجامعة، معبرين عن أنفسهم وحبهم لوطنهم، تجردوا من القيود الأكاديمية وأطلقوا من حناجرهم وحنايا ضلوعهم أغنيات استمدوها من حقولهم ومن ملح بحرهم الأحمر، استمدوها من حبات المطر والرياح الموسمية التي تهب من بحر العرب, واستمدوها من حرات جازان: أبو عريش والقمة وعكوة. ومن جبال: فيفا والعريف والشديد والحشر والقهر وقيس والعبادل وسلا. ومن أودية: ضمد وعتود وجازان وخلب وتعشر وبيش. ومن كل جزرها: فرسان وأبو الشوك وكيرة وأبو حمد وسجيد ودوشك وشورة.

هؤلاء الطلبة الذين أداروا حفل الجامعة هم من تخصصات مختلفة من كلية الطب والهندسة والصيدلة والعلوم الطبية جاءوا ليعبروا عن حبهم لوطنهم وانتمائهم لهذه الأرض وحب القيادة التي غيرت جازان، وقدموا لها الإمكانات المالية والإدارية.

بعد أن افتتح أمير المنطقة الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز معرض الفنون التشكيلية اتجه إلى مسرح الجامعة، وكنت أراقبه وهو يحاذي ساحة الاحتفال، حيث اصطف الطلاب وهم مجموعات من طلاب الطب والهندسة والعلوم والإدارة يمثلون جماعة التراث والفولكلور موشحين بـ(شالات) شعار المملكة والأزياء التقليدية المتنوعة، وتأبطوا الأسلحة البيضاء للرقص وإيماءات الجسد، والأمير يمر بهم وصوت راشد الماجد: يا سلامي عليكم يا السعودية/ يا ديار الشيم يا دار الأوطاني. بكل إيقاعاتها الراقصة فتدافع الراقصون والعارضون بكل انسجام وصوت الوطن يملأ المكان يلعبون بالسيوف والخناجر بكل اقتدار عندها قلت في نفسي هل الأمير محمد سيجتاز الساحة مرورا للوصول إلى المسرح أم يتوقف لملاقاة الراقصين.

بالتأكيد إن هذا المشهد لابد من الوقوف له لأنه صورة احتفالية رسمها طلاب جازان وبشكل ملحمي أجبرت الأمير محمد حبا وطواعية ومن معه من الوفود على الوقوف والتناغم مع روح الشباب تلك الأنفاس التي تنبض بحب وطنها, صورة عاطفية وحنان متدفق يصعب اصطيادها هي مثل أمطار جازان تأتي بلا موعد, تأتي في كل فصول السنة تمطر في الظهيرات وفي (عسعست) الليل وأنفاس الصباح.

الأمير محمد بن ناصر أطال الوقوف أمام الشباب وهم يشعلون حنينهم وحبهم لهذا الوطن محتفلين حبا وولاء بما تم إنجازه من المدينة الجامعية التي حفظت لهم (كرامتهم) التعليمية لأن أجيالا من آبائهم عاشوا بعيدا عن جازان في مدن المملكة لإكمال دراستهم الجامعية, وهم اليوم يشهدون بناء (24) كلية ومستشفى وفندقا وسكنا بكل مرافقها، يشهدون المدينة الجامعية وهي تزرع على أطراف بحر جازان.

شباب جازان الجامعي يرسم صورة إيجابية عن أبنائنا المطعمين والمخضبين بالحماس والروح الوطنية ذات الطموح العلمي والمتطلعة إلى إيجاد واقع معيشي جديد.

 
مقالات أخرى للكاتب